حالة من التفاعل اللافت أحدثها منشور للشاعرة والأكاديمية المغربية عائشة بلحاج تحدثت فيه عبر صفحتها على موقع “فيسبوك” عن الأمراض الخفية للمثقفين العرب وما يكتنفها من أحقاد شخصية وحروب مجانية وإزدواجية في التعامل، بحيث يصعب أن يعرف المبدع من يحبه بالفعل أو من يكرهه، على حد تعبيرها.
وقالت بلحاج : “الوسط الثقافي في المغرب ملغوم، لا تعرف أين تدوس فيه، ولا كيف تفسر إشارات المرور.. من هم أصدقاؤك فيه، ومن هم أولئك الذين لا يطيقونك”.
وأضافت: “هؤلاء لا تعرف أصلًا لماذا لا يطيقونك، بل لا تعرف أنهم كذلك، حتى يُخرج أحدهم سكينه في ظهرك”.
وتابعت: “الشيء الوحيد الجميل فيه أن هناك أناسًا يحبونك في صمت أيضًا، وينتظرون الفرصة ليُخرجوا محبتهم كباقة ورد، أو قبس من نور يضيء قلبك”.
وأجمعت تعليقات شعراء وروائيين ونقاد وأكاديميين من مختلف البلاد العربية أن بلحاج نكأت “جرحًا غائرًا” لا يقتصر على بلد بعينه، وإنما يمتد كحالة عامة من المحيط إلى الخليج تقوم على تصور معيب بأن نجاح الآخرين يُنقص بالضرورة من نجاحنا، وأن تحققنا يتطلب بالضرورة فشل المنافسين.
وقال آخرون إن ” المثقف يجب أن يعوّل على الهامش القليل من المحبة وهو يكفي”، فيما أعرب بعضهم عن اعتقاده بأن “التجاهل” هو الحل الأمثل، وأنه ينبغي على المبدع أن يعكف على مشروعه الأدبي، بعيدًا عن رد فعل الآخرين.
وتساءل الناقد والباحث إبراهيم الكراري في مرارة قائلًا: “إذا كان الأمر هكذا أختي عائشة، فلماذا نمتهن الكتابة إذًا ونرغب في ترسيخ القيم الإنسانية ولا نطبقها على أنفسنا؟ إذا كان الأمر كما ترين حربًا، فلنكن ساسة مثل سائر الساسة المبتذلين أو لنمتهن السمسرة البذيئة”.
وعدَّ الكاتب أحمد الويزي أن “أداء العطب” قديم بالوسط الثقافي، ولن يتغير اليوم أو بعده، ما دامت الممارسة الثقافية لا ترتهن لقضايا كبرى تهم الإنسان والمجتمع”.
وأضاف :” الإبداع أصبح مرتهنًا بممارسة إنشائية لأفراد مسكونين بالنرجسية، ويعتقدون أنهم وحدهم يضيؤون البلد على طريقة: (أنا وحدي نضوي لبلاد!)”.
يشار إلى أن عائشة بلحاج من مواليد عام 1980، إقليم الحسيمة وتقيم بطنجة، حاصلة على الدكتوراه في العلوم السياسية، وقدمت العديد من البرامج الثقافية الإذاعية مثل “نوافذ”، “فواصل”، “من فنون الفرجة”.
ومن دواوينها الشعرية “ريح تسرق ظلي”، و”قبلة الماء”، وآخر أعمالها ديوان “ذهبُ أجسادهن”.