كيف ظهر مصطلح “جمهوريات الموز”؟

يثير مصطلح “جمهورية الموز” حفيظة السياسيين، والذين يتندرون في استخدامه في دلالة على رفضهم لأي إملاءات خارجية أو يوجهون من خلاله اتهامات للدول بالفساد والفوضى.

ماذا يعني مصطلح “جمهورية الموز”؟

يعتبر “جمهورية الموز” من المصطلحات “المهينة” والمسيئة للدول، والتي تعتمد في إيراداتها على تصدير منتج أو سلعة واحدة، أو تخضع لشركات أو صناعات أجنبية، بحسب موسوعة “بريتانيكا”.

ومن خصائص هذه الدول أنها تضم بنية اجتماعية أو اقتصادية طبقية، حيث تتواجد طبقة حاكمة صغيرة تتحكم في الوصول إلى الثروة والموارد، وهي غير مستقرة سياسيا، وتمتاز بهياكل حكم ضعيفة، مما يؤدي إلى انتشار الفساد والفقر وتنعدم فيها المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

ويعود استخدام هذا المصطلح إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما سيطرت شركات أميركية واستغلال الأراضي والعمال بمزارع الموز في دول أميركا الوسطى والجنوبية.

ويستخدم السياسيون والمحللون مصطلح “جمهورية الموز” لوصف سيناريوهات الفساد والقمع والفشل في السيطرة على السلطة التنفيذية.

ظهور مصطلح “جمهورية الموز”

ظهر مصطلح “جمهورية الموز” لأول مرة في قصة قصيرة صاغها المؤلف الأميركي، أو هنري، عام 1901، وأعاد استخدامها في كتابه الأول بعنوان “الملفوف والملوك” الذي صدر عام 1904.

يصف هنري دولة خيالية أسماها “أنشوريا” وهي “جمهورية الموز البحرية الصغيرة”، ورغم أنه لم يذكرها حرفيا إلا أنه استند في كتابته على تجاربه في هندوراس حيث عاش لعدة أشهر هناك وشاهد كيف شيدت الشركات الطرق والموانئ والسكك الحديدية مقابل الأرض لزراعة الفاكهة.

وتعزو موسوعة “بريتانيكا” أصل مصطلح جمهورية الموز كمفهوم إلى عام 1870، عندما بدأ لورنزو داو بيكر تسويق الموز الذي اشتراه في جامايكا في الولايات المتحدة، ما أوجد طلبا كبيرا على هذه الفاكهة، لتستحوذ شركة “يونايتد فروت” على نسبة كبيرة من السوق والإنتاج وتصبح أكبر مالك لمزارع الموزر في العديد من دول أميركا الوسطى والجنوبية.

ويشير تقرير نشره موقع “ذا كونفيرجن” إلى أن تزايد الطلب على الموز دفع بشركات أميركية كبرى في ثمانينيات القرن التاسع عشر إلى عقد صفقات مع الحكومات في جميع أنحاء أميركا الوسطى، وموّلوا مشاريع البنية التحتية مقابل الحصول على الأراضي والسياسيات الزراعية التي تسمح لهم بتوسيع الإنتاج.

واعتمدت المزارع على وجود حكم استبدادي لحماية امتيازات الأراضي وقمع الاضطرابات العمالية، وفي بعض الأحيان تدخلوا بشكل مباشر في العملية الديمقراطية، لضمان وجود طبقة سياسية تخدم مصالحهم، وعلى سبيل المثال دعمت شركة “كوياميل” للفواكه انقلابا في هندوراس، عام 1911، من أجل استبدال رئيس البلاد بشخص أكثر توافقا مع المصالح الأميركية، وفقا للموقع ذاته.

وبالنهاية أدت العلاقات الوثيقة بين منتجي ومصدري الموز والقادة القمعيين والفاسدين إلى تقويض التنمية في عدة دول، وفاقمت من عدم المساواة وتركت بلدان أميركا الوسطى والجنوبية ضعيفة وفاسدة.

الشاعر التشيلي، بابلو نيرودا، كتب قصيدة عن هيمنة الشركات في دول أميركا الجنوبية بعنوان “كانتو جنرال” عام 1950، وقال فيها: “أما شركة يونايتد فروت، احتفظت لنفسها بالقطعة الأكثر جزالة، الساحل الأوسط من عالمي، خصر أميركا الناعم، وأعادت تعميد هذه البلدان، وسمتها جمهوريات الموز”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى