المعارضة السورية تدعو الأسد إلى التفاوض المباشر بعدما تجاوزتها الأحداث

دعت هيئة التفاوض لقوى المعارضة السورية الأحد إلى استئناف المفاوضات المباشرة مع النظام برعاية الأمم المتحدة على وقع تغيرات سياسية كبيرة تشهدها الساحة السورية، وآخر تمظهراتها عودة دمشق إلى الحضن العربي بعد عزلة امتدت لـ12 عاما.

ويرى متابعون أن دعوة هيئة التفاوض إلى الحوار مع دمشق يأتي من موقف ضعف، حيث باتت هذه الهيئة التي تمثل المعارضة شبه معزولة، مع التراجع الدولي، وانفضاض القوى الإقليمية من حولها، وهي تحاول اليوم نفض الغبار عن دورها، بعد فقدان أدوات التأثير، سياسيا وعسكريا.

ويشكك المتابعون في أن تجد هذه الدعوة أي تجاوب من الحكومة السورية، التي سبق وأن تعاطت بعدم جدية مع المعارضة في الوقت الذي كانت فيه في أوج الأزمة، فكيف إذا كان الحال اليوم وهي تستشعر أنها في موقف قوة وعلى أعتاب تجاوز الأزمة التي انفجرت في العام 2011.

ودعت هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، إثر اجتماع في جنيف، “الدول الشقيقة والصديقة إلى دعم جهود الأمم المتحدة لاتخاذ كل ما يلزم من قرارات لتطبيق الحل السياسي الشامل وفق منطوق قرار مجلس الأمن الدولي 2254″، الصادر في 2015 والذي يحدد خارطة طريق دولية للتوصل إلى حل سياسي.

واعتبرت هيئة التفاوض التي شكلت الوفد المعارض الأساسي خلال جولات مفاوضات عدة برعاية الأمم المتحدة، أن “الحراك النشط الخاص بالمسألة السورية يؤمن ظرفا مناسبا باستئناف المفاوضات المباشرة”، انطلاقا من القرار الأممي “ووفق جدول أعمال وجدول زمني محددين”.

منذ سنوات النزاع الأولى، لعبت الأمم المتحدة دور الوسيط بين الحكومة والمعارضة بقيادتها جولات مفاوضات عدة معظمها في جنيف وآخرها في العام 2018. وقد اصطدمت جميعها بحائط مسدود في ظل مطالبة المعارضة بانتقال سياسي دون الرئيس السوري بشار الأسد، وإصرار دمشق على عدم بحث مستقبله.

وبعد فشل المفاوضات بين الطرفين، تركزت جهود الأمم المتحدة على عقد محادثات لصياغة دستور جديد، لكنها أيضا لم تحقق أي تقدم. وخلال سنوات النزاع الأولى، بما فيها جولات المفاوضات، تلقت المعارضة السورية دعما من دول عربية عدة في مقدمتها قطر والسعودية، لكن هذا الدعم تراجع تدريجيا مع جمود العملية السياسية وتغير المعادلات الميدانية على الأرض لصالح دمشق.

وبعد 12 عاما من حرب مدمرة اندلعت في 2011، لم تعد المعارضة السياسية والعسكرية تحظى بالزخم ذاته الذي حظيت به خلال سنوات النزاع الأولى. وبعد أكثر من عقد على قطع دول عربية علاقاتها مع دمشق إثر اندلاع النزاع، أعلنت جامعة الدول العربية الشهر الماضي عودة دمشق إلى مقعدها بعد نحو 12 عاما على تعليق عضويتها.

واستأنفت السعودية التي اتخذ معارضون سوريون منها مقرا لهم، علاقتها مع دمشق. وتوّجت مشاركة الأسد الشهر الماضي في القمة العربية في مدينة جدّة كسر عزلة دمشق الإقليمية.

كما أن قطر التي لا تزال تقول إنها ليست في وارد التطبيع مع دمشق، لم تقف حجرة عثرة أمام عودة الأخيرة إلى الجامعة العربية، ويقول متابعون إن قطر تدرك أن مقاربتها في الرهان على المعارضة بشقيها العسكري والسياسي فشلت، وهي تؤخر فقط اليوم قرار عودة العلاقات مع الأسد.

ويشير المتابعون أيضا إلى الموقف التركي الذي تغير هو الآخر ولم يعد متحمسا لاستمرار دعم المعارضة، وقد فتح في العامين الأخيرين قنوات تواصل مع دمشق عبر موسكو.

ويشير المتابعون إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان توصل إلى قناعة بأن إسقاط الأسد غير ممكن، وأن الأفضل إعادة النظر في العلاقة بينهما، لكن النقطة الخلافية هي مسألة الوجود التركي في شمال سوريا، وكيفية التعامل مع تحدي وحدات حماية الشعب الكردي.

وتتطلع الدول العربية اليوم، وفق بيانات عدة صدرت عنها، إلى أداء دور “قيادي” في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع، لكن من غير المنتظر أن يكون للمعارضة أي دور مؤثر، بعد أن تجاوزتها الأحداث.

وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون اعتبر أن “النشاط الدبلوماسي المتجدد في المنطقة، إذا تم اغتنامه، يمكن أن يشكل فرصة وتحولا في جهود البحث عن حل سياسي في سوريا”. واعتبرت هيئة التفاوض أن عودة النظام إلى الجامعة العربية قد تجعله “يرفض المضي بالحل السياسي”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى