بمغادرة الوفد السعودي برئاسة السفير محـمد آل جابر، أمس الخميس، صنعاء بعد محادثات مباشرة بين بلاده وجماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، استمرت ستة أيام، تطوي المحادثات المباشرة بين الجانبين مرحلة جديرة بالتوقف عندها لمعرفة مآلات المحطة الأولى من هذه المحادثات الرسمية المباشرة، التي تأتي بعد زيارة غير معلنة لصنعاء العام الماضي.
وتطابقت مصادر تحدثت إليها “القدس العربي” في تأكيد أن محادثات الأيام الستة أثمرت عن نتائج “إيجابية” مفتوحة على جولة قادمة، وتمثل خطوة متقدمة على طريق التوقيع على اتفاق وقف دائم لإطلاق النار تمهيدًا لعملية تفاوضية شاملة تستهدف وضع حد للصراع الدائر هناك.
ومن أبرز النتائج التي انتهت إليها هذه الجولة من المحادثات- وفق هذه المصادر- حسم كافة بنود ما يُعرف بالملف الإنساني، وبخاصة ذات العلاقة بفتح الموانئ، والمطارات، والطرقات، وإطلاق سراح جميع الأسرى، بالإضافة إلى حسم النقطة الخلافية التي توقفت أمامها محادثات صنعاء كثيرا، والمتمثلة في صرف الرواتب، إذ تم الاتفاق على آليات وضمانات استمرار صرفها خلال مراحل خطة السلام.
وحسب أحد المصدر، فقد ناقشت المحادثات أيضا ما يتعلق بمراحل خطة إيقاف الحرب وإحلال السلام وفق المقترح الإقليمي، والتي تم فيها حسم أجندة المفاوضات بين الأطراف اليمنية ممثلة في الحكومة المعترف بها دوليًا والحوثيين، إذ تمت الموافقة في هذا السياق على مقترحات الوسطاء العمانيين، إلا أن المصدر الذي تحدثت إليه “القدس العربي” لم يكشف تفاصيل المقترحات العمانية في هذا الجانب.
فيما يتعلق بالبنود التي تعثرت أمامها المحادثات، أو بمعنى أصح توقفت عندها، هي التي تناولتها المفاوضات عقب الخلاف الذي كاد أن يوقف المحادثات كليًا، والذي نجم عن تغريدة للسفير السعودي محـمد آل جابر وحديثه عن كون بلاده وسيطا في الحرب بين المكونات اليمنية؛ وهو ما رفضه الحوثيون الذين يرون أن السعودية طرف.. لكن العمانيين استطاعوا احتواء الخلاف مع موافقة الوفد السعودي، إلا أن السعوديين توقفوا عند الحديث عما يتعلق بالتعويضات وإعادة الإعمار، وغيرها من النقاط التي طلب الوفد السعودي العودة إلى بلاده للتشاور.
وحسب تغريدة للقيادي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا سابقا عضو المجلس السياسي الأعلى في سلطات الحوثيين، محـمد علي الحوثي، فإن الأجواء “إيجابية وموعد لجولة أخرى”، وإن كان استخدامه لكلمة “قالوا” في التغريدة قد قلل من أهمية تفاعله وما ورد في التغريدة بشأن المحادثات.
المؤتمر الشعبي العام (فصيل الداخل المتحالف مع جماعة “أنصار الله”) قال في بيان له إن نتائج المحادثات “بناءة”، وبارك “نتائج التفاهمات البناءة للوساطة العُمانية”. وصرح مصدر مسؤول، وفق خبر نشره موقع “المؤتمر نت”، بأنه “تم إحاطة وإطلاع قيادة المؤتمر الشعبي العام بآخر المعلومات حول ما تم التوصل إليه من تفاهمات بناء على الوساطة العمانية”. وأكد المصدر “مباركة المؤتمر لما تم التوصل إليه من تفاهمات ونتائج بناءة، معبراً عن أمله في حل كل الخلافات حول القضايا التي لم يتم التوصل إلى حل بشأنها في أقرب فرصة ممكنة”.
