اتساع نطاق التأزم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع

رواج معلومات حول حصول البرهان على دعم عسكري مصري.

يبدو أن الأزمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يمكن أن تخرج عن الصورة المتذبذبة حاليا، وقد تصل إلى مرحلة الدخول في اقتتال عنيف، مع رواج معلومات حول حصول قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان على دعم عسكري خارجي، وأشارت المعلومات إلى أنه قادم من مصر.

وكشفت مصادر سودانية أن قاعدة مطار مروي يمكن أن تكون محورا لتوجيه ضربة عسكرية للتخلص من القوة الضاربة لقوات الدعم السريع وبعض الحركات المسلحة المتعاونة معها لتمكين الجيش من السيطرة على مقاليد الأمور، والتخلص من الإزعاج السياسي الذي يمثله قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) بسبب تمسكه بإتمام العملية السياسية وتشكيل حكومة انتقالية قوامها المدنيون.

أمين إسماعيل مجذوب: ما يتم الترويج له بشأن إخلاء مطار مروي وتسلميه للقوات الجوية المصرية "شائعات سوداء"أمين إسماعيل مجذوب: ما يتم الترويج له بشأن إخلاء مطار مروي وتسلميه للقوات الجوية المصرية “شائعات سوداء”

وأكدت المصادر ذاتها أن أي دعم عسكري مصري للبرهان وسط تصاعد وتيرة التأزم بينه وبين حميدتي يصب مباشرة في مصلحة فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير ويزيد الوضع تدهورا، ومعناه حدوث تفوق لجماعة الإخوان على القوى المدنية التي تخوض معركة سياسية عنيفة لنجاح مشروع التحول المدني في السودان.

وأضافت المصادر أن ثبوت صحة المعلومات الرائجة بشأن تمركز طيران مصري في قاعدة مروي بشمال البلاد لدعم البرهان يشير إلى أن القاهرة رفعت ممانعتها للحركة الإسلامية وفلول البشير وجماعة الإخوان، لأن الشكوك كبيرة في تحالف البرهان مع هؤلاء، وهذه فرضية من الصعب حدوثها، لأن القاهرة تنفست الصعداء بعد سقوط نظام البشير وخروج الإخوان من السلطة.

وذكر الخبير العسكري السوداني اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن ما يتم الترويج له بشأن إخلاء مطار مروي وتسلميه للقوات الجوية المصرية “شائعات سوداء أطلقها متهورون دخلوا على خط المناوشات الشعبية الحالية نتيجة أحداث مباراة الأهلي المصري والهلال السوداني، ومحاولة تصعيد الصراع بين البلدين تشير إلى وجود جهات مستفيدة من تعكير الأجواء وتعمل على النفخ فيها بنشر معلومات مغلوطة”.

وأكد في حديثه أن الأمر يتطلب سرعة التدخل من جانب الجهات الرسمية في البلدين لنفي الشائعات ووأدها حتى لا تستمر طويلاً، مشيراً إلى أن العلاقات العسكرية واضحة بين البلدين، وأن مطار مروي كان شاهداً على تنفيذ مناورات عسكرية تسمى “نسور النيل” والتعاون والتنسيق بين البلدين أمر طبيعي.

ولفت إلى أنه في الأوقات التي تشهد قدرا من التوتر يتم استدعاء قضايا خلافية مثل مسألة دعم الجيش المصري لنظيره السوداني، وأن القاهرة أظهرت حيادا واضحا تجاه الأزمة السودانية، واستضافتها الكتلة الديمقراطية التي تعارض البرهان وترفض توقيعه على الاتفاق الإطاري تدحض الحديث عن حصوله على دعم عسكري مصري.

وقالت مصادر مصرية حول حقيقة الدعم العسكري للبرهان، فاستبعدت ذلك، لأن ميل القاهرة إلى دعم الجيوش النظامية لا يفهم على أنه يقود إلى دعمها مباشرة، وهو ما يتنافى مع العقيدة العسكرية المصرية التي تنأى عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فما بالك بالسودان الذي يعيش عقدة مع مصر، بصرف النظر عن هوية النظام الحاكم في الخرطوم، حيث يحمّل البعض القاهرة مسؤولية ما يعانيه من مشاكل.

نبيل أبوالنجا: مصر لديها مبدأ لا تحيد عنه يتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولةنبيل أبوالنجا: مصر لديها مبدأ لا تحيد عنه يتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة

وذكرت المصادر المصرية لـ”العرب” أن القاهرة لم تستخدم الطيران في ضرب سد النهضة الإثيوبي وهو في المهد، حفاظا على الأمن والسلم الإقليمييْن، فكيف تتورط في تدخل عسكري أيا كان نوعه مع بلد مثل السودان، محذرة من أن ترويج هذه المعلومات تقف خلفه جهات تريد خلق أزمة تساعدها في الهروب من أزمتها الداخلية.

وقال مؤسس الفرقة (999) صاعقة بالجيش المصري اللواء نبيل أبوالنجا إن مصر لديها مبدأ لا تحيد عنه يتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وأي اقتتال قبلي أو شعبي يدور في أي من دول الجوار ترى أنه لا بد أن يتم حله بالأساليب السلمية، وهناك رفض لإراقة دم أي مواطن خارج الحدود.

وشدد في حديثه على أن السودان يشكل عمقا إستراتيجيا لمصر وأي “أقاويل أو شائعات مغرضة هي تستهدف الوقيعة بين أبناء الشعبين لصالح جهات معادية، وأن التدخل العسكري في الشأن السوداني يكون في حالة واحدة فقط وهي تعرضه لخطر داهم يستوجب تقديم المساعدة، والبرهان يعلم جيدا عقيدة الجيش المصري ولا يمكن أن يطلب مثل هذا الطلب”.

وأشار إلى أن مصر لم تتدخل عسكريًا في ليبيا رغم المخاطر الأمنية المحدقة بأمنها القومي، وهي تعمل بشكل دؤوب على حل الخلافات عبر استضافة جميع الأطراف والوصول إلى حل سياسي، وقال “المعلومات المغرضة حول التدخل لدعم الجيش السوداني لا تستحق النقاش حولها”.

وعلمنا أن هناك تعليمات رسمية صدرت لوسائل إعلام مصرية عديدة قبل أيام حثت المسؤولين فيها على نشر معلومات للإشادة بالروابط التاريخية مع السودان، والإشادة بالعلاقات الراسخة بين البلدين لاحتواء أزمة نشبت على مواقع التواصل الاجتماعي عقب مباراة كرة القدم بين فريقي الأهلي المصري والهلال السوداني.

وتشير هذه التعليمات إلى حرص القاهرة على عدم تعكير الأجواء بينها وبين الخرطوم، حيث تتفهم الحساسية المفرطة التي يتعامل بها السودانيون مع مصر وتضع القاهرة دوما موضع اتهام يجعلها حريصة على عدم الاقتراب من الشبهات السياسية والعسكرية.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى