لماذا تريد واشنطن معاقبة كتيبة “نتسيح يهودا” في الجيش الإسرائيلي؟

“يجب ألا يعاقب الجيش الإسرائيلي”، بهذه العبارة، علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو عن تقارير تفيد باحتمال فرض واشنطن عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” التابعة للجيش الإسرائيلي بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، قبل بدء الحرب في غزة.

وتعهد نتانياهو بالعمل “بكل الوسائل” ضد أي عقوبات محتملة تستهدف جنودا إسرائيليين.

وكانت تقارير إعلامية أميركية، أفادت بأن وزارة الخارجية تستعد لفرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” التابعة للجيش الإسرائيلي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية المحتلة.

فما هي التجاوزات التي ارتكبتها هذه الكتيبة حتى أصبحت في مرمى العقوبات الأميركية؟

تقول صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن أعضاء هذه الكتيبة “شاركوا في العديد من حوادث العنف المثيرة للجدل، كما أدينوا في الماضي بتعذيب وإساءة معاملة السجناء والمعتقلين الفلسطينيين”.

من جانبها، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي حققت خلال السنوات الأخيرة، في العديد من الحوادث التي تورطت فيها الكتيبة، إن النتيجة التي توصلت إليها هي أن الكتيبة “أصبحت نوعا من الميليشيات المستقلة التي لا تخضع لقواعد الجيش”.

الصحيفة نقلت عن جندي من كتيبة أخرى في الجيش الإسرائيلي كانت تعمل ضمن كتيبة “نيتسح يهودا” أنه في إحدى الليالي، طلب جنود تابعون لـ”نيتسح يهودا” من أحد الفلسطينيين النزول من سيارته وعندما فعل انهالوا عهليه بالضرب بطريقة “جنونية” حتى فقد وعيه.

الحادثة المذكورة وقعت في أبريل 2022، “لكن هذه المرة لم تنته بالموت” كما حدث مع فلسطيني مسن الشهر الماضي، وفق ذات الصحيفة التي وصفت الكتيبة بـ”الخارجة عن سيطرة الجيش”.

تقول “هآرتس” التي عنونت تقريرها عن الكتيبة بـ”أكاذيب وعنف وأيديولوجية اليمين المتطرف” إن جنودا من “نيتسح يهودا” كانوا، الشهر الماضي، وراء مقتل عمر عبد المجيد أسعد، وهو فلسطيني- أميركي كان يبلغ من العمر 78 عاماً، عندما لفظ أنفاسه الأخيرة بعدما قام أفراد الكتيبة بتقييد يديه وتكميم فمه وإرغامه على الاستلقاء على بطنه في البرد .

وبدت حادثة إبريل 2022 في البداية “عاديًة إلى حد ما” حيث قال الجنود إنهم أوقفوا السيارة لأنهم كانوا يخشون أن يحاول السائق القيام بعملية دهس.

لكن بحسب شهود عيان، لم يكن هناك أي شيء مريب في الطريقة التي كانت تسير بها السيارة.

علاوة على ذلك، بعد مرور نصف ساعة على الحادثة، استبعد جهاز الأمن العام الشاباك والشرطة والقيادة المركزية للجيش وجود محاولة لشن هجوم.

وقال الجندي من الوحدة الأخرى “كان هناك أشخاص يحاولون علاج الفلسطيني الذي كان في حالة سيئة بسبب الضرب” ثم تابع “لقد صرخوا على مسعف نيتسح يهودا لكي يأتي للمساعدة، لكنه رفض” مدعيا أن الضحية إرهابي، وفقا للصحيفة.

وأردف أن الجنود رفضوا حتى توفير المياه التي طلبوها لعلاج الفلسطيني. “لقد كان حادثا جنونيا” وفق قوله.

وفي خضم الحرب في غزة، شاركت قوات نيتسح يهودا في عدة عمليات في بيت حانون شمالي غزة.

وفيما يتعلق بمختلف الأحداث المثيرة للجدل، قال الجيش الإسرائيلي إنه “يعمل وسيواصل العمل للتحقيق في كل حدث غير عادي بطريقة مركزة ووفقا للقانون” بحسب ما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

والأحد، قال الجيش الاسرائيلي، إنه لا علم له بأي عقوبات أميركية ستفرض على كتيبة “نيتسح يهودا” التابعة له، موضحا في بيان له أن في حال فرضت العقوبات فسوف تتم مراجعة الأمر، وفق مراسل الحرة.

ودافع الجيش في البيان عن هذه الكتيبة مؤكدا أنها تنشط في قطاع غزة “وتعمل بروح الجيش الإسرائيلي ومبادئ القانون الدولي”.

يقول تقرير لمنظمة  “دون”  إنه بين عامي 2015 و2022، تورطت الكتيبة في عدد من الحوادث الخطيرة التي تنطوي على انتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك إطلاق النار وقتل مدنيين عزل، والتعذيب، والاعتداء الجسدي، والضرب، والاعتداء الجنسي، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

و”دون” منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان لجميع شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق تعريفها.

