د. مايا الهواري
يقول رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم«إنّ عِظَم الجزاء من عظم البلاء، وإنّ الله تعالى إذا أحبّ قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرّضا ومن سخط فله السّخط». والإنسان لا يستطيع أن يعلم الحكمة في قضاء الله، ولكن عليه أن يعلم أنّ كل ما يصيبه هو خير له؛ لأنّ الله تعالى لا يختار للإنسان إلّا الخير، وما يصيبه من البلاء إنّما هو اختبار وامتحان له، وما عليه إلّا الصّبر واحتساب أمره لدى الله تعالى لينال خير الجزاء، سواء أكان ذلك في الدّنيا أو الآخرة. كما على المرء أن يبصر الرّحمة من خلال البلاء، لأنّ بعض المصائب الّتي تنزل بالإنسان تكون على قدر إيمان المرء، والحكمة من هذه الابتلاءات الّتي تصيب البشر هي أن ينظر الله إلى قلوب عباده ومدى رحمتهم بالعباد، وهل يرحمون بعضهم بعضاً، فالرّاحمون يرحمهم الرّحمن، كما يعلم مدى رضاه بقضاء الله.
إن الابتلاء يجعل الإنسان يساعد أهل البلاء، ومأجور على ذلك، ومتى امتلأ القلب بالرّضا عاش المرء سعيداً لعلمه أنّ الله أرحم بعباده من رحمة العباد بأنفسهم.
إنّ للابتلاء حكماً عظيمة، ففيه تحقيق العبوديّة لله تعالى، وهو تمكينٌ للمرء في الأرض، فقد قيل للإمام الشافعي، رحمه الله: أيهما أفضل: الصّبر أو المحنة أو التّمكين؟ فقال التّمكين درجة الأنبياء ولا يكون التّمكين إلا بعد المحنة، فإذا امتحن صبر وإذا صبر مُكّن، كما أنّ في البلاء أجراً ورفعة، إذ يقول رسول الله: ما يصيب المرء من شوكة فما فوقها إلّا رفعه الله بها درجة أو حطّ عنه بها خطيئة.
لذا فلنحمد الله على كل ما يعترض حياتنا من مصائب وشدائد، ولنحاول حلّها قدر المستطاع، ولنصبر على ذلك حتّى وإن توالت الابتلاءات، فهذه رحمات من الله تعالى نزلت على الإنسان.
نستنتج مما سبق أن كلّ ما ينزل بالإنسان هو رحمة وفرج له وتكفير للذنوب، ولا أحد يعلم الحكمة من ذلك، وما على الإنسان إلّا أن يرضى بقضاء الله وقدره ويحمده على كلّ شيء، فالله تعالى أرحم بعباده من رحمة الإنسان بنفسه وبالعباد. قال تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
متابعات