وأكد المصدر “أن المؤتمر يبارك ويؤيد كل الخطوات والجهود التي من شأنها الإسهام في بناء الثقة وتوفير الأرضية الملائمة التي تؤدي إلى إيقاف العدوان وإنهاء الحصار عن اليمن بشكل كامل وجبر الضرر لجميع من تضرر من الحرب، وتهيئة الظروف لإجراء مشاورات بين كل القوى اليمنية”.
جولة أخرى
ويوحي تحديد جولة أخرى لاستكمال المحادثات على وجود اتفاق أولي على معظم قضايا المحادثات الخلافية، وفي مقدمتها حرص الطرفين على إنهاء الحرب وإحلال السلام، كما أن التصريحات الصادرة، حتى كتابة هذا، تؤكد إيجابية النتائج مما يدلل على ذلك دبلوماسية التفاعل مع الإعلام بشأن النتائج، وهو ما يؤكد انتهاء الجولة بوفاق يؤكد أن الجولات المقبلة ستكون كفيلة بتجاوز القضايا ذات الخلاف.
وتوقعت مصادر أن تكون الجولة التالية من المحادثات في صنعاء قبل إجازة عيد الفطر أو خلال إجازة العيد، والتي سيتمخض عنها الموافقة على مسودة اتفاق وقف دائم لإطلاق النار ضمن خطة إنهاء الحرب وإحلال السلام في سياق عملية تفاوضية شاملة لوقف الصراع المستعر منذ أكثر من ثماني سنوات.
يؤكد إيجابية النتائج التي خرجت بها محادثات الأيام الستة تغريدات لقيادات في جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) بما فيهم القيادي محمد البخيتي الذي غرد قبل ساعات قليلة من مغادر الوفد السعودي في “تويتر” قائلا الخميس: “المفاوضات في صنعاء تجري بشكل جيد، ولكي نتجاوز الماضي علينا أن ننظر إلى المستقبل، ولكن علينا أولا إنهاء كل تبعات الماضي ولا داعي لتأخيرها. الإعلان عن اتفاق صنعاء التاريخي سيكون بمثابة ميلاد ربيع عربي جديد للتصالح والتسامح”.
وتمثل محادثات السعوديين مع الحوثيين بحضور وسطاء عمانيين بشكل مباشر خطوة متقدمة ترجمتها بوضوح أول زيارة معلنة للسعوديين لصنعاء بعد أشهر من محادثات غير مباشرة في مسقط انتهت إلى مسودة اتفاق وقف إطلاق نار لم تحسم معظم نقاطه الخلافية التي تأجلت لمحادثات صنعاء، والتي توقفت أمامها، لكن هذه المرة باعتبار اتفاق وقف إطلاق النار ضمن خطة لإنهاء الحرب وإحلال السلام تقدمت بها المملكة.
وينقسم مشروع وخطة السلام في اليمن إلى ثلاث مراحل، تشمل المرحلة الأولى إقرار هدنة ووقف شامل لكل العمليات العسكرية لمدة ستة شهور يتم خلالها تنفيذ ما يتعلق باشتراطات الحوثيين لصرف الرواتب وفتح الموانئ والطرقات ومطار صنعاء وإطلاق الأسرى… فيما تتمثل المرحلة الثانية في مفاوضات سياسية بين الأطراف اليمنية لمدة ثلاثة شهور يعقبها مرحلة انتقالية لمدة سنتين.
ولم يتم الإعلان عن مغادرة وفد الوساطة العمانية إلا أن المرجح مغادرته بطائرته الخاصة في ذات وقت مغادرة الوفد السعودي.
ووصل الوفد السعودي إلى صنعاء السبت بعد ساعات من وصول وفد الوساطة العمانية لإجراء محادثات مباشرة مع قيادات في جماعة “أنصار الله”(الحوثيين) بشأن استكمال الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار تمهيدا لإعلانه من قبل المبعوث الاممي الخاص لليمن.
ووصل الوفد السعودي السبت على طائرة خاصة ومعه 13 اسيرا حوثيًا تم إطلاق سراحهم من السجون السعودية في سياق تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى الموقع في بيرن في سويسرا في مارس/آذار، والذي يبدأ تنفيذ مراحله الأساسية وفق ما نص عليه الاتفاق اليوم الجمعة.
متابعات