بدأت الجمعة عملية تبادل مئات الأسرى بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا تشمل سعوديين وسودانيين، في خطوة جديدة ضمن مسار استكمال بلوغ توافق لإحلال السلم ووضع حد للنزاع الدامي الذي خلف أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بـ”الأسوأ” في العالم. حول تفاصيل هذه العملية وعدد المستفيدين منها يكشف ماجد فضائل، المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي في مفاوضات الأسرى والمختطفين وعضو الوفد المفاوض، ووكيل وزارة حقوق الإنسان لفرانس24 في مقابلة كشف من خلالها تفاصيل عن هذه المفاوضات.
هل لديكم إحصائيات حول عدد الأسرى من القوات الحكومية، وأيضاً المدنيين؟
الأعداد ليست ثابتة ولكنها متغيرة باستمرار، غير أن حقيقة عدد أسرى الحكومة عند “المتمردين” الحوثيين ليس كبيرا وأغلب من نطالب بهم هم مختطفون مدنيون تم اختطافهم من بيوتهم أو من مقرات عملهم أو من الطرق، عموما نقدر أن عند ميليشيات الحوثي أكثر من 2000 مختطف مدني والمئات من أسرى الجبهات من الجيش الوطني.
كان هناك حديث في وسائل الإعلام عن مسؤولين كبار ستشملهم عملية التبادل، من هم؟
سيتم الإفراج في هذه العملية عن إجمالي أكثر من 887 أسير ومختطف هذا الرقم تم الإعلان عنه مسبقا.
نذكر أن ما يتم هو ليس عملية إطلاق سراح المعتقلين والمختطفين والأسرى، إنما هو عملية مقايضة ومبادلة، أي عملية تبادل إما واحد مقابل واحد، أو واحد مقابل مائة، أو ربما أكثر أو أقل.
يجب التوضيح أيضا أن هذا الاتفاق ليس جديدا أو وليد اللحظة بل هو آلية تنفيذية لاتفاق موقع سابقا في شهر مارس من العام الماضي، وقد كان الاتفاق يتحدث عن 2223 شخصي معني. تم التوافق في هذه الجولة على تنفيذ جزء منه بعدد 887 محتجز موزعين كالتالي 600 (أسير حوثي) مقابل 23 (19 من التحالف العربي بينهم 16 سعودي و3 سودانين، اللواء ناصر منصور شقيق الرئيس السابق واللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع السابق، وعفاش طارق قم محمد صالح نجل وشقيق نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح)، بالإضافة إلى 157 أسير ومختطف لصالح الحكومة الشرعية (بينهم أربعة صحافيين محكوم عليهم بالإعدام وعدد آخر من المحاكمين والقادة العسكريين والمدنيين) مقابل 107 أسير من الحوثيين.
قد تحصل بعض التعديلات في واحد أو اثنين يتم الاتفاق عليها وقت التبادل وهناك أيضا جثتان من كل طرف تم التوقيع على تبادلهما في الاتفاق وتمت مبادلتهما الخميس برا.
هل ترجحون أن تفتح عملية اليوم الطريق مستقبلا أمام اتفاقات تبادل أخرى؟
سيكون أسهل بكثير من العمليات السابقة وخاصة بعد الانتهاء من العملية الحالية بنجاح، وهذا ما نتمناه ونعمل عليه إذ ستكون هناك مبادرات إطلاق سراح من الأطراف بشكل منفرد دون أي شروط للتبادل وإنما كمبادرات حسن نوايا، وستكون هناك جولة تفاوض مقررة وموقع عليها في 15 أيار/مايو القادم يسبقها بأسبوعين زيارات متبادلة من الأطراف لكل المعتقلات والسجون دون استثناء، وعلى رأسهم الذين تبقوا من الثلاثة المشمولين بقرار مجلس الأمن، وهم اللواء محمد الصبيحي والأستاذ محمد قحطان الذي لم يتم الإفصاح عن حالته منذ سنوات حتى اللحظة، بالإضافة إلى اللواء فيصل رجب.
ماذا عن ملف من تصفونهم بالمخفين قسرا من الأسرى والمختطفين الذين لا يعرف مصيرهم؟
اتُّفق سابقا على أن لجنة من الأطراف كلها ستشكل وستتم إحالة ملفات المخفيين قسرا والمفقودين إليها، وستكون مسؤولة عن البحث والتدقيق حولهم وتعمل بالتوازي والتعاون مع اللجنة المعنية بالجثامين والرفات، لكن حتى اللحظة لم تشكل هذه اللجان.
هل اتفقتم على آليات محددة لفحص الجثث والرفات قصد التعرف على هوياتها؟
هناك لجان وفرق محلية تعمل حول الموضوع، ولكنها منظمات مجتمع مدني تطوعية تعمل بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولا توجد حتى الآن أي لجان رسمية بهذا الخصوص ولكن هناك اتفاق على ضرورة تشكيلهم.
