لابد وأنكم لعبتم في طفولتكم لعبة (حجر، ورقة، مغص) عفواً.. أقصد (مقص)! تلك اللعبة الشيقة والشقية، حيث ينتصر فيها المقص على الورقة وتنتصر الورقة على الحجر الذي ينتصر بدوره على المقص! وهكذا دواليك، إلى أن تعلمنا كيف ندفع ثمن اختياراتنا منذ الصغر، فقد يتمثّل الواقع في قلوبٍ من «حجر» ولكن هذا لا يمنعها لأن تلين يوماً ما، فتستخدم صلابتها بإيجابية لتحطيم «مقص» اللسان الحاد، الذي قد يتوب هو أيضاً فيبدأ بقص «ورقة» الأعمال السوداء، والتي قد تفتح صفحة بيضاء جديدة هي الأخرى، وذلك لتحقيق التوازن الطبيعي بين التهاون والتعاون أو بين التراضي والتغاضي، لئلا نصاب بغصة في حلق العدالة أو بأعراض «مغص» اللاتوازن في حياتنا، وهنا تأتي حقيقة المثل «يوم لك ويوم عليك» حيث لا يعني سوى الرضا بالقدر المكتوب على (الجبين)، مع ضرورة الالتزام بتحويل الجيم إلى ميم واليقين بالحق (المبين)، لتصبح الحياة «يومٌ لك ويومٌ لك» أيضاً.
هو مؤلفٌ موسيقيٌ إيطالي، متخصصٌ في العملِ الأوبرالي، وُلِد في باليرمو وتُوفِي في نابولي، ويُعد من أهم مؤسسي المدرسة النابولية، المعنية بأعمال الأوبرا الباروكية، عُرِفَت مؤلفاته بافتتاحيتها التمهيدية وبألحانها الإيقاعية، وتماشياً مع تقاليد عائلته الفنية، عمل في القصور الملكية، أستاذاً على الفِرَق الغنائية، وهكذا رعته «كريستينا» ملكة السويد، فألَّف لها بديع اللحن والقصيد، تحت مسمى أوبرا «الأمانة في الحب»، التي تتعلق بها الروح وشغاف القلب، ليبقى في خدمتها 3 سنوات، أنتج فيها أجمل المؤلفات.
آنذاك؛ ذُهل الناس ببراعة قدرة الإنسان، وبمعاني الحس الفني والفنان، وبالموهبة العجيبة على ارتجال الألحان، حيث استهدفوا تنمية الصورة الموسيقية، للوصول إلى الطلاقة والمهارة الحقيقية، ولكنهم انخرطوا في دوامة المبالغة حد الإسراف، فأتقنوا البهلوانية الصوتية حد الانحراف، ومع ذلك لم يتأثر (أليساندرو سكارلاتي) بهذا التوجه الضائع، ولم يسمح له بإفساد أسلوبه الرائع، من خلال تمسكه بمعايير القوة في التعبير عن شعوره، ما أدى إلى اشتهار نجمه وظهوره.
الجميل أنه جاء إلى الدنيا قبل ميلاد معظم العظماء، مثل هاندل وباخ وفيفالدي وألبينوني والكثير من الأسماء، ليخرج منها بابنٍ له أورثه التشابه والانتماء، وهو الابن (دومينوكو سكارلاتي) الذي سكنت ألحانه السماء، ورفرفت عالياً كالعلم، ليعجز عن وصفها القلم، لكن من شابه أباه فما ظلم!