تعليم الطفل تناول الطعام بمفرده يعدّ من أكثر المهارات الحياتية أهمية التي يجب الاهتمام بها؛ فهي لا تخفف العبء على الآباء فقط، بل هي خطوة أساسية تساعد الطفل على زيادة ثقته بنفسه، وتحفزه على تنمية استقلاليته، وقد يبدو الأمر في البداية معقداً ومليئاً بالتحديات، إلا أن اتباع خطوات مدروسة وتوجيهات عملية يجعل الانتقال أكثر سهولة وسلاسة.
اللقاء وخبيرة قواعد وأصول التعامل- الإتيكيت- ماجدة يوسف التي تعرفنا بأهمية تعليم الطفل تناول الطعام وحده أولاً، ومتى تبدأ؟ وطرق التعامل مع الطفل، بجانب شرح بعض التحديات التي تواجه الآباء لإتمام العملية بسلام.
أهمية تعليم الطفل تناول الطعام بمفرده
عندما يعتمد الطفل على نفسه في تناول الطعام ، فهو لا يكتسب مهارة اجتماعية فحسب، بل يتعلم أيضاً الانضباط الذاتي وتنظيم الوقت، فهذا النشاط اليومي يعزز نموه الحسي والعقلي؛ إذ يبدأ بفهم أن هناك أوقات محددة لتناول الطعام، وأن الأمر يتطلب تركيزاً وجهداً، كما يساهم تناول الطعام المستقل في تعزيز مهارات الطفل الحركية الدقيقة، مثل مسك الأدوات وتوفيق الحركات بدقة بين اليد والفم.
السن المناسبة لتعليم الطفل أصول تناول الطعام
تحديد العمر ليبدأ الطفل بتعلم تناول الطعام بمفرده يعتمد إلى حد كبير على تطور نمو الطفل الفردي، فعادة ما يبدأ الطفل في إظهار رغبته في الاعتماد على نفسه، مثل محاولته حمل الملعقة أو الإمساك بالطعام بأصابعه.
الإجابة داخل التقرير: كيف تتعاملين مع أعراض طفرات النمو ؟
في عمر العشرة أشهر إلى عام
يمكن أن يتم تعليم الطفل أصول تناول الطعام، حيث يمكن أن يتعلم الإمساك بالملعقة، ولا يسمح باستعماله الشوكة والسكينة إلا بعد إتقان استعمالهما.
في عمر العامين
يمكنه الأكل بمفرده مع مراقبة أدائه حتى لا يؤذي نفسه، وحتى نتأكدي من أنه لا يقوم بملء الملعقة بشكل كبير، أو أنه يدخل الملعقة كاملة في فمه فيؤذي حنجرته، وحتى لا يعتمد هذه الطريقة الخاطئة المؤذية في الأكل أيضًا.
في عمر أل 4 سنوات
يمكنه استعمال الشوكة والسكينة المصنوعة خصيصاً للأطفال، بعد ذلك لابد أن يتأقلم على أنه لا يصح الجلوس على السفرة إلا إذا قام بغسل يديه الاثنتين ودخول الحمام، وعلميه أيضاً أنه لا يصح الجلوس على السفرة إلا إذا جلس الكبار أو أصحاب المنزل إذا كنا بعزومة، ومن ثم يمكنه الجلوس والبدء بالطعام بعدهم.
خطوات لمساعدة الطفل على تناول الطعام بمفرده
اختيار الأدوات المناسبة: أول خطوة في مساعدة الطفل على تناول الطعام بمفرده هي تقديم أدوات طعام مناسبة لعمره، إذ يفضل استخدام أدوات طعام خفيفة الوزن وبأحجام صغيرة تتناسب مع يده الصغيرة، ومن الأفضل أن تكون الملاعق مصنوعة من البلاستيك؛ لأنها ناعمة وآمنة لأسنان وحلق الطفل. البدء بتقديم الطعام الأصبع: للبدء في تعليم الطفل تناول الطعام بمفرده، من الجيد تقديم الأطعمة التي يمكن للطفل حملها بسهولة بأصابعه؛ مثل قطع صغيرة من الفاكهة أو الخضروات المسلوقة، ويعتبر هذا الأسلوب مهماً؛ لأنه يتيح للطفل التحكم في طعامه ويمنحه الثقة في النفس والاعتماد عليها. التشجيع على التجربة والممارسة: قد يبدو الأمر في البداية وكأنه مهمة مستحيلة، إذ غالباً ما يسقط الطعام أو يكون الطفل غير دقيق في استخدام الملعقة أو الشوكة، وهنا عليك التحلي بالصبر وتشجيع الطفل على المحاولة مراراً وتكراراً، كما يمكن استخدام عبارات تشجيعية مثل “أنت تقوم بعمل رائع!” وذلك لتعزيز ثقته بنفسه. التعلم من خلال التقليد: كثيراً ما يتعلم الأطفال من خلال مراقبة الآخرين، لذا حاولي تناول الطعام أمام طفلك واستخدام أدوات الطعام بشكل صحيح؛ حتى يتمكن من تقليدك، كما يمكنك مشاركته تناول الطعام بنفس الأدوات وبنفس الطريقة، ما يجعله يشعر بأنه جزء من الروتين العائلي، فيزداد ثقة بنفسه. تنظيم جدول وجبات منتظم: من المهم جداً أن يتم تحديد أوقات منتظمة للوجبات، حيث سيتعلم الطفل من خلال الروتين أن هناك أوقاتاً محددة لتناول الطعام، وهذا الجدول المنتظم يساعد الطفل على تطوير شعوره بالمسؤولية حول الأكل والمشاركة في تلك الأوقات، خاصة لو كان يجلس بكرسي الطعام بجانبهم.
