يحتلّ الإحسان مكانة عالية بين مراتب الدّين الثّلاث بعد الإسلام والإيمان، ويعني إتقان المرء لعمله على أكمل وجه، فالإحسان ليس شرطاً أن يكون مقابلة الإحسان بالإحسان من قبل الشّخص الّذي تلقّاه منه، بل أن يقدّم الإنسان إحساناً دون مقابل، لأنّ جزاء الإحسان في الدّنيا هو الإحسان بالجنّة في الآخرة، قال تعالى: (هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان)، وقد أمر الله تعالى الإنسان بالإحسان وتقديم المنفعة للآخرين، سواء أكانت هذه المنفعة بالمال أم بالعلم أم بالبدن، إضافة للإحسان للحيوان وتقديم الطّعام له، وقد تعدّدت صور الإحسان لتشمل الإحسان بأداء العبادات من صلاة وصيام وحج إلخ.. أداء صحيحاً، وكذلك الإحسان للوالدين وبرّهما والدّعاء والاستغفار لهما وإكرام ضيفهما، وأيضاً برّ الأقارب والابتعاد عمّا يسيء لهم، والمحافظة على أموال اليتامى وتربيتهم تربية حسنة والمسح على رؤوسهم، وسدّ جوع المساكين وعدم مسّهم بسوء وقضاء حوائجهم.
إنّ الإسلام لم ينسَ أحداً يشمله الإحسان مهما عظمت قيمة المرء أو قلّت، فقد أشار إلى الإحسان للخادم وإعطائه أجره قبل أن يجفّ عرقه مع الحفاظ على كرامته واحترام شخصيّته إلخ، ومن صور الإحسان الّتي يتفاجأ بها البعض هي الإحسان للمسيء والتّغافل عن تصرّفاته لما له أجر عظيم قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم)، فالإحسان ليس فعلتَ فسأفعل لك، إنّما هو فعل دون مقابل.
نستنتج ممّا سبق أنّ صور الإحسان كثيرة ومتعدّدة، ابتداء من الإحسان للإنسان وانتهاء بالإحسان للحيوان، ولذلك أولاه الإسلام مرتبة مرموقة وعالية من مراتب الدّين، قال تعالى: ( للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة).