هل سينسى العالم العمال الذين لقوا حتفهم في قطر

السلطات القطرية تواجه انتقادات شديدة بسبب طريقة معاملتها للعمال الأجانب.

لم ينس العالم  العمال الأجانب الذين راحوا ضحية الاستعدادات للمونديال، وظروف العمل السيئة والانتهاكات الحقوقية التي واجهوها.

وفي هذا السياق، أكد الأمين العام الجديد للاتحاد الدولي لنقابات العمال لوكا فيسينتيني “ما أن ينتهي المونديال، سنواصل ممارسة الضغط” على قطر من أجل تحسين شروط العمل.

وأشار إلى أن نظام “الكفالة” الذي يمنع العمال من تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد من دون إذن صاحب العمل، “أُلغيَ قانونا (في قطر) لكن لا تزال هناك مشكلات كبيرة لتطبيق” هذا الإجراء.

ويشرح فيسينتيني الذي انتُخب في نوفمبر على رأس الاتحاد الدولي لنقابات العمال الذي يضمّ 332 نقابة من 163 دولة، أن عمليا لا يزال هناك “الكثير من حالات الأجور غير المدفوعة وعقبات هائلة أمام العمّال الذين يريدون تغيير وظائفهم”.

وأكد أن “هناك الكثير من المشاكل في روسيا (حيث أُقيم مونديال 2018) وفي جنوب أفريقيا (مونديال 2010)” لكن “لا شيء يبلغ المستوى نفسه (الموجود) في قطر” حيث “قضى أناس” وسُجّلت أشكال من “العبودية في العمل”.

وواجهت قطر، التي يشكل الأجانب غالبية سكانها البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة، انتقادات شديدة، منذ سنوات، من جماعات حقوق الإنسان بسبب طريقة معاملتها للعمال الأجانب.

وجاء في تقرير “الواقع عن كثب 2021” لمنظمة العفو الدولية، والمكوّن من 48 صفحة، أن ممارسات مثل تأخير أو عدم صرف الرواتب وفرض رسوم على العمال مقابل تغيير وظائفهم لا تزال منتشرة، على الرغم من الإصلاحات التي أدخلت على نظام العمل في عام 2014.

وقالت حكومة قطر إن منظومة العمل لديها لا تزال قيد التنفيذ، لكنها نفت المزاعم الواردة في التقرير بأن الآلاف من العمال الأجانب عندها يجري حصارهم واستغلالهم.

لكن عدد العمال الأجانب الذين لقوا حتفهم في قطر لا يزال غير دقيق وفق بعض المنظمات ووسائل الإعلام الغربية.

وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية العام الماضي أن 6500 عامل أجنبي على الأقل، كثير منهم يعملون في مشروعات كأس العالم، لقوا حتفهم في قطر منذ فوزها بحق استضافة البطولة، وذلك وفقا لحسابات الصحيفة من سجلات رسمية.

وردا على ذلك، قالت قطر إن عدد الوفيات متناسب مع حجم القوى العاملة الأجنبية، وإن الرقم شمل العديد من العمال الذين لا يمارسون أعمالا يدوية، مضيفة أن خسارة حياة أي إنسان هي مأساة.

وحذر ماكس تونون رئيس مكتب منظمة العمل الدولية في قطر من أنه كثيرا ما يتم ذكر بيانات وفيات العمال في قطر دون مراعاة فوارق دقيقة ضرورية.

وذكرت منظمة العمل الدولية أن “الرقم الذي نشرته صحيفة الغارديان يشمل جميع الوفيات بين السكان الوافدين، دون تمييز بين العمال الأجانب وعامة السكان الوافدين، فضلا عن الوفيات الناجمة عن إصابات العمل”.

وقالت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، المنظمة لكأس العالم، إن هناك ثلاث وفيات مرتبطة بالعمل و37 وفاة غير مرتبطة بالعمل بين العاملين في مواقع كأس العالم 2022.

كما قال حسن الذوادي الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث في مقابلة تلفزيونية مع الصحافي البريطاني بيرس مورجان أذيعت يوم الثلاثين من نوفمبر إن وفيات العمال الأجانب في المشروعات المتعلقة بكأس العلم “بين 400 و500”.

وقال مسؤولون في الثامن من ديسمبر إن قطر فتحت تحقيقا في وفاة فلبيني بعد تقارير تفيد بأنه لقي حتفه أثناء عمله في موقع تدريب خلال بطولة كأس العالم.

وأكدت وزارة الخارجية الفلبينية في بيان وفاة أحد مواطنيها أثناء عمله في منتجع إلى الجنوب من العاصمة الدوحة.

وعدلت قطر قوانين العمل لديها لتحد كثيرا من نظام الكفالة، مما أعفى العمال من الحاجة إلى الحصول على إذن صاحب العمل، أو الكفيل، من أجل تغيير الوظائف أو مغادرة البلاد.

ملف العمال المهاجرين ملف حساسملف العمال المهاجرين ملف حساس

ورفعت أيضا الحد الأدنى للأجور بنسبة 25 في المئة إلى ألف ريال قطري (274.65 دولار) شهريا، وطبقته على جميع العمال لا على القطريين فحسب.

وأنشأت قطر صندوق تأمين لمساعدة المهاجرين الذين تعرضوا للغش في ما يتعلق بأجورهم.

 وكانت اتحادات كرة القدم بعشر دول أوروبية، من بينها بريطانيا وألمانيا، أرسلت خطابا مفتوحا إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قبل كأس العالم تدعوه إلى اتخاذ إجراءات لتحسين أوضاع حقوق العمال الأجانب في قطر.

واجتمعت مجموعة من 11 اتحادا أوروبيا لكرة القدم مع الفيفا في الشهر الماضي، وقالت إن الفيفا أكد تأييده لفتح مكتب دائم لمنظمة العمل الدولية في الدوحة لتقديم الدعم والمشورة للعمال الأجانب.

وقال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في سبتمبر إنه يجب تعويض أسر العمال الأجانب الذين أصيبوا أو توفوا أثناء العمل في إنشاء البنية التحتية لكأس العالم المقام هذا العام في قطر.

كما ذكر الاتحاد الهولندي لكرة القدم هذا الشهر أن القمصان التي سيرتديها المنتخب الهولندي خلال كأس العالم ستُباع في مزاد لدعم العمال الأجانب في قطر.

وقال المنتخب الهولندي إن لاعبيه سيقضون بعض الوقت خلال إقامتهم في قطر للحديث مع الوافدين الذين ساهموا في بناء الملاعب لكأس العالم.

ووجهت منظمة العفو الدولية وجماعات حقوقية أخرى دعوات إلى الفيفا لتعويض العمال الأجانب في قطر عن انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تخصيص 440 مليون دولار لهم، وهو ما يعادل قيمة جائزة الفوز بكأس العالم.

وقال الفيفا إنه ينظر في اقتراح منظمة العفو الدولية وينفذ “عملية تدقيق غير مسبوقة في ما يتعلق بحماية العمال المعنيين”.

وأضاف أنه يعمل مع اللجنة المنظمة وقام بالفعل بتعويض عدد من العمال.

ووضعت منظمة العفو الدولية خطة عمل من عشر نقاط، تدعو فيها قطر إلى “معالجة الثغرات الخطيرة ونقاط الضعف المتبقية في عملية إصلاح نظام العمل”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى