موهبتك لا تموت لكنها تحتاج إلى الإيقاظ

بقلم/شيماء المرزوقي

من طبيعة الحياة المعاصرة تزاحم المهام، وكثرة الأشغال، وضغوط يومية لا تنتهي، ومع مثل هذه الآلية والوضع يغيب البعض من المهارات، وتنخفض المواهب إلى حدها الأدنى، وتهيمن الاعتيادية والروتين، وكأنهما يكسران جذوة التفكير والإبداع، ويسهمان في هبوط الابتكار، ويمنعان وضع الحلول والتطوير. مع مثل هذه الحالة، قد تجد البعض ممن يملك موهبة فطرية، في أي مجال من المجالات، مثل الرسم، أو الكتابة، أو الموسيقى، أو في مجالات ابتكارية تقنية، أسرى لروتين حياتي ممل محمل بالأعباء المكررة التي لا تعطي العقل مساحة للتفكير والاستنتاج، والبعض قد يعمل في وظيفة محملة بالرتابة وقمع التميز، ولا تسمح بالابتكار، ولا تستدعي التفكير بسبب التكرر الممل.
يمكن القول إن الموهبة الفطرية قدرة ذاتية، تتم تغذيتها بالتفكير المستمر والتجديد، والقدرة على الانطلاق، والتساؤل بشكل دائم ومستمر. وهذه الحالة تقود الإنسان نحو الإبداع والابتكار، وتحقيق النجاح، وكأنها نزعة طبيعية في الإنسان نحو التحديث والتجريب.
هذه الموهبة الفطرية تتعرض لبعض العوائق، والمؤثرات التي تحد من نموها وتعزيزها وتوظيفها التوظيف الصحيح والأمثل لتكون ذات فائدة وأثر على حياة الإنسان. من بين تلك المؤثرات السلبية البيئة الاجتماعية التي تعزز وتدعم الثبات، وعدم التغير، وهذه الحالة تضعف النزعة نحو الابتكار لدى الأفراد. وهناك النظام التعليمي الذي لا يشجع على السؤال، ولا يعمل على إنتاج مفكرين ومبدعين. ولا ننسى الإرهاق الذهني والجسدي، وأثرهما المدوي، بسبب الضغوط المستمرة التي تستهلك العقل وترهقه، وتوجد أزمة بالغة لدى الإنسان.

وهناك جانب آخر يتعلق بمساحة من الوقت، فالمبدع يحتاج إلى مساحة من الوقت سواء للتأمل أو التجريب أو الفشل. وهناك عوامل أخرى مهمة يجب التنبه إليها، لأنها تثبط تنمية الموهبة الفطرية. ويبقى السؤال المهم والحيوي: كيف ننمي الإبداع الفطري؟ بالنسبة لصغار السن، يجب الاهتمام بتوفير بيئات تعليمية تدمج اللعب بالفكر، وفيها مساحة للتعلم من الخطأ، وهناك دور حيوي ومهم للوالدين أيضاً، في منح طفلهما مساحة للتفكير والتعبير عما يدور في ذهنه من آراء وأفكار. وعلى مستوى الكبار، من المهم استقطاع وقت يومي أو أسبوعي لممارسة الموهوبة وتنميتها، ودمج مهاراتهم أو مواهبهم في أنشطتهم الحياتية.

أعتقد أن كل إنسان يملك موهبة ويستند إلى رغبات إبداعية، البعض يدركها ويعرف كيف ينميها ويقويها، والبعض الآخر يتجاهلها أمام سطوة الواقع، وتحديات الحياة.

الموهبة لا تموت، لكنها تنام بفعل التجاهل والجمود، أيقظ حواسك، وتعرف إلى موهبتك الدفينة، واجعل لها حضوراً قوياً في حياتك.

متابعات

إقرأ ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى