وسط أجواءٍ دافئةٍ، جمعت بين الأجيال في نادي زعبيل للسيدات، التقينا الشيخة لطيفة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم، شخصيةٌ يفوقُ نضجها سنواتها الشابَّة، وتقودها بوصلةٌ داخليةٌ، زرعها فيها والدها الراحل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله.
حوار | لمى الشثري Lama AlShethry
الشيخة لطيفة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم
خيَّمت أحاسيسُ الحنين والوفاء على أمسية “لقاء عبر الأجيال”، في حضور الشيخة لطيفة بنت حمدان، وحصة بوحميد وزيرة تنمية المجتمع، والوكيلة المساعدة لقطاع التنمية الاجتماعية في وزارة تنمية المجتمع.
جمعت المبادرة، كذلك، كبار السن بالشباب والأطفال، وعبَّر فيها الحاضرون، بكلماتٍ لامست القلوب، عن تدفُّق العطاء بين الأجيال.
وبين مشاعر الشجون والسعادة والدموع، أنصتنا خلال اللقاء، الذي أدارته الدكتورة ميساء غديّر، إلى مواقفَ مؤثرةٍ عن علاقة الأبناء بالوالدين، كما تناول النقاش استدامةَ روح البر بالأبوين من جيلٍ إلى جيل.
“سيدتي”، كانت قد رافقت الشيخة لطيفة في العام الماضي لدى إطلاق كتابها الأوَّل باللغة الإنجليزية “Through My Eyes”، الذي تمحور حول والدها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، وعدنا من هذه الأمسية بحوارٍ حصري مع الشيخة لطيفة بنت حمدان للحديث عن إصدار الكتاب باللغة العربية “عبر عينيّ”، إذ قرَّرت أن تنشره تكريماً لوالدها وشخصيته العظيمة.
تناول الكتاب، إضافةً إلى مسيرة الشيخ حمدان الغنية بالمآثر، خفايا ملهمةً في العلاقة المميَّزة بين الشيخة لطيفة ووالدها، رحمه الله.
تقول الشيخة لطيفة عن والدها الشيخ حمدان، رحمه الله: “كان شديدَ الحرصِ على أسرته على الرغم من مشاغله ومسؤولياته الكثيرة. يحملُ همومهم، ويسهرُ على صحتهم من الكبير إلى الصغير، حتى في فترة مرضه”. لذا كانت تحاولُ دائماً، أن تُظهِر له عزيمتَها وثباتَها، اللذين ورثتهما منه. تضيف: “والدي، رحمه الله، كان قارئاً نهماً في مختلف المجالات، خاصةً الصحة، وخلال فترة تفشي وباء كوفيد 19، كان يُحضر لنا بنفسه مختلف الفيتامينات التي تدعم الجهاز المناعي، ويحرصُ على توزيعها على جميع مَن في المنزل، وعلى تناولهم لها، ويُشدِّدُ على الالتزام بوسائل التعقيم للحماية من الفيروس”.
لفتنا في الكتاب وصفُ الشيخة لطيفة لمرحلة المراهقة، ونشأتها المبكِّرة بـ “الألعاب النارية”، حيث كانت تُفرغ طاقاتها بالرياضة والدراسة، وبرفقة الأصدقاء. أما همُّها الأكبر، فكان أن تحمل على عاتقها بنجاحٍ وثقةٍ أي مسؤولياتٍ، يرى والدها أنها قادرةٌ عليها.
أخذت الشيخة لطيفة على نفسها عهداً بأن تكون “مختلفةً”، وعن ذلك تُخبرنا: “الكلماتُ غير كافيةٍ، فالعهدُ لابدَّ أن يوثَّق بالفعل والعمل. شقيقتي حصة مغرمةٌ بالخيول، أما شقيقي فبارعٌ في ركوب الهجن. كلُّ الطرق التي أسلكها وأشقائي، بشكلٍ أو بآخر، امتدادٌ لمسيرة والدي المشرِّفة، لذا أردتُ أن أضع بصمتي التي تشكَّلت من خصالٍ جميلةٍ، ورثتها عنه رحمه الله، وقد وجدتُ مساري في نادي زعبيل للسيدات، الذي أسَّسته والدتي، حفظها الله، وأعملُ وفريقي المجتهد بيدٍ واحدةٍ لأن يكون النادي وجهةً مثاليةً، تُقدِّم الأفضل”.