وجاء في التقرير “خلال هذه الفترة، قتل جنود من الوحدة ثلاثة فلسطينيين – وهم إياد زكريا حامد (38 عاما)، وقاسم عباسي (16 عاما)، والفلسطيني الأميركي عمر عبد المجيد أسعد (78 عاما) – في حوادث استخدم فيها الجنود القوة المميتة ضد مدنيين عزل دون مبرر”.

وتابع التقرير “في كل حالة تقريبا، تبين أن الجنود كانوا يكذبون أو يتسترون على الأحداث للإيحاء بأنهم كانوا يتصرفون دفاعا عن النفس”.

وتتبع كتيبة “نيتسح يهودا” إلى لواء كفير، ويعود تأسيسها إلى عام 1999 وكانت تعرف باسم “ناحال حريديم” حيث كانت تتكون من جنود من الأرثذوكس المتشددين الذي يعرفوا باسم “الحريديم”.

والنواة الأولى للكتيبة “ناحال حريديم” كانت تضم 30 جنديا، ضمن مشروع بدأته منظمة “نيتسح يهودا” بالتعاون مع وزارة الدفاع الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي، بحسب موقع المنظمة.

واسم “نيتسح يهودا” هو اختصار لعبارة “الشباب العسكري الحريدي” بحسب المنظمة، إذ سميت بيهودا على اسم مؤسس الكتيبة يهودا دوفدفاني.

“معايير خاصة”

يقول ضباط وجنود سابقون وحاليون خدموا في الكتيبة إنها وضعت منذ سنوات معاييرها الأخلاقية والمهنية الخاصة – وقد غض كبار الضباط الطرف عنها.

يقول أحدهم إنهم كانوا يخرجون في عمليات روتينية في القرى، وفجأة يقوم أحد الرجال بإلقاء قنبلة صوت على منزل أو سيارة عابرة.

“عادة ما يكون ذلك من أجل الضحك فقط”، يؤكد الجندي من الكتيبة للصحيفة، والذي ترك الجيش قبل عامين.

ويؤكد أنه لاحظ أن جنود الكتيبة كانوا مهتمين بالظهور باستمرار كقوة مختلفة، وأنهم -على عكس جميع الألوية التي يتم استبدالها كل بضعة أسابيع-، يعيشون في هذه المنطقة ويعرفون جيدا ما يجب القيام به.

ومنذ تسريح هذا الجندي، تراكمت كثير من الأدلة التي تدعم ادعاءه، تقول “هآرتس”.

وأفاد فلسطينيون في بلدة سنجل بالقرب من رام الله أن جنود “نيتسح يهودا” حطموا نوافذ أحد المنازل واقتحموا البيت وهددوا الأسرة بمسدس.

وقال مصدر في القيادة المركزية: “لقد تم إجراء تحقيق في هذا الحادث، وكان الأمر برمته غير مناسب من الناحية العملياتية”. وتابع “في نهاية التحقيق تم توضيح الأوامر والأنظمة للجنود”.

الصحيفة علقت على ذلك بعبارة “لكن كانت هذه حادثة أخرى، أثارت تحقيقا وتوضيحا للأنظمة دون أي عقوبات”.

ويتذكر مسؤول دفاعي اجتماعا للقيادة المركزية قبل عامين تقريبا بعد حادثة أخرى تتعلق بنيتسح يهودا.

وبحسب الوثيقة التي تلت الاجتماع، فإن “معظم الجنود المقاتلين من الكتيبة هم من عائلات تعيش في المنطقة، ما يجعل من الصعب عليهم الفصل بين آرائهم الشخصية ومطالب قادتهم”.

وتساءل المجتمعون عن كيفية معالجة القضايا المتعلقة بالكتيبة “وكان أحد الخيارات هو حلها ووضع جنودها في وحدات أخرى”، تؤكد الصحيفة الإسرائيلية.

وقال مسؤول “لقد أدركنا بسرعة كبيرة أن حل نيتسح يهودا سيكون بمثابة إعلان حرب على المستوطنين”.

وأضاف: “وجهة نظرهم هي أن هذه الكتيبة تابعة لهم، وأنها قوة تعمل لصالح المشروع الاستيطاني”.

“يبدو أن لا أحد في الجيش يجادل في هذا”، تؤكد الصحيفة التي نقلت عن ذات المسؤول قوله  إنه عادة ما يأتي رؤساء قيادات المستوطنين إلى الكتيبة بحُرية ويتحدثون مع الجنود، كما يأتي حاخامات ويعطون الجنود دروسًا ويتحدثون معهم حول حوادث العمليات “إنها نوع من الكتائب أو الميليشيا”، وفق قوله.

يذكر أنه منذ أن بدأت الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر، أصدرت الولايات المتحدة ثلاث حزم من العقوبات ضد مستوطنين بسبب ارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين.

وصدرت الحزمة الأخيرة، الجمعة، وشملت زعيم جماعة لهافا اليمينية المتطرفة، بنزي جوبشتاين، وهو حليف مقرب من إيتمار بن غفير، وزير وزير الأمن القومي الإسرائيلي.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى