ابيضاض الدم
سيمفونية قلم

البعض يعرف فصيلة دمه جيداً مع أنه قد يكون «بلا دم» من الأساس، والبعض لا يدرك مدى تأثير وزن سائله الأحمر الثقيل أو الخفيف في معظم الناس، وإن كنّا بالطبع (نحبذ) خفة الدم لسيولة جريانه مع الإحساس، ولذلك نحوّل حرف الحاء إلى نون كي (ننبذ) سماجته وثقله التي تحبس الأنفاس، فبئس الدم والنوع و(الفصيلة)، وتباً لمن حذف نقطة (الفضيلة)، وسُحقاً لمَن أقسم بعهد (الوفاء)، وضميره يقسم أن الهمزةَ تاء، على سبيل (الوفاة) مثلاً! وربما أثبت ذلك فعلاً وقولاً، حيث التف حبل الكذب حوله مُعتنقاً، حتى صار له عُنقاً، إِذَن بالله عليكم… كيف نلوم من تخبَّط شنقاً! ثم عاش بيننا كائناً حياً بلا دم، يشن علينا كل تارة وأخرى حملةً للتبرع (بالهم)! لكن لا عليكم، فعلى العموم أن نموت وقلبنا حي لا يُرزق، خيرٌ من أن نعيش وقلبنا ميتٌ يُرزق، أليس كذلك؟
جاء الموسيقار (بيلا بارتوك) من أقصى بلاد «المجر»، ليفتت قلوباً احتضنت الحجر، فلم يأبه بالراتب ولا بالأجر، وأُعتبر من أهم ملحني القرن العشرين في بدايات الحقبة الحديثة، بعيداً عن معاصرته الحرب العالمية الأولى والثانية ونتائجهما الخبيثة، كانت والدته الحنون أول من علمه البيانو في طفولته، وكان والده العظيم أكبر وأول خطوةٍ له في طريق رجولته، رغم وفاته ورحيله عن طفله الصغير في سن الثامنة، لتتفجر بعدها إمكانياته الرهيبة وطاقاته الكامنة، ففي عمر العاشرة تدفقت ألحانه بين أصابعه، وتفجرت مواهبه وجميع منابعه، فتعمق في دراسة موسيقى الشعوب، وجَمَع الأغاني الشعبية بقلبٍ طروب، كما أنه عمل معلماً للموسيقى، وإن كره فكرة التدريس في الحقيقة.

بيلا بارتوك