دخل «تشات جي بي تي» عالم التعليم بقوة، وفرض نفسه كأداة لا يمكن الاستغناء عنها، إذ أصبح الخيار الأول لدى كثير من الطلبة في إنجاز واجباتهم ومشاريعهم. وأسهم في تقديم حلول مبتكرة وسلسة وغير متكلفة، مما شجع الطلبة من مختلف المراحل الدراسية، من الابتدائي إلى طلبة الماجستير والدكتوراه، على اعتماده بشكل متزايد.
ظاهرياً، يعتبر «تشات جي بي تي» أداة تعزز عمل الطالب، إذ يفتح له آفاقاً جديدة ويطوّر تعامله مع الذكاء الاصطناعي منذ الصغر. إلّا أن هناك آثاراً جانبية مستقبلية يجب الوقوف عندها والتعامل معها بوعي، حتى لا ينشأ جيل يعتمد كلياً على النقل واستخراج الإجابات الجاهزة دون بذل أي جهد شخصي.
من الملاحظ أن بعض الطلبة يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في إعداد مشاريعهم وحلّ واجباتهم، دون أن يضطروا حتى إلى استيعاب ما يقدمونه، فيكتفون بتسليم المهام إلكترونياً أو عبر نسخ مطبوعة. وهنا تظهر أهمية دور المعلم في توجيه الطالب، من خلال مطالبة الطلبة بعرض مشاريعهم وشرحها أمام زملائهم، مما يدفع الطالب إلى إعداد المحتوى وفهمه جيداً قبل تقديمه.
كذلك، فإن دور ولي الأمر مهم جداً في تنمية مهارات الأبناء، خصوصاً المهارات الاجتماعية، فالاعتماد المفرط على تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى عزلة الطفل عن محيطه الاجتماعي، حيث يقتصر تفاعله مع جهازه الذكي، ويستغني تدريجياً عن أصدقائه وعلاقاته المباشرة، مما قد يؤثر سلباً في نموه النفسي والاجتماعي.
لسنا ضد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، ولا نرغب في حرمان الأجيال الصغيرة من الاستفادة منها، ولكن من الأفضل توجيههم نحو الاستخدام المتوازن، بحيث يكون الذكاء الاصطناعي داعماً لعقولهم، وليس بديلاً عن مهاراتهم، ويمكن تحقيق ذلك عبر تنمية الأعمال الفنية، والأنشطة التقنية واليدوية، التي تعزز التفكير الإبداعي والعمل الجماعي.
الأهم من ذلك، أن تساير المناهج التعليمية هذا التطور السريع، مع مراعاة تنمية القدرات العقلية والحركية لدى الطلبة. فالفرق واضح اليوم بين طالب يحل مسألة رياضية بقدراته الشخصية، وطالب يعتمد بشكل كامل على أدوات الذكاء الاصطناعي. ولهذا، فإن العمل الجماعي والميداني يسهم في بناء مهارات التفكير والتحليل وحل المشكلات، مما يؤهل الطالب للنجاح المتكامل في المستقبل.