كيفية التعامل مع التحديات المختلفة
لا يخلو تعليم الطفل تناول الطعام بمفرده من تحديات ومشاكل، فهناك بعض العقبات التي قد تواجه الآباء خلال هذه المرحلة، ولكن من المهم أن يتم التعامل معها بحكمة وصبر.
الفوضى وعدم التنظيم
في بداية المرحلة، قد يسبب الطفل الكثير من الفوضى عند محاولة تناول الطعام بمفرده، ستجدين أن الطعام يتناثر على الطاولة وعلى المفارش بالأرض، وربما حتى على ملابس الطفل، في هذه الحالة يمكن استخدام مفرش حماية على الطاولة أو وضع صحائف واقية تحت الكرسي، و من المهم أيضاً عدم توبيخ الطفل بسبب الفوضى، فالفوضى جزء طبيعي من التعلم.
الانتقائية في الأكل
مشكلة أخرى خطيرة ستواجهك، فهناك بعض الأطفال يفضلون تناول أنواع معينة من الطعام ويرفضون وبإصرار تجربة أطعمة جديدة، وللتغلب على هذه المشكلة، يمكن تقديم الأطعمة الجديدة بشكل تدريجي، ويفضل أن تكون بجانب الأطعمة التي يحبها الطفل بالفعل، ولكن لا تحاولي إجبار الطفل على تناول شيء معين، بل اجعلي التجربة مرحة وشاركيه.
فقدان الاهتمام بالأكل
في بعض الأحيان، قد يفقد الطفل الاهتمام بتناول الطعام بسبب الانشغال بالتلفاز أو الألعاب، لذا من الضروري خلق بيئة هادئة ومخصصة لتناول الطعام، وحاولي تجنب وجود أجهزة إلكترونية أثناء الوجبات، وتأكدي من أن الطفل يفهم أن وقت الطعام مخصص للأكل فقط.
دور البيئة الأسرية في تعزيز الاستقلالية
البيئة التي ينشأ فيها الطفل تلعب دوراً كبيراً في تعليمه تناول الطعام بمفرده، وما يحفزه لهذه الخطوة، إذا كان أفراد الأسرة يتناولون وجباتهم معاً ويشاركون الطفل تلك اللحظات، هنا سيشعر الطفل بالحافز لتقليد سلوكهم، إضافة إلى أهمية الدعم من جميع أفراد الأسرة لتشجيع الطفل على المحاولة والاستمرار
المكافآت والاحتفال بالتقدم: مع تشجيع ودعم الطفل على تناول الطعام بمفرده يمكن استخدام المكافآت العاطفية مثل العناق أو كلمات التشجيع والاحتفال بتقدمه، يمكنك أيضاً إشراكه في تحضير الوجبات البسيطة مثل غسل الخضروات أو تحضير الأدوات، ما يعزز شعوره بالمسؤولية والإنجاز.
أهمية الصبر والاستمرارية: تعليم الطفل تناول الطعام بمفرده لا يتم بين ليلة وضحاها، ولكنها تستمر بالصبر والمثابرة، والمعروف أن كل طفل يتعلم بشكل مختلف، ويتطور وفقاً لسرعته الخاصة؛ فالبعض يحتاج إلى وقت أطول من غيرهم لتطوير هذه المهارة. من المهم أن تستمري في تشجيعه دون إظهار أي ضغوطات أو توقعات مبالغ فيها.
*ملاحظة قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.