لا تزال مدينتا مصدر ونيوم الذكيتان قيد الإنشاء، ويأمل قادة الإماراتي والسعودية في أن يؤدي المشروعين إلى تعزيز مكانة البلدين الخليجيين عالميا في مجال التكنولوجيا الذكية وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط وجذب السياح والمستثمرين الأجانب، في مقابل اتهامات لهما بممارسة “الغسيل الأخضر” للتغطية على تسببهما في تغير المناخ عبر إنتاج النفط والغاز الطبيعي، بحسب سوزان سيكالي، الباحثية في “معهد دول الخليج العربية في واشنطن” (AGSIW).
وأضافت سوزان، في تقرير ترجمه “الخليج الجديد”، أنه “سواء كان الأمر يتعلق ببناء مدينة جديدة (ذكية) من الصفر أو دمج تقنيات جديدة في بيئة حضرية قائمة، فإن نمو التقنيات المتقدمة يمكن أن يؤدي إلى تحسين المكانة الدولية للبلدان عبر مختلف الصناعات”.
ولفتت إلى أن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا، وبالتعاون مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم، أصدر مؤشر المدينة الذكية 2023 (IMD) في 3 أبريل/ نيسان الماضي، وصَّنف أبوظبي ودبي كأذكى مدن في الشرق الأوسط.
وأوضحت سوزان أن “المدن الذكية تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجهود المبذولة لتعزيز الكفاءة التشغيلية، ومشاركة المعلومات مع المواطنين، وتحسين الخدمات الحكومية وجودة الحياة بشكل عام”.
وزادت بأن “مفهوم المدن الذكية موجود منذ السبعينيات، بينما تمت صياغة هذا المصطلح في التسعينيات، لكن كان هناك تركيز متزايد على المدن المتقدمة تقنيا في السنوات الأخيرة”.
وتابعت أنه “في الخليج، يتم تنفيذ أجندات المدن الذكية، التي تركز على الاستدامة على مستويات متعددة: داخل المدن الحالية، وتطوير المدن الفرعية داخل المدن الحالية، وتطوير مدن جديدة في مواقع نائية”.
مصدر.. الإمارات
“في 2008، أعلنت الإمارات عن إطلاق مدينة مصدر، وهو مشروع مدينة ذكية في أبو ظبي بهدف أن تكون المدينة الأكثر استدامة بيئيا في العالم وبمثابة نموذج عالمي للتنمية الحضرية المستدامة”، وفقا لسوزان.
وبينت أنه “بالاعتماد بشكل أساسي على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يتم تزويد مدينة مصدر بالطاقة النظيفة من مزرعة الألواح الشمسية بسعة 10 ميغاواط والتي تم بناؤها بالقرب من المدينة”.
والمدينة مزودة بـ”أنظمة تهوية ورذاذ طبيعية تستخدم لمكافحة حرارة الصحراء، وستكون موطنا لنحو 40 ألف شخص و1500 شركة، ومن المقرر الانتهاء من المشروع في أواخر 2030″، بحسب سوزان.
ومضت قائلة: “وصف منتقدون المدينة بأنها فاشلة، وزعم متشككون آخرون أنه مشروع غسيل أخضر للتغطية على انبعاثات الكربون (المسببة لتغير المناخ) وإنتاج النفط في الإمارات”.
وزادت بأنه “في فبراير/ شباط الماضي، أعلنت المدينة عن مشروع “ذا لينك” (The Link)، وهو مشروع تبلغ مساحته 30 ألف متر مربع وسيستضيف أول منشأة عمل ومعيشة مشتركة في المنطقة خالية من انبعاثات الكربون”.
نيوم.. السعودية
و”مع الآمال في تعزيز مكانة السعودية في صناعة التكنولوجيا المستدامة وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط وجذب السياح والمستثمرين الأجانب، تقوم المملكة ببناء نيوم، وهو مشروع ضخم يهدف إلى إبراز البلاد بين المنافسين الدوليين في مجال الذكاء الاصطناعي”، وفقا لسوزان.
ولفتت إلى أن “ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعلن لأول مرة في 2017 عن المشروع بتكلفة 500 مليار دولار كمدينة مدعومة بالكامل بالطاقة المتجددة حيث يمكن للأفراد العيش والعمل”.
ونيوم تقع في شمال غربي السعودية، عند طرف خليج العقبة على البحر الأحمر، ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع في 2025.
وأردفت سوزان: “تماشيا مع رؤية المملكة 2030، تخطط نيوم لتصبح رائدة عالميا في تحلية المياه والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر وشبكات الطاقة الذكية والذكاء الاصطناعي”.
واستدركت: “لكن على الرغم من مبادرات الطاقة الخضراء التقدمية، تلقت نيوم معارضة من مجموعات مختلفة، مثل قبيلة الحويطات المحلية، التي اتهمت الحكومة السعودية بتهجير أفرادها قسرا لبناء المدينة”.
وزادت: “كما تم اتهام المملكة الغنية بالنفط بـ”الغسيل الأخضر”، حيث ادعى العديد من النقاد أن المشاريع البيئية في السعودية يتم الترويج لها فقط لصرف الانتباه عن قضايا حقوق الإنسان واستمرار إنتاج النفط (المسبب لتغير المناخ)”.
“كما أُثيرت أسئلة بخصوص التطبيق العملي والاستدامة طويلة المدى لنيوم، بالإضافة إلى تأثيرها على الحياة البرية والنظام البيئي الحالي في المنطقة، مما دفع منتقدون إلى الادعاء بأن المشروع سيسبب ضررا أكثر من نفعه”، وفقا لسوزان.
متابعات