برناديت حديب: أرفض الابتذال.. وأعود لدراما رمضان بـ”المستور”

بعد غياب امتدّ لموسمين رمضانيين، تعود الفنانة اللبنانية برناديت حديب إلى الشاشة الصغيرة من خلال مشاركتها في مسلسل “المستور” من كتابة شادي حنا ومنى دمشقية، مستندة إلى رؤيتها الفنية الراسخة التي لطالما شكّلت بوصلتها في اختيار أعمالها. فبرناديت لا تنظر إلى أي مشاركة من زاوية الظهور الإعلامي بحدّ ذاته، بل تنطلق من قناعة ومسؤولية تجاه الدور والمجتمع، وتجاه مسيرتها التي صنعت حضورها المختلف ورسّخت هويتها الخاصة في المشهد الدرامي.

في حوار الأسبوع مع موقع “فوشيا”، تكشف الفنانة برناديت حديب، تفاصيل عودتها المنتظرة في رمضان 2026، وتستعيد أبرز محطات تجربتها الطويلة، متوقّفة عند مفهوم الجرأة في التمثيل وما تعتبره حدوداً فعلية لها، كما تقدّم مقاربة واضحة لواقع الدراما اللبنانية اليوم، وتتطرّق إلى قضايا مرتبطة بالمهنة، وصولاً إلى موقفها من دخول ملكات الجمال عالم التمثيل، وما يرافقه من جدل على الساحة الفنية.

برناديت حديب: لا أعرف سبباً لغيابي عن دراما رمضان في آخر عامين

تعودين إلى دراما رمضان عبر مسلسل “المستور”.. ما تفاصيل ظهورك في العمل؟

تواصل معي مدير الإنتاج فراس العمري وطلب مني قراءة حلقة “الحاج خلدون”. قرأت النص وشعرت أنه عمل خفيف، لطيف، ويحمل في الوقت نفسه نوعاً من التوعية القريبة من واقعنا ومجتمعنا. أحببت الفكرة، ورأيت أن المشاركة فيه جميلة حتى لو لم تكن الشخصية مركّبة بشكل كبير. سيشاهدني الجمهور في شخصية امرأة “مودرن” غير محجبة، مرتّبة، قريبة من الله، لا تحب الحزن، وتحرص على البقاء سعيدة أغلب الوقت، وتحاول التخفيف من المتاعب التي يمرّ بها زوجها، الذي يؤدي دوره طارق تميم، وأنا متحمسة لأول تعاون يجمعني بالمخرج شادي حنا.

ما الذي جذبك إلى تجسيد هذه الشخصية؟

كونها شخصية واقعية جداً، نلتقي بها يومياً في مجتمعنا. إنسانة بسيطة، غير متكلّفة، طبيعية، ومحببة.

نشعر بحماستك للظهور مجدداً في دراما رمضان، بعد غياب لموسمين، فهل من سبب لغيابك؟

لا أعرف حقيقة سبب غيابي عن موسم رمضان الماضي. لكن في السنة التي سبقتها كنت أعمل في فرنسا ولم أكن موجودة في لبنان. وهذه السنة عُرض علي فقط مسلسل “المستور”. ربما يجب طرح هذا السؤال على المخرجين والكتّاب وشركات الإنتاج. من جهتي، أنا حاضرة في أي وقت أمام دور يليق بمسيرتي.

هل تشعرين أن هناك إجحافاً بحقك كممثلة؟

لا أرى ذلك. فأنا أساساً لا أبذل جهداً كبيراً للتواجد المستمر في الدراما اللبنانية. لدي اكتفاء كبير بالمسرح، وأنا سعيدة بما أقدّمه. لست من هواة الشهرة بغرض الظهور فقط. أفضل أن أنتظر دوراً يستحق أن أقدّمه ويليق بالجمهور.

بعد مسيرة طويلة تمتد لعشرات الأعمال، كيف تقيّمين رحلتك الفنية؟

أعتبر نفسي محظوظة جداً لأنني عملت في أدوار رائعة مع مخرجين مميزين. في سوريا، عملت مع الراحل حاتم علي، ومع دريد لحام، ومأمون البني. وفي لبنان تعاونت في أعمال عديدة مع الراحل مروان حداد. على المسرح، تعاونت مع أسماء مهمة مثل: دريد لحام، إيفا بوزغنر، عصام بو خالد. وفي السينما تعاونت مع أسعد فولكار في “لمّا حكيت مريم”، ومع جو قديح، وروجيه بو عساف، وغيرهم ممّن تركوا بصمة خاصة في المسرح. مسيرتي حافلة جداً وأنا فخورة فيها، وعندما أستعيدها أشعر أنني حققت إنجازاً كبيراً.

