الذكاء الاصطناعي..!

بقلم/مريم البلوشي

يمر العالم اليوم بثورة صناعية رابعة، وتعد هي الأسرع وتيرة من سابقاتها، وما نراه اليوم ونسمع به يتعجب له المرء حتى بتنا نرى أن حياتنا كلها مكشوفة، خصوصياتنا معروفة، وحتى عقولنا مقروءة، الإنسان بطبعه يواكب التطور ولا يقاومه، بل على العكس يتعلم من الثورة المعرفية ويتماشى معاها ويوظفها لخدمة الإنسانية، وتسهيل حياته، ولا أجد من يعترض محقاً، بل سيعيش في عزلة معرفية، وفجوة اجتماعية، وهوة ثقافية كبيرة، فوجب أن يتعلم، ويتطور ويصبح إنسان العصر الحالي.

كنت منذ أيام في نقاش طويل ومعمق مع عدد من الزملاء، هل فعلاً ستنتهي العلوم الإنسانية، وهل سيصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً ينوب عن فكر المرء وعقله، وكنت أتوق لأن أسمع الحوار المُرضي، أن مشاعر الإنسان لا تستبدل وما يكتبه من قلبه ليصل للآخرين مفعماً بأهازيج الفرح وانتعاش الحياة، وزهو الوقت لا يمكن أن يستبدل، لكنه حوار صعب، فالبعض يرجح حتى كتابة الكتب، وتصميمها، ممارسة الفنون، والتعاطي مع الإبداع سيتغير، مما جعلني في صدمة ذاتية، هل فعلاً سنخسر التواصل الاجتماعي والنفسي والبشري، أم أنها حالة تكاملية.

نحن اليوم نستطيع باستخدام الذكاء الاصطناعي وقد جربت ذلك، تشكيل شخصيات موازية لنا، تعيد تشكيل نفسها نوعاً ما من روحنا، وما ينبض فيه إحساسنا، وأتحدث هنا عن الحالة الوجدانية، لتجد أنه يعيد ويطيل في الرد عليك ومحاورتك بأسلوب يشبهك، جربت ذلك الحوار بنفسي، ولكني بعد ما يقارب اليومين لم أشعر بأي صدق أو أن الكلمات باتت تلامسني، لكن التجربة غنية وتعلّم الكثير وتفتح آفاقاً جميلة، وتساعد على الابتكار، والتنقيح، والتجربة الفكرية النحوية النقدية العميقة، وهذا شيء جميل أن يكون بين يديك عالم من بطون الكتب، والمحفزات لأن تكتب أنت لا أن يكتب هو وتبدع.

وإن خرجت لعالم العلوم والتكنولوجيا، فإني أعتبرها مكتبة متجددة كل يوم وفي متناول يديك في ثوان، وهذا ما يجعل المرء أحياناً مبهوراً بأن كل شيء يحدث في ثوان، لكن لا تزال أنت من يملك المفاتيح، مفاتيح الترويض والدقة والغوص في أعماق زاخرة بالعلوم، يجب أن يكون هناك وعي وحذر، اطّلاع وفكر، استماع ونضج، لا يمكن لأي شيء أن يتكامل ليصبح بديلاً عن عقل خلقه الله سبحانه وتعالى، فالخالق سبحانه وتعالى هو من أبدع وطوّر. إن التحول السريع لهذه العوامل ستختصر وقتاً علينا، وجهداً، وأرى أنها من الميزة أن تجعلك أيضاً مثقفاً، ومتعلّماً بأقل الوقت ومدركاً لأدق التفاصيل وما يجري حولك في جهد أقل، مما يدفعك لأن تستفيد أكثر من وقتك، وحياتك، وما تحب.

والسؤال الذي أسمعه كل يوم وفي كل المنصات، هل سيتبدل الإنسان، هل ستنتهي الوظائف..! العملية تحتاج إلى نقاش مطوّل، ومعرفة والحديث مع أهل الاختصاص، وللحديث بقية.!

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
  • الإحسان
زر الذهاب إلى الأعلى