تخليق أذن بشرية صناعية باستخدام تقنيات الطباعة المجسمة

 بفضل تقنيات الطباعة الإلكترونية ثلاثية الأبعاد ودراسات متخصصة في الطب والهندسة، نجح فريق من الباحثين في الولايات المتحدة في تخليق أذن بشرية صناعية تبدو طبيعية من حيث الشكل والملمس.

وبحسب الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية اكتا بيومترياليا، توفر الأذن الصناعية بديلا مثاليا لمن يعانون من مشكلات خلقية في الأذن أو فقدوا أذنهم خلال حوادث في مراحل عمرية لاحقة.

ويقول الطبيب جاسون سبكتور المتخصص في مجال جراحات التجميل في مركز ويل كورنيل الطبي في الولايات المتحدة إن “إعادة بناء الأذن يتطلب جراحات عديدة وقدرا كبيرا من الدقة والمهارة الطبية المهنية” واستطرد قائلا للموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية إن “هذه التقنية الجديدة تتيح في نهاية المطاف خيارا يبدو طبيعيا بالنسبة للآلاف الذين يحتاجون إلى جراحات لعلاج تشوهات الأذن الخارجية“.

ويعتمد الجراحون حاليا على غضاريف من ضلوع الأطفال من أجل بناء الأذن للمرضى الذين يحتاجون إلى مثل هذه الجراحات، ولكنها تكون عمليات مؤلمة وتترك ندوبا على الجسم، غير أن التقنية الجديدة تستخدم خلايا غضروفية مستخلصة من حيوانات يتم زراعتها داخل إطارات من مادة الكولاجين. وقام الفريق البحثي بمعالجة الغضاريف المستخلصة من الحيوانات بطريقة معينة حتى لا يلفظها الجسم بعد تركيبها.

الأذن الصناعية توفر بديلا لمن يعانون من مشكلات خلقية في الأذن أو فقدوا آذانهم خلال حوادث في مراحل عمرية لاحقة

ويعتمد الفريق البحثي على تقنيات الطباعة المجسمة من أجل بناء إطار على نفس شكل الأذن المفقودة اعتمادا على البيانات الحيوية لكل مريض على حدة. ويقول الباحثون إن الأذن الصناعية تتشابه إلى حد كبير مع نفس الصفات التشريحية للأذن الطبيعية للمريض، وهي مواصفات كان من الصعب تحقيقها باستخدام التقنيات السابقة.

ورغم أن الأذن التخليقية تتشابه مع الأذن الطبيعية من حيث الشكل والمرونة والملمس، فإن المواد المستخدمة في هذه النوعية من العمليات لا تكون بنفس صلابة الغضاريف الطبيعية وقد تتعرض للقطع في حالات الحوادث وغيرها.

ويرتبط نجاح زراعة أي عضو اصطناعي في الجسم بعدة عوامل، من أهمها أن يكون مطابقا تماما للعضو الأصلي وهو أمر كان أشبه بالمستحيل، لكن يبدو أن تقنية الطباعة المجسمة (الطباعة الثلاثية الأبعاد) قد حولت المستحيل إلى حقيقة.

ولم يعد مؤخرا استخدام الطباعة الثلاثية مقتصرا على عالم الصناعة فحسب، بل دخل في مجال الطب أيضا محدثا ثورة كبيرة فيه، فبواسطة الطباعة الثلاثية الأبعاد أصبح من الممكن صناعة أعضاء بشرية يمكن زرعها في جسم الإنسان، فضلا عن إمكانية ترميم الجماجم أيضا.

وتتميز الطباعة الثلاثية الأبعاد بدقة فائقة، إذ تقوم بمحاكاة أي نموذج ثلاثي الأبعاد أو مجسم، مكونة صورة طبق الأصل، وذلك عبر طباعة طبقات رقيقة فوق بعضها البعض بدقة عالية جدا، وهو أمر مهم جدا لدى صناعة الأعضاء البشرية.

فزيادة دقة تطابق الأعضاء الاصطناعية مع الجسم، يقلل من المشاكل التي تظهر أثناء عملية الزرع حسبما يؤكد البروفيسور بيرند ديتريسش كاتاغن، أخصائي جراحة العظام وأحد الأطباء الذين قاموا بزراعة ركبة اصطناعية صنعت بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد.

