الفضفضة

د.مايا الهواري

الحياة مزيج من اليسر والعسر، ينصهران في بوتقة واحدة ليشكّلا سيرورتها، ويعيشها الإنسان بحلوها ومرّها، فيمر بظروف عائليّة سهلة بسيطة وأخرى صعبة، هذه الظّروف الصّعبة إذا تطوّرت حالتها تؤول الحالة النّفسيّة نحو السّلبيّة، ويصبح المزاج سيّئاً، وتدخل المشاكل هذه النّفوس، ومنها للبيوت، لتتحكّم بقرارات أفرادها وتجعلهم غير قادرين على اتّخاذ القرارات الصّحيحة، وخاصّة المصيريّة منها، كقرارات الارتباط والزّواج، إذ يتسلّل الخوف داخلها ويقف عائقاً أمام المرء يحول دون اتّخاذه القرار السّليم، وشعور الخوف هذا لا يأتي عبثاً إلّا إذا مرّ الإنسان بأمور وظروف لها علاقة بهذا الخوف، وأيضاً قد يكون تدخّل الأهل في هذا القرار مشوّشاً لصاحبه، فيبدي كلّ فرد رأيه، وتبدأ الاختلافات والانتقادات في ما بينهم، ويبدأ صاحب العلاقة بالدّخول في دوّامة اتّخاذ القرار الصّحيح. إنّ شعور الخوف والغضب والاختلاط والتّداخل في التّفكير عموماً يجعل الإنسان يفكّر بصمت، وبالتّالي قد يكون قراره غير صائب، في هذه الحالة يجب اللجوء إلى أحد الأشخاص ذوي الخبرة والفضفضة له وتفريغ ما بداخله، لأنّ هذا التّفريغ مهم جدّاً وأساسيّ، فعلى سبيل المثال، عندما يقضي الإنسان حاجته البيولوجيّة، فهو بذلك يخرج السّموم من جسمه ليبقى صحيحاً معافى لا يؤذيه، وأيضاً الكلية تقوم بوظيفة التّنظيف وإخراج الشّوائب وتصفيته ممّا يؤذيه، ومن لا يمتلك هذه الكلية السّليمة سيخضع لعملية الغسيل الكلوي للقيام بعملية التّنظيف هذه، وأيضاً البكاء تقوم فيه الدّموع بتنظيف العين من الشّوائب والأوساخ الّتي تعيق الرّؤية، الأمر كذلك ينطبق على الطّاقة داخل الإنسان، إذ يجب القيام بعملية الفضفضة وعدم الكبت حتى يتم إفراغ وإخراج كلّ ما بداخل النّفس وعدم حصره داخلها، فالجسم يكفيه ما فيه، فهو مملوء ولا يحتاج إلى المزيد، فيه الكولسترول والضّغط والسكري والمرارة والقولون والقولون العصبي، كلّ هذه الأمراض يسبّبها الكتمان وعدم تفريغ الشّحنات السّلبيّة، فتأتي الفضفضة وتنظّفه من كلّ هذه الأمور، لأنّها تعمل كسباق الماراثون، يحمل المتسابق على عاتقه اجتياز 100 كم ليأتي أحدهم ويقاسمه 50 كم ويتحمّل هو 50 كم فقط، وعندها سيشعر الشّخص بالرّاحة لتخفيف العبء والحمل عنه.

نستنتج ممّا سبق أنّ الفضفضة أمر ضروري ومهمّ جداً ومساعد لإخراج النّفس من حالة الضّغط والكتمان، مع الانتباه إلى اختيار الشّخص المناسب لهذه الفضفضة، ليكون صاحب ثقة وحكمة وصلاح، وبالتّالي تكون المساعدة بنّاءة، ويستطيع إخراج الشّخص ممّا هو فيه وتبيان الطّريق الصّحيح.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى