الكافيين في القهوة.. هل يسبّب الصداع أم يساعدنا على تخفيفه؟ الإجابة هي الاثنان معاً، لكن كيف؟
إذا فاتنا فنجان القهوة الصباحي، فقد نرتبك ويبدأ وجع الرأس. فبطريقةٍ ما، يمكن للكافيين أن يوقف الصداع النصفي، قبل أن يسيطر على رأسنا. لكن إذا شربنا الكثير من القهوة خلال اليوم، فقد تسبّب لنا الصداع.
وهنا المعضلة الأساسية، التي تدفعنا إلى الحيرة: هل الكافيين في القهوة هو سبب الصداع، أم علاجه؟ وهل المشكلة أننا استهلكنا نسبة أكثر من اللازم منه، أم أقلّ من الحاجة؟ حسناً، بشكلٍ أو بآخر يا عزيزي القارئ، فإن الإجابة هي كلّ ما سبق.
القهوة مصدر الكافيين الأساسي
تُعتبر القهوة المصدر الأكثر وفرة بالكافيين في نظامنا الغذائي. والكافيين هي تلك المادة الكيميائية المُرة التي توجد في أكثر من 60 نباتاً، بما فيها أوراق الشاي ومكسرات الكولا، وهي التي تمنح القهوة آثارها المنشطة.
يحتوي كوب القهوة الواحد العادي (بحجم 227غ) على 95 ملليغراماً من هذه المادة، لكن معظم عشاق القهوة على الأغلب يستهلكون كوبين أو أكثر من القهوة.
فوفقاً لدراسة أجرتها المكتبة الوطنية الأمريكية للطب (NIH) عام 2018، يبلغ متوسط استهلاك البالغين الأمريكيين للكافيين حوالي 200 ملليغرام يومياً (وأكثر أحياناً)، ما يؤكد الفرضية أعلاه. وهي كمية كافية لزيادة انتباهك، وتحسين تركيزك، وشحذ نشاطك.
يكمن مفتاح فهم الكافيين في أن نتذكر دائماً أنه ليس مكوّناً عادياً، وأن ارتباطه بتحسين مزاجنا ليس خدعةً أقنعنا أنفسنا بها. فلهذه المادة تأثيرٌ نفسي بالفعل.
تتمتع هذه المادة بخصائص تحفِّز الأوعية الدموية وتضيّقها؛ ما يعني أنها تسرِّع نشاط الدماغ وفي الوقت نفسه تسبّب تضيّقاً للأوردة في الرأس، مما يساعد على تفسير ارتباط الكافيين في الصداع، كمحفّزٍ أو كمخفّف له.
فوائد الكافيين كثيرة، لكن إحذر أضراره/ Shutterstock
لعلاج الصداع؟
إن قدرة الكافيين على تخفيف الصداع الناتج عن الانسحاب، أو الصداع النصفي، معروفة جيداً. فهو مكوّن رئيسي في العديد من الأدوية الموصوفة، وتلك التي تُصرَف من دون وصفة طبية، بما في ذلك الأدوية الخاصة بالصداع مثل الإكسدرين.
وفي حديثٍ إلى موقع Live Science الأمريكي، يقول الدكتور ريتشارد ليبتون، أستاذ علم الأعصاب في كلية ألبرت أينشتاين للطب بمدينة نيويورك: “ليست هذه المادة الكيميائية مسكنة للآلام في حدّ ذاته، ولكن عندما تقترن بمسكنات الألم، تجعلها أكثر فاعلية”.
والحقيقة أن هذا التآزر مع مسكنات الألم ليس مفهوماً تماماً، لكنه قد يكون مرتبطاً بنشاط هذه المادة في الدماغ. فالكافيين في القهوة يُبقيك نشيطاً عن طريق إبطال مفعول ما يُعرف بـ”الأدينوزين”، وهي مادة كيميائية في الدماغ تبطئ نشاط العصب.
توقف جزيئات الكافيين عمل الأدينوزين، عن طريق الارتباط بمستقبلات الدماغ والحبل الشوكي نفسها، أي أنه يحجز المستقبلات التي يشغّلها الأدينوزين عادةً، ويمنع تأثيرها. وهذا ما يحصل في الدماغ بين المادتين:
-
يعمل الأدينوزين على إبطاء نشاط العصب وتعزيز النعاس، يزيد الكافيين منهما.
-
يزيد الأدينوزين من تدفق الدم ويوسّع الأوعية الدموية، يقيّدها الكافيين.