اليمن : تحريك قوات درع الوطن في ساحل حضرموت يعيد التوتر إلى المحافظة

تثير تحرّكات قوات درع الوطن الخاضعة لإمرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في محافظة حضرموت حالة من التوتّر، وتهدّد الاستقرار في المحافظة، وذلك في وقت حسّاس يشهد حالة من التسابق المحموم بين القوى المعنية بترتيب أوضاع المحافظة وسائر محافظات جنوب اليمن استعدادا لما قد تحمله التسوية السياسية المرتقبة في البلاد من تطورات.

وتحاول القوّات، التي أعلن العليمي قبل نحو عام عن إنشائها بمساعدة سعودية كبيرة، التمدّد خارج مناطق تمركزها في وادي حضرموت بشمال المحافظة باتّجاه منطقة الساحل بما في ذلك مدينة المكلاّ حيث تتمركز بشكل رئيسي قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل لمشروع استعادة دولة الجنوب المستقّلة التي يشمل مجالها الجغرافي المحافظة ذات القيمة الإستراتيجية العالية بفعل اتساع مساحتها وانفتاحها على البحر واحتواء أراضيها على ثرة بترولية هامّة.

ومنعت قوات النخبة الحضرمية التابعة للانتقالي رتلا مكونا من خمسين مركبة وخمس آليات تابعة لقوات درع الوطن من التوجّه إلى منطقة حصيحصة غربي المكلا حيث كان يجري التحضير لإقامة معسكر دائم هناك.

وأتاح تراجع الرتل باتجاه منطقة الوادي تفادي صدام مسلّح قالت مصادر محلّية إنّه كان على وشك الحدوث بفعل حالة التوتّر والاستنفار القائمة في حضرموت جرّاء تحركات قوات درع الوطن، وأيضا بسبب كثافة الحراك السياسي وتسريع القوى المتصارعة على المحافظة لجهود السيطرة عليها.

وتشهد منطقة ساحل حضرموت حالة من الاستقرار منذ طرد تنظيم القاعدة من المكلاّ، لكن السكان المحليين يخشون انتكاسها بفعل تكرار قوات درع الوطن محاولات دخولها.

ويقول سياسيون وقادة رأي محلّيون إنّ تحريك تلك القوات يجري بدوافع سياسية لا علاقة لها بالشأن الأمني، ويشيرون إلى عدم استقرار الوضع الأمني في منطقة الوادي وكثرة عمليات قطع الطرق هناك حيث يفترض أن تركز قوات درع الوطن جهودها باعتبار تلك المنطقة موضع تمركزها الرئيسي.

وقال الكاتب السياسي الحضرمي عبدالله الجعيدي إنّ “مناطق ومدن الوادي والصحراء ومنفذ الوديعة وكل المعسكرات والنقاط المنتشرة هناك هي الأحوج إلى درع الوطن في هذه المرحلة لتأمينها وحفظ الأمن المنفلت فيها”.

وأضاف في تعليق نشره على منصة إكس “لا يمكن لأبناء حضرموت القبول بعودة الإخوان والتنظيمات والعناصر الإرهابية التي تتبعهم إلى الساحل الحضرمي”.

وجاءت الإشارة إلى جماعة حزب الاصلاح  بناء على معلومات عن اختراق عناصر حزب الاصلاح  لقوات درع الوطن وتولي ضباط تابعين للحزب لمواقع قيادية فيها، بالإضافة إلى استيعاب بعض العناصر القبَلية التي سبق لها أن قاتلت ضمن صفوف تنظيم القاعدة ضمن قوام تلك القوات التي أسندت مهمة قيادتها للقيادي السلفي بشير الصبيحي الذي يحمل رتبة عميد.

ويُنظر في جنوب اليمن إلى قوات درع الوطن باعتبارها تمثّل التقاء مصالح بين سلطة العليمي وقيادات حزب الإصلاح وبعض قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام المناهضة لقيام دولة الجنوب، جنبا إلى جنب السعودية الساعية إلى بسط نفوذها في حضرموت المجاورة لأراضيها والتي توفر لها ممرا مباشرا نحو بحر العرب فالمحيط الهندي.

وكانت قد وصلت في أكتوبر الماضي إلى المحافظة تعزيزات عسكرية كبيرة تابعة لقوات درع الوطن، قادمة من السعودية حيث تمّ تنظيمها وتسليحها وتدريبها، وشرعت في الانتشار في مديريات الوادي الواقعة ضمن مناطق سيطرة قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لحزب الإصلاح.

وتعتبر سيطرة حزب الاصلاح تحت أيّ مسمّى على منطقة ساحل حضرموت خطّا أحمر بالنسبة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.

وتعليقا على إرسال قوة من درع الوطن إلى محيط المكلاّ، أصدرت الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي بمحافظة حضرموت بيانا أكدت فيه “رفضها المطلق لاستقدام أيّ قوة إلى ساحل حضرموت”، داعية “أبناء المحافظة إلى مؤازرة قوات النخبة الحضرمية والتصدي للمؤامرات التي تستهدف إضعافها وإسقاطها والتعدي على صلاحياتها في حماية وتأمين مدينة المكلا ومديريات الساحل”.

كذلك حمّلت دوائر سياسية وأمنية حضرمية المحافظ مبخوت بن ماضي المسؤولية عما يترتّب عن تحريك قوات درع الوطن في مناطق مستقرّة من المحافظة في مقابل إهمال مناطق أخرى تشهد حالة من انعدام الأمان لسكانها وللتجار والمسافرين عبر طرقاتها.

جاء ذلك بعد أن تضمنت وثيقة رسمية مسلّمة لقيادة القوة المتّجهة إلى المكلاّ من قبل اللجنة الأمنية العليا بحضرموت أمرا من المحافظ بتسهيل عبور تلك القوّة نحو وجهتها في حصيحصة.

وقالت مصادر محلية إنّ الأحداث التي شهدها محيط المكلاّ تزامنت مع وجود قائد قوات الدعم والإسناد السعودية لتحالف دعم الشرعية اللواء سلطان بن عبدالله البقمي في حضرموت.

وفي ظلّ الاهتمام السعودي المتزايد بحضرموت تحولت المحافظة خلال الأشهر الأخيرة إلى مسرح لنشاط سياسي مكثّف عكس الصراع الشرس عليها بالتوازي مع التقدّم الملموس في جهود السلام في اليمن.

ووقفت المملكة وراء إنشاء مجلس حضرموت الوطني الذي أعلن الصيف الماضي عن الشروع في تأسيسه في الرياض وتمّ لاحقا استكمال هيكلته القيادية بتشكيل هيئتيه الرئاسية والعليا.

وجاء تأسيس المجلس وسط تحذيرات من أن يتحوّل إلى سلطة موازية تكرّس الهوية المناطقية للمحافظة وتساهم في تمزيق جنوب اليمن الذي يطالب المجلس الانتقالي الجنوبي بالحفاظ على وحدته كأساس ضروري للعودة إلى واقع دولة الجنوب المستقلة.

وفي خطوة لاحقة لم تنفصل عن جهود حزب الإصلاح لانتزاع حضرموت وعدد من محافظات الجنوب من دائرة نفوذ الانتقالي، شهدت الأسابيع الأخيرة صدور بيان موقّع من قبل العشرات من السياسيين ورجال القبائل يطالبون فيه الأمم المتحدة ودول إقليمية بمساعدتهم على تأسيس ما يعرف بـ”الإقليم الشرقي” الذي يضمّ إلى جانب حضرموت كلا من محافظات شبوة والمهرة وسقطرى.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى