يكرّس الفشل المزمن للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في معالجة الحالة المالية والاقتصادية وتحسين الوضع الاجتماعي والخدمي في المناطق التابعة للسلطة الشرعية، ظاهرة الاعتماد على المساعدات الخارجية المباشرة، وتحديدا من السعودية، لمنع بلوغ الأوضاع نقطة الانهيار الشامل، بما لذلك من تبعات أمنية وسياسية كارثية.
وأعلن في اليمن عن وصول دفعة جديدة بقيمة حوالي 300 مليون دولار كجزء من منحة سعودية لدعم الموازنة العامة إلى البنك المركزي في مدينة عدن.
وتضاف هذه الدفعة إلى مبلغ 250 مليار دولار كانت السعودية قد منحته للسلطة اليمنية التي يقودها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في فبراير الماضي ليتجاوز بذلك حجم مساعدات الرياض للسلطة سقف نصف مليار دولار في ظرف أقل من نصف عام.
وجاء الإعلان عن الدفعة الجديدة في وقت تعثّرت فيه إجراءات سريعة اتّخذتها حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك لوقف التدهور الاقتصادي والمالي الذي يلخّصه تهاوي قيمة عملة الريال المحلّية، من بينها إجبار جملة من المصارف العاملة في مناطق الحوثيين على نقل مقارّها إلى عدن، ونقل موارد وأرصدة شركة الطيران الحكومية إلى خارج مناطق سيطرة الجماعة وإنهاء وجود أي إدارات للشركة في صنعاء.
لكنّ النتائج الفورية جاءت على طرفي نقيض من المأمول منها، حيث واصلت عملة الريال تدهورها أمام العملات الأجنبية لتبلغ سقفا غير مسبوق تجاوز 1800 ريال مقابل الدولار الواحد.
وفي ظل الظروف الضاغطة تبدو المساعدات السعودية للسلطة اليمنية بمثابة السلاح الوحيد في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة ذات التبعات الاجتماعية وحتى السياسية.
وبات سوء الأحوال المعيشية والتردي الكبير في مستوى الخدمات المقدمة لسكان عدن وغيرها من مناطق الشرعية يهدّد تماسك السلطة بحدّ ذاتها.
وأشعلت تلك الأوضاع غضب المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك الرئيسي للشرعية والذي لا يرغب في تحمّل تبعات الفشل الحكومي المثير لسخط سكان المناطق الداخلة ضمن دائرة نفوذه ويعتبرها مجالا لدولة الجنوب المستقّلة التي يعمل على استعادتها.
وتجد السعودية نفسها في ظل هذه الأوضاع مجبرة على بذل المزيد من الجهود السياسية وتقديم المزيد من المساعدات المالية للحفاظ على تماسك السلطة ومنع تفككها وانهيارها.
لكنّ ما تقدّمه المملكة من أموال للشرعية اليمنية يظل محدود الأثر وبمثابة علاج بالمسكّنات لأنّ المبالغ تستخدم كموازنة تشغيلية لأجهزة السلطة ويخصص جزء منها لدفع الرواتب وللإنفاق بشكل ظرفي وعاجل على مجموعة من الخدمات مثل الماء والكهرباء واستيراد المواد الأساسية، بعيدا عن أي نوايا للاستثمار وخلق الثروة وتوفير مواطن الشغل.
وفي تعليقه على المنحة السعودية الجديدة قال العليمي إنّ “الدفعة الجديدة سيكون لها أبلغ الأثر في استمرار وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية وفي المقدمة دفع مرتبات الموظفين ومواجهة الاحتياجات الخدمية والإنسانية المتزايدة”.
وقالت مصادر يمنية مطلعة إن الدفعة التي وضعتها الرياض في حسابات البنك المركزي في عدن تمثّل القسط الرابع من منحة بقيمة 1.2 مليار دولار تقرّر صرفها على مدى سنة بدأت في شهر أغسطس الماضي.