Thumbnail

ولصناعة ركبة اصطناعية يحتاج الأمر في البداية لإجراء تصوير مقطعي بالأشعة السينية لموضع الركبة. وبعد ذلك يتم تحويل تلك البيانات بمساعدة برنامج رقمي خاص إلى نموذج ثلاثي الأبعاد للركبة الاصطناعية. ثم يتم بواسطة الطابعة الثلاثية الأبعاد تصنيع الركبة الاصطناعية طبقة طبقة بحيث تصبح مهيأة لعملية الزراعة في الجسم.

ولهذه التكنولوجيا الحديثة مميزات كثيرة، فهي تساعد الأطباء على إزالة نسبة أقل بكثير من العظام، فضلا عن ميزة أخرى يشرحها البروفيسور كاتاغن بقوله إن لكل عظم عرضه وكثافته وطوله، مما قد يؤدي إلى حدوث اختلاف في المقاسات عند صناعة الركبة، أما الآن فلدينا غلاف بمقاييس غاية في الدقة، الأمر الذي لم نألفه من قبل

وبفضل الطابعة التي أعدت القطع المعدة للزرع بمنتهى الدقة أصبحت مدة إجراء العملية أقصر ونزيف الدم أقل والآلام أخف. لكن وكما هو الحال بالنسبة للتقنيات الحديثة فهناك نقص في البحوث المعمقة المتعلقة بالركب المجهزة بواسطة الطابعة الثلاثية الأبعاد. ورغم ذلك فإن البروفيسور كاتاغن مقتنع بنجاح تقنية صنع الركب الجديدة وهو ما يؤكده بقوله إن هذه التقنية ستسود بكثرة في العقد المقبل.

وكان علماء إسرائيليون قد كشفوا النقاب عن تمكنهم من تخليق أول قلب بشري في العالم باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

ويقول فريق العلماء من جامعة تل أبيب إنهم باستخدام هذه التقنية لم يتمكنوا من تخليق أنسجة القلب فحسب، ولكن أيضا الأوعية الدموية، الأمر الذي قالوا إنه يحدث للمرة الأولى، ووصفوه بـ”الإنجاز الطبي الكبير” لما يعطيه من أمل في مجال زراعة القلب.

ويأمل العلماء أن تفتح هذه الخطوة المجال أمام تخليق قلوب مناسبة للزراعة في أجسام البشر، إضافة إلى تخليق أنسجة لاستخدامها في تجديد الأجزاء التالفة من القلوب المصابة.

والقلوب التي تمكن فريق البحث من تخليقها صغيرة الحجم، إذ أنها بحجم قلوب الأرانب.

Thumbnail

وقال تال دفير، العالم الذي أشرف على البحث وقاد الفريق الطبي، إنها “المرة الأولى التي ينجح فيها أي شخص في أي مكان بتصميم وطباعة قلب كامل مليء بالخلايا والأوعية الدموية والبطينين والغرف القلبية“.

وأضاف “تمكن علماء في السابق من استخدام هذه التقنية لتخليق هيكل القلب الخارجي فقط، دون الخلايا أو الأوعية الدموية“.

لكن العلماء قالوا إنه لا تزال أمامهم العديد من التحديات التي ينبغي عليهم مواجهتها قبل أن تصبح القلوب المخلقة بهذه التقنية، والتي تعمل بشكل كامل، متاحة للزراعة داخل أجساد المرضى.

ويبقى أمام الباحثين الآن أن يجعلوا القلوب المخلقة “تحاكي عمل” القلوب الحقيقية بشكل كامل، إذ أن الخلايا الآن قادرة على الانقباض، لكن ليست لديها القدرة على الضخ بعد.

وستكون الخطوة اللاحقة تجربة زراعة هذه القلوب في نماذج من الحيوانات، ويأمل قائد فريق البحث الطبي إنجاز ذلك خلال عام.

وقال دفير “ربما، خلال 10 سنوات، ستتوفر طابعات للأعضاء في أفضل المستشفيات حول العالم، وتصبح مثل هذه العمليات روتينية“.

لكنه أضاف أنه يرى أن المستشفيات ستبدأ على الأرجح بأعضاء أكثر بساطة من القلوب.

وتعد أمراض القلب والأوعية الدموية المسبب الرئيسي للوفاة في العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، كما تعد عمليات الزرع الخيار الوحيد المتاح أمام المرضى من ذوي الحالات المتقدمة في المرض.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى