سُمع دوى إطلاق نار وانفجارات على المشارف الغربية للعاصمة السودانية الخرطوم اليوم الأربعاء، مما يعني اختراق هدنة وسط انهيار الخدمات الأساسية وشح الإمدادات الغذائية وفتح سجن لإطلاق سراح حلفاء رئيس سابق.
وفي ظل غياب أي دلائل على تهدئة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، قال الجيش إن الرئيس السابق عمر البشير نُقل إلى مستشفى عسكري قبل اندلاع القتال العنيف في 15 أبريل نيسان.
وأضاف أن البشير نُقل من السجن مع خمسة على الأقل من الأعضاء السابقين في نظامه، من بينهم عبد الرحيم محمد حسين المطلوب مع الرئيس السابق لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابهما جرائم حرب وفظائع خلال صراع سابق في إقليم دارفور.
وأصبح مكان تواجد البشير مثار تساؤلات بعدما أعلن الوزير السابق في حكومته علي هارون أمس الثلاثاء أنه غادر سجن كوبر مع مسؤولين سابقين آخرين. وهارون مطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب العشرات من جرائم الحرب.
واحتُجز آلاف المجرمين المدانين، ومن بينهم بعض المحكوم عليهم بالإعدام، في السجن الكبير إلى جانب مسؤولين كبار وصغار من نظام البشير الذي أطيح به قبل أربع سنوات.
وتبادلت السلطات السودانية وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن إطلاق سراح السجناء. وقالت الشرطة إن مسلحين شبه عسكريين اقتحموا خمسة سجون في مطلع الأسبوع وقتلوا عدة حراس وفتحوا البوابات.
وألقت قوات الدعم السريع باللوم على السلطات في السماح لهارون وآخرين بالخروج.
وأدى إطلاق سراح المجرمين المدانين إلى زيادة الشعور بغياب القانون في الخرطوم حيث أبلغ السكان عن زيادة انعدام الأمن وأعمال النهب وانتشار العصابات في الشوارع.
وقالت قوى الحرية والتغيير “هذه الحرب التي أشعلها ويتكسب منها النظام البائد ستقود البلاد إلى الانهيار”. وهذه القوى هي جماعة سياسية تقود خطة مدعومة دوليا لانتقال السودان إلى الحكم المدني لكن اندلاع القتال أدى إلى تقويض الخطة.
ووصل البشير إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989 وأُطيح به في انتفاضة شعبية عام 2019. وبعد ذلك بعامين، تولى الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وبدعم من قوات الدعم السريع السلطة في انقلاب.
واندلع الصراع الحالي بين الجيش وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي لأسباب من بينها الخلافات بشأن مدى سرعة دمج قوات الدعم السريع في الجيش في ظل الانتقال المقرر إلى الحكم المدني.
اتهمت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي البشير بارتكاب إبادة جماعية، كما اتهمت هارون بتنظيم ميليشيات لمهاجمة المدنيين في دارفور في
عامي 2003 و2004. ورفضت المحكمة الجنائية الدولية التعليق على نقل البشير وهارون وحسين من السجن.
تعزيزات خلال الهدنة
قال مراسل لرويترز إن المعارك تجددت في مدينة أم درمان المقابلة للخرطوم على الجهة الأخرى من نهر النيل حيث كان الجيش يقاتل في مواجهة تعزيزات جاءت بها قوات الدعم السريع من مناطق أخرى في السودان.
وقال مسؤول بمستشفى إن قذيفة أصابت مركز الرومي الطبي في أم درمان أمس الثلاثاء وانفجرت داخله مما أدى إلى إصابة 13 شخصا.
واتهم الجيش قوات الدعم السريع باستغلال هدنة مدتها ثلاثة أيام لتعزيز نفسها بالرجال والأسلحة. ومن المقرر أن تنتهي الهدنة مساء غد الخميس.
وبفضل وقف إطلاق النار، كان القتال بين جنود الجيش وقوات الدعم السريع أكثر هدوءا في وسط الخرطوم.
وحوّل القتال المناطق السكنية إلى ساحات حرب. وأسفرت الضربات الجوية والقصف بالمدفعية عن مقتل 459 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من أربعة آلاف وتدمير مستشفيات والحد من توزيع المواد الغذائية في دولة يعتمد ثلث سكانها، البالغ عددهم 46 مليون نسمة، على المساعدات الإنسانية.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس في مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء إن وقف إطلاق النار “يبدو صامدا في بعض المناطق حتى الآن”.
لكنه أضاف أن أيا من الطرفين لا يبدو مستعدا “للتفاوض بجدية، وهو ما يشير إلى أن كلا منهما يعتقد أن بإمكانه تحقيق نصر عسكري على الآخر”.
وأجلت بعض الدول آلاف الدبلوماسيين والمواطنين في الأيام القليلة الماضية. وساعدت السعودية في إجلاء 1674 شخصا من 54 دولة.
كما غادر سودانيون مع مواطني الدول المجاورة بأعداد كبيرة. وقالت السلطات المصرية إن أكثر من عشرة آلاف شخص عبروا حدود البلاد من السودان في الأيام الخمسة الماضية، كما دخل تشاد ما يقدر بنحو 20 ألف شخص. وفر آخرون إلى جنوب السودان وإثيوبيا على الرغم من الظروف الصعبة هناك.
وعادت أول دفعة من المدنيين الأتراك الذين جرى إجلاؤهم من السودان إلى بلادهم اليوم الأربعاء.
وجاء الأتراك من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا التي وصلوا إليها عن طريق البر من الخرطوم.
ومن المتوقع تسيير المزيد من الرحلات الجوية في وقت لاحق اليوم الأربعاء لإجلاء باقي المواطنين الأتراك الذين عبروا إلى إثيوبيا من السودان.
متابعات