حدَّثتنا، كذلك، الشيخة لطيفة عن أهمية العمل على الذات حتى وإن لم تتوفَّر خطةٌ واضحةٌ لما هو مقبلٌ، فالأهم حقاً تحقيقُ النمو، ومدُّ يد المساعدة نحو الآخر. تقول: “بَنَت والدتي هذا المكان (إشارةً إلى نادي زعبيل للسيدات)، واليوم وفَّقني الله لأن أكون قائمةً عليه، وأن أعمل مع الفريق على تحقيق ذلك على أفضل وجهٍ ممكنٍ، لكنَّ الله وحده يعلمُ ما هو مقبلٌ بالنسبة لي”.
ʼكل الطرق التي أسلكها وأشقائي، بشكلٍ أو بآخر، امتدادٌ لمسيرة والدي المشرِّفةʻ
ولأننا في حضرة شخصيةٍ مميزةٍ، فقد ألهمتنا الشيخة لطيفة بما لديها من وعي إنساني، فهي تفضِّل أن تصلها الآراءُ الإيجابيةُ بشكلٍ عفوي وصادقٍ، ودون مبالغةٍ في إظهارها، خاصةً حين تكون وجهاً لوجه. تقول حول ذلك: “تعلَّمتُ من والدي، رحمه الله، أن أعبِّر عن الحبِّ بالأفعال قبل الكلمات، وهذا ما جعلني أكثر وعياً بما يُقال لي”. وتضيف: “حرصتُ على إظهار الجانب الأسري والأبوي الذي قد لا يعرفه كثيرٌ من الناس عن والدي، رحمه الله. كانت ابتسامتُه حاضرةً دائمةً على وجهه، ويخاطبنا بعبارات تحبّبٍ جميلةٍ، وكان لديه تقليدٌ مميَّزٌ، يحافظُ عليه دائماً حين يعود من السفر، وهو أن يفتح خلفية السيارة، التي تكون مليئةً بالهدايا لنا ولجميع الأطفال في المنزل، ليحصلوا على نصيبهم منها”.
وفي جانبٍ إبداعي آخر من مسيرتها، تطرَّقنا في الحوار إلى أعمالها الفنية، التي تعدُّها شفرةً لكلماتٍ سريةٍ خاصةٍ بها، فأوضحتها لنا بالقول: “أحبُّ الخصوصية، وأستمتعُ برسم أعمالٍ فنيةٍ رقميةٍ، تعبِّر عما يختلج في صدري من مشاعر، لذا أبقيها بعيدةً عن الأعين. أما الصور الفوتوجرافية فلا أمانعُ في عرضها، والحديث عن القصص الكامنة وراءها. أحبُّ تصوير وقت الغروب، والتفاصيل الملهمة، واللحظات العفوية التي لا تُشعر بعدسة الكاميرا”.
وتؤمنُ الشيخة لطيفة بأهمية الرياضة بالنسبة إلى المرأة، وتنظرُ لها من زاويةٍ مختلفةٍ، فالإنجازُ الحقيقي، أن تشعر المرأةُ بالسعادة عبر الحركة والرياضة. تقول: “أوليت الاهتمام في نادي زعبيل للسيدات لقسم العلاج الطبيعي، الذي لاقى إقبالاً كبيراً، خاصةً من كبيرات السن، وأؤمن بأن ممارسة الرياضة، هي للصحة أولاً قبل أي شيءٍ آخر، ويختلفُ الأسلوب الرياضي المفضَّل من شخصٍ لآخر، على سبيل المثال، أفضِّل الرياضة التي تتضمَّن حملَ الأوزان، والتمارين سريعة الحركة، لكن قد يجد غيري سعادةً أكبر في ممارسة اليوغا”.
وفي الختام، سألنا الشيخة لطيفة عن طبيعة علاقة الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله بوالدتها، فأجابت: “الاحترامُ، كان أساس العلاقة التي جمعت والديَّ، والاحترامُ يشمل معاني كثيرة”.