أين وصلت المفاوضات بشأن ملف تبادل الجثث؟
لا يوجد هناك تفاوض مستقل وخاص بهذا الشأن ولكن هناك جهود تذللها الوساطة المحلية لتبادل الجثث بين الحين والأخر.
ما هي أبرز العراقيل التي أخرت عملية تبادل الأسرى؟
هناك الكثير من العراقيل مثل استغلال الحوثيين لهذا الملف الإنساني لغرض المزايدة الإعلامية والسياسية، أيضا كان هناك الكثير من العراقيل والمطبات التي يضعها الحوثيون، ومثال ذلك أنهم يكررون طلب إطلاق سراح أسرى ليس لهم وجود، أو قد يكونون قد قتلوا في الميدان. وأيضا يصرون بشكل مستمر على رفض إطلاق سراح الصحافيين بل ويصرون على تجاهلهم وعدم مبادلتهم بل ومحاكمتهم وهو ما لا يمكن القبول به لما يشكلونه من ضغط شعبي وإعلامي كبير على الحكومة وقيادتها على كافة المستويات، ولكن في هذه الجولة تمت الموافقة على مبادلتهم وإطلاق سراحهم، بالإضافة إلى تعنتهم في الإفراج عن الأكاديميين والجرحى وكبار السن وهم بالنسبة لنا أولوية. أيضا، إنكار الحوثيين لكثير من أسراهم وعدم قبولهم وتركيزهم على أسماء بعينها لأشخاص ينتمون إلى أسر سلالية محددة او قبائل كبيرة ذات بعد مصلحي تخدمهم في الحشد بل قد ينكرونهم أحيانا لأن الأسماء لا تتطابق مع قاعدة بياناتهم والسبب أن أغلب الأسرى يغيرون أسماءهم أثناء أسرهم وهو ما يسبب تحديات كبيرة. وهنا تأتي أهمية الزيارات لتجاوز هذه التحديات.
كيف أثر استئناف العلاقات السعودية الإيرانية على ملف الأسرى؟
ملف الأسرى والمختطفين ملف إنساني مهم جدا وهو أحد الملفات الأساسية في عملية التفاوض والمشاورات منذ انطلاقها مع ميليشيات الحوثي الانقلابية ويمثل أحد أهم ملفات بناء الثقة وعلى الرغم من أنه ملف إنساني إلا أنه مرتبط ارتبطا وثيقا بالملف السياسي برمته ويؤثر علية ويتأثر به إيجابا وسلبا، والملف كان حاضرا في كل جولات التفاوض والمشاورات السياسية (الكويت – جنيف – ستوكهولم ) ومر الملف بجولات من التفاوض بشكل منفرد فبعد التوقيع على الآلية التنفيذية للتبادل في مشاورات ستوكهولم مر الملف بنحو 7 جولات تفاوضية برعاية ورئاسة مشتركة من مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، منها 5 جولات مختلفة في الأردن بعمان وجولتان في سويسرا أولها في منترو كانت ناجحة وقد عقدت بتاريخ 17-25 أيلول/سبتمبر 2020 إذ تم تبادل 1100 أسير ومختطف خلالها تقريبا والثانية هي هذه الجولة الأخيرة في برن والتي كانت من 10 إلى 20 آذار/مارس 2023، وكما قلت فإن الاتفاق الموقع في الجولة هذه هو اتفاق على آلية تنفيذية لتنفيذ اتفاق وقع منذ مارس العام الماضي بعدد 2223 أسير ومختطف، وهذه الآلية لتنفيذ جزء بعدد 887 أسير ومختطف.
وحقيقة الأمر أن المتغيرات السياسية على كافة المستويات تؤثر في هذا الملف، وقد كان سبب نجاح هذه الجولة من المفاوضات تظافر الجهود وتعامل الوفد الحكومي مع المفاوضات بمسؤولية والتزام عاليين، بناء على توجيهات القيادة السياسية ممثلة برئاسة مجلس القيادي الرئاسي، وقد كان هناك دور من ممثلي التحالف العربي مهم في تقريب وجهات النظر بيننا وبين وفد الحوثيين في الاجتماعات البينية التي كانت تجري بشكل منفرد ولفترات طويلة دون مشاركة مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وما يتم التوافق عليه نقوم بتثبيته خلال الاجتماعات المباشرة بوجود الرئاسة المشتركة.
ما هي تفاصيل الوساطة العمانية وما دور الإمارات في المفاوضات الجارية؟ وهل لدول خليجية أخرى دون عُمان والسعودية دور في مسلسل التهدئة؟
الإمارات وعُمان تعملان مع المملكة العربية السعودية ضمن رؤية شاملة تجسدت في مبادرة الأشقاء في السعودية لإحلال السلام باليمن والتي تم تبنيها تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي الذي قام برعاية المشاورات اليمنية اليمنية العام الماضي والتي تمخض عنها إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.