بقلم/ شيماء المرزوقي
لو أننا ردّدنا ما يقوله بعض علماء التربية والمختصين في الطفولة من أن الأطفال ضحايانا لشعر بعض الآباء والأمهات بالاستغراب. لكن في المجمل، الأطفال ضحايا لأفكارنا ومحاولاتنا التي لا تعرف الملل ولا الكلل في تقديمهم للعالم، وكأنهم صورة طبق الأصل منا، فضلاً عن تقييد الطفل بقيد الرعاية المبالغ فيها، حيث نمنع عنه حتى الركض واللعب.
وبمثل هذه الجوانب نحن في الحقيقة نجعل الأطفال ضحايا لا أكثر. في هذا العصر تحديداً، بين أيدينا علوم عديدة وغزيرة تحدثت عن الطفولة وعن أهمية تنمية المواهب المعرفية لدى الأطفال، وكشفت جوانب كثيرة، لكننا لم نستفد من كل هذا الزخم العلمي في الكيفية المناسبة للتعامل معها. والمذهل بحق أنك ستجد أن كل علم من العلوم الإنسانية تحديداً تحدث عن الطفل، وقدّم آراء علمية ومعرفية حوله، وعلى الرغم من هذا فإن هناك فجوة بين ما تحتويه تلك الكتب وما وصلت إليه البحوث، وما يدور في الأروقة العلمية من آراء للتعامل والتعاطي مع الطفل، وما يتم تطبيقه فعلاً على أرض الواقع من ممارسات ضد الطفولة وبراءتها ونقائها ومستقبلها. والنتيجة أطفال يعانون أمراضاً نفسية، تكبر معهم وتؤثر بشكل بالغ في مستقبلهم.
وعلى الرغم من هذا فإن المكتبة العربية تحديداً فقيرة في الكتب المتخصصة في رعاية الطفل، وكيفية التعامل معه دون المساس بنفسيته المرهفة الرقيقة الصغيرة، وعندما نعرف أن هناك ما يشبه العزوف عن القراءة، وشحاً في مكتبة الطفل المعرفية، عندها سنفهم سبب كل هذه الأخطاء التي تقع من البعض عند تربيته أطفالهم.
وهناك جانب أعده بالغ الأهمية هو الغياب التام لذوي الأطفال عن أطفالهم، والطفل كما هو معروف يحتاج إلى التوجيه والقدوة، وعندما يكون الأب منشغلاً بشكل تام والأم كذلك حينئذ تُفقد حاجة الطفل لبناء شخصيته القويمة. أطفالنا يستحقون أن يطور الأب والأم مواهبهما المعرفية، وأن يكونا على درجة من الذكاء في كيفية التعامل مع أطفالهما وتنمية معارفهم بشكل سليم ودقيق.
بالتالي فإن توفير البيئة المحفزة عامل ضروري لتطوير المواهب المعرفية لدى الطفل، وكذلك توفير الألعاب التي تنمي التفكير المنطقي وتشجعه على طرح الأسئلة واكتشاف العالم من حوله. وأعتقد أن جلوس الطفل طويلاً أمام شاشات التلفاز له دور في تراجع تفاعله وتعلمه من محيطه.
متابعات