بين الأمس واليوم، ما الذي تبدّل في برناديت حديب؟

لم تتغيّر أمور كثيرة، لأنني منذ البداية دقيقة جداً في اختياراتي وحرصي على اختيار أدوار تلامس المجتمع الذي أعيش فيه. لم أسمح لنفسي يوماً أن أقدّم ظهوراً مبتذلاً أو بعيداً عن هويتي. ومع مرور العمر، ينضج الإنسان أكثر، وتصبح نظرته أعمق، ويختلف تعامله مع الآخرين. أكثر ما تغيّر فيّ هو النضج وطريقة رؤيتي للناس.

ما الدور الذي ترك الأثر الأعمق في مسيرتك؟

هناك أعمال كثيرة تركت أثراً في مسيرتي، خصوصاً المسرح الذي أعتبره حالة استثنائية. ولكن من أكثر الأدوار التي بقيت في ذاكرة الناس حتى اليوم هو دوري في “عودة غوار: الأصدقاء” حيث لعبت شخصية نورا، تلك الفتاة المظلومة التي أجبرتها والدتها على الرقص رغم رغبتها بأن تعيش حياة بسيطة. وتنتهي الشخصية بالموت، وكانت محور العقدة الأساسية في العمل.

هل تميلين أكثر إلى الأدوار المركّبة أو البسيطة والقريبة من الواقع؟

لا أفضلية لدي بين هذا وذاك. ما يهمّني هو مضمون الشخصية وما تقوله. هذا هو ما يجذبني لقبول الدور. ولكن لا أنكر أنني أحب الأدوار العميقة التي تجعل المشاهد يفكّر ويحلّل.

برناديت حديب: الجرأة هي كيفية نقل الأدوار إلى الناس دون خدش حياءهم

أنت معروفة بجرأتك في اختيار الأدوار.. كيف تفسّرين ذلك؟

الجرأة ليست قبلة أو تعرّيًا. هذه ليست جرأة. هذا مرتبط بتربية الشخص وكيف يحب أن يُظهر نفسه أمام الناس. الجرأة بالنسبة لي هي قدرة الدور على أن يحدث تغييرًا، يطرح قضية، و يؤثّر في المجتمع. عندما أطرح مثلاً قصة امرأة عاقر، أو أم عزباء، أو أي موضوع اجتماعي حساس، وأقدّمها بشكل صادق يلامس الناس، فهذا بالنسبة لي جوهر الجرأة. الجرأة هي في كيفية نقل الأدوار إلى الناس دون أن أخدش حياءهم أو اللجوء إلى الابتذال أو الألفاظ النابية. الدور الجريء هو الذي يجعلني مستشرسة لأدائه والدفاع عنه.

هل ما زالت الجرأة مطلوبة اليوم؟

نعم طبعاً. هناك الكثير من المواضيع التي ما زالت تعتبر محرّمة في المجتمع، مثل: الزواج المدني، الزواج بين دينين مختلفين، حقوق المرأة… وأرى ضرورة في طرحها وإثارتها.

هل ندمتِ يوماً على قبول دور معين؟

ندمت فقط على التعامل مع شركة إنتاج معيّنة، لأن أسلوب التعاطي كان سيئاً جداً، رغم أن الدور نفسه لم يكن سيئاً. ولن أكرر التجربة.

لو عاد بك الزمن إلى الوراء، هل كنت لتختاري مهنة أخرى؟

لا. لن أغيّر مهنة التمثيل أبداً. أنا في حالة عشق مع التمثيل، وبتحدّ دائم مع نفسي، كيف أقدّم الأدوار، وأخاطب العالم من خلالها. ولكن ربما كنت سأختار تخصصاً إضافياً إلى جانب التمثيل يعطي ثباتاً أكبر. وأعتقد أنني كنت سأختار عملاً مع الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

كيف تقيّمين واقع الدراما اللبنانية اليوم؟

لا أستطيع تقييم الدراما اللبنانية بدقة، لأنني منذ فترة وأنا لا أتابعها بشكل مستمر. لكن لا أريد أن أكون قاسية، فبلدنا يمر بصراعات وأزمات أثّرت سلباً في صناعة الدراما والسينما والإنتاج المحلي. ومع ذلك، ما زالت هناك محاولات وتجارب لافتة، وسعي من العديد لإعادة النهوض بالدراما اللبنانية.

هل أصبحت الدراما أحياناً أكثر تجارية وأقل عمقاً؟

مررنا بفترة اتجهت فيها الأعمال بشكل واضح نحو مواضيع تجارية مثل: المخدرات، الجنس والعنف. لكنني أرى أننا شيئاً فشيئاً نعود إلى الطريق الصحيح، لأن لدينا كتّاباً وممثلين بقدرات مهمة ولامعة، ومن الظلم ألا توضع هذه الطاقات في مكانها الحقيقي.

برناديت حديب: لست ضد دخول ملكات الجمال الساحة الفنية.. بشرط

ما رأيك في دخول ملكات الجمال إلى عالم التمثيل؟

لا مشكلة لدي مع دخول أي شخص عالم التمثيل، المهم وجود الموهبة. لكنني ضد أن يكون معيار الجمال وحده كافياً. هناك خريجون من كليات الفنون يمتلكون موهبة حقيقية ولا يحصلون على فرص كافية. لذلك يجب خلق توازن، وعلى النقابة أن تعمل على وضع “كوتا” محدّدة لخريجي المعهد والممثلين المحترفين لضبط هذا الموضوع ومنع دخول أي شخص بلا أساس.

هل تشجعين أولادك على دخول الفن؟

نحن في زمن لا يمكن فيه فرض شيء على الأولاد. هم أصحاب القرار في حياتهم. ابنتي لم تحب هذا المجال واتجهت إلى التخصص بالعلاقات الدولية. أما ابني، وهو في سنته الجامعية الأولى، فيدرس السينما، وهو موهوب ويحب هذا المجال، وطبعاً شجعته. وأتمنى أن يجد الفرصة المناسبة ليحقق ذاته.

يلاحظ الجمهور أنك تبقين حياتك الخاصة بعيدة عن الإعلام. لماذا؟

لأن الناس على وسائل التواصل الاجتماعي باتوا يتدخلون بحياة الآخرين بطريقة مؤذية وغير محترمة. وأحياناً ينتج عن مشاركة الفنان لتفاصيل حياته الخاصة تبعات كثيرة. لذلك أفضل أن تبقى حياتي الخاصة ملكي وحدي، إلا إذا رأيت أن هناك أمراً قد يفيد مشاركته مع الآخرين.

كيف تحققين التوازن بين حياتك العائلية والتزاماتك الفنية؟

ابتعدت فترة قصيرة عندما كان أولادي صغاراً لأكون إلى جانبهم وأؤمن لهم كل احتياجاتهم، كي لا أشعر بتقصير تجاههم. أما الآن وقد أصبحوا كباراً، لدي مساحة أكبر للعمل والحياة الاجتماعية. عندما تكون العائلة إلى جانبك وتدعمك، ويكون زوجك غير أناني تجاه عملك، يصبح التوازن بين الاثنين أكثر سهولة.

ما الصفات التي تميزك بعيداً عن الأضواء؟

أنا إنسانة طبيعية جداً ولم أغيّر ملامحي، وأيضاً تواضعي، وتفاؤلي، وضحكتي الدائمة التي يعرفني بها الجميع.

شاركتِ مقاطع فيديو لمجوهرات ارتديتها في مناسبة ما. هل فكرتِ في خوض تجربة عرض الأزياء؟

جربت ذلك سابقاً، لكن لم أفكر في احتراف عرض الأزياء. لذلك معايير معينة يجب أن تتوافر في العارضة، وهذه المعايير ليست كلها موجودة لدي. رحم الله امرءا عرف حدّه فوقف عنده. قد أوافق على أن أكون وجهاً إعلانياً لشركة أدوات تجميل أو إكسسوارات أو مجوهرات، لأن ملامح وجهي مناسبة لهذا المجال.

متابعات

إقرأ ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى