منذ فجر البشرية، كان الوقت شيئاً نراه، في شروق الشمس وغروبها، وحركتها عبر السماء، لكن مع تقدم الحضارة وتطور التكنولوجيا، بدأ الزمن يتحول إلى مفهوم مرن ومتغير، تحيط بنا كثير من الأجهزة التي تحاول تنظيم وقتنا وتوجيهه، من الساعات الذكية إلى التطبيقات التي تذكرنا بالمواعيد والمهام، لكن يبدو أن هذا التنظيم جعل الزمن يفر منا أكثر.
يعيش معظمنا في عجلة مستمرة من النشاطات والمواعيد، لا يتوقف عن العمل أو الالتزامات، إلا ليبدأ يوم جديد بنفس الوتيرة السريعة، يبدو أن هذه الدوامة تجعل الأيام تتداخل مع بعضها، وكأننا نعيش في حالة مستمرة من الانتقال من لحظة إلى أخرى دون أن نستمتع بما يحدث في تلك اللحظة، وكأننا نركض خلف شيء نعرف أنه سيظل بعيداً مهما أسرعنا، هذه الوتيرة السريعة تجعلنا نشعر بأن الوقت يتسارع ويهرب منا.
التقنية الحديثة، التي كان من المفترض أن تسهّل حياتنا وتوفر لنا وقتاً أكثر، أصبحت مصدراً آخر للضغط، فكلما زادت وسائل الاتصال والتواصل، زادت الالتزامات، وأصبح الوقت ينهار أمامنا بسرعة، مع كل إشعار جديد، وكل رسالة تنتظر الرد، وكل اجتماع لا ينتهي.
ولكن هل هناك حل لهذا الإحساس الدائم بأن الوقت يهرب منا؟ ربما يكمن الجواب في أن نتعلم كيف نكون أكثر وعياً باللحظات التي نعيشها، إذا تعلمنا أن نعيش كل لحظة بكل حواسنا، وأن نقدر اللحظات الصغيرة. أن نغير الطريقة التي ندرك بها مرور الوقت، وأن نعيش ببطء أكبر ونقدر تفاصيل الحياة التي نعيشها.
من غير الممكن إيقاف الزمن أو حتى كبح سرعته، ولكننا نستطيع أن نغير علاقتنا به، إن الحياة، كما نعيشها، لن تتوقف لحظة لتنتظرنا؛ لذلك من الأفضل أن نتوقف نحن للحظة لندرك ما يحدث حولنا، ولنفهم أن السعي وراء اللحظات التالية ليس هو السبيل الوحيد للاستمتاع بالحياة.
متابعات