قادة حماس وفتح في السعودية.. هل هي بداية لاتفاق “مكة 2″؟

بالتزامن مع استقبال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ظهر فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاثنين من كبار قادة حركة حماس وهما يؤديان مناسك العمرة.

ويظهر في الفيديو المتداول على نطاق واسع رئيس حماس في الخارج، خالد مشعل، ورئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، وهما يرتديان الرداء الأبيض في المسجد الحرام بمكة.

ولم يصدر عن السعودية أو حماس أي تأكيدات على وجود وفد الحركة الفلسطينية في المملكة.

وكان الأمير محمد بن سلمان استقبل في جدة وفدا فلسطينيا رفيعا برئاسة محمود عباس، حيث “جرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).

وقالت “واس” إن الاجتماع يأتي أيضا لـ “التأكيد على مواصلة الجهود المبذولة بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الشرعية الدولية”.

وربط محللون زيارة عباس ووجود قيادات حماس في مكة بوساطة سعودية من أجل مصالحة فلسطينية فلسطينية بين السلطة الحاكمة للضفة الغربية وحماس التي تدير قطاع غزة.

ورغم عدم وجود تأكيدات رسمية بشأن وجود مصالح فلسطينية برعاية سعودية، إلا أن هناك تكهنات باحتمالية وجود “اتفاق مكة 2″، حسبما قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، عبدالله العساف، لموقع قناة “الحرة”.

وقال العساف إن “السعودية دائما تسعى لرأب الصدع الفلسطيني”، مردفا أن “مكانة فلسطين حاضرة في القرار السعودي”.

وسبق للسعودية أن رعت وساطة بين فتح وحماس تعرف باسم اتفاق مكة بعد أن وقع في المدينة المقدسة للمسلمين عام 2007 بهدف إنهاء الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

انعكاس للاتفاق السعودي الإيراني

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، أشرف العكة، أن السعودية “تلعب دورا كبيرا في مسار” مصالحة فلسطينية فلسطينية تأتي ضمن إطار سياسة جديدة للمملكة تعرف بـ “تصفير المشاكل”، وفق وصفه.

وقال العكة في حديثه لموقع “الحرة”، إن السعودية ودول أخرى في المنطقة، يقودون “حراكا استراتيجيا” يهدف للاستقرار والترابط بين دول الشرق الأوسط بهدف رفع مستوى التنمية.

ويخيم التوتر على العلاقة بين حركتي فتح الحاكمة للضفة الغربية وحماس التي تسيطر على غزة وذلك منذ عام 2007 الذي شهد اشتباكات دامية أسفرت عن طرد حماس لفتح من القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون فلسطيني.

وخلال السنوات الماضية، فشلت كل محاولات المصالحة بين الطرفين من خلال وساطات قادتها الرياض والقاهرة والدوحة، في حين بقيت السيطرة على الأراضي الفلسطينية منقسمة بين الحركتين منذ ذلك الحين بحكم الأمر الواقع.

في العام الماضي، شدد عباس في كلمة بمناسبة الذكرى الـ 18 لوفاة سلفه، ياسر عرفات، على أنه “لا دولة فلسطينية مستقلة بدون قطاع غزة ولا دولة في غزة دون الضفة والقدس”، مؤكدا أنه “لن نقبل بأقل من دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) لعام 1967”.

في هذا الاتجاه، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في قطاع غزة، حسام الدجني، أن إعادة علاقات حماس بالسلطة الفلسطينية من شأنها أن “تسهل على المملكة إدارة الملف الفلسطيني”.

وقال لموقع “الحرة” إنه “في ظل التحولات الحالية بالمنطقة، من الواضح أن هناك تحولات في السياسة السعودية على أكثر من اتجاه ومنها القضية الفلسطينية”.

وأشار الدجني إلى أن أي تحرك في الملف الفلسطيني “لا يمكنه تجاوز فيه حماس كونها الحركة الأكثر نشاطا وفاعلية في قرارات السلم والحرب وإدارتها لقطاع غزة”، مردفا أن زيارة وفد حماس لمكة تحمل في طياتها بعدا سياسيا حتى وإن كانت الرحلة ذات طابع ديني.

واستشهد بـ “تزامن الزيارة مع وجود عباس في السعودية والحراسات (السعودية) التي ظهرت في الفيديو المسرب للزيارة لقادة حماس”، مما يشير إلى وجود ترتيب رسمي لهذه الرحلة، وفق قوله.

وبينما وصفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” زيارة وفد رفيع من حماس للسعودية بـ “التطور الكبير”، يعتقد الدجني أن السبب الرئيسي لما وصفه بـ “تقارب السعودية وحماس” يتمثل في الاتفاق بين الرياض وطهران الذي جرى الشهر الماضي بوساطة صينية.

مصالحة “تعتمد على الفلسطينيين أنفسهم”

وكانت السعودية وإيران اتفقتا على إعادة العلاقات الدبلوماسية بعد اتفاق وقع في بكين خلال مارس الماضي، فيما شهدت العلاقات بين المملكة وسوريا تحركا عقب تبادل وزيري خارجية البلدين الزيارة مؤخرا.

وفي هذا الإطار، يشير العكة إلى أن قطار المصالحات في المنطقة، لا سيما بعد الاتفاق السعودي الإيراني الذي “يفضي بالضرورة إلى حلحلة الملف الفلسطيني الذي يحتاج لتحريك جدي” قياسا على ارتفاع منسوب العنف في الأراضي الفلسطينية والمسجد الأقصى خلال المرحلة الماضية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن “الفرصة مواتية” من أجل مصالحة فلسطينية في ظل التغييرات والتحولات التي تعيشها المنطقة برمتها، قياسا بتاريخ المملكة في مبادرات الصلح الفلسطينية.

ولم ينجح “اتفاق مكة” في العام 2007 وما تبعه من اتفاقات أخرى فتح وحماس، حيث لم تعقد أي انتخابات في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2005 عندما ترأس عباس السلطة.

وبعدما أعلن عن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2021، عاد عباس عن هذا القرار مبررا ذلك برفض إسرائيل السماح بإجرائها في القدس الشرقية التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وقال الدجني إن “حماس لن ترفض أي مصالحة تقوم على ركيزة الانتخابات … فإن كان هناك إمكانية للضغط بإقامة انتخابات شاملة فهذا خيار محبب لها وللشعب الفلسطيني”

وأضاف أن وجود “قيادة جديدة سيسهل عمليا السيطرة على الضفة وقطاع غزة (معا) وإعادة الاستقرار (للأراضي الفلسطينية) في ظل وجود حكومة يمينية إسرائيلية تشكل عبئا على المجتمع الإسرائيلي نفسه وعلى الإدارة الأميركية التي تحاول أن تدفع بعملية السلام”.

ومع ذلك، يرى العساف أن أي مصالحة بين الفصائل ستعتمد على الفلسطينيين أنفسهم قائلا إن “حل الفلسطينيين بأيديهم”.

وتابع: “الأهم أن يكون هناك نوايا صادقة بين الفلسطينيين أنفسهم واستيعاب الدروس الماضية والقدرة على ترجمة حقيقية لاتفاق مكة 2 (المحتمل)”، مضيفا: أن “الفلسطينيين كانت مواقفهم غير جيدة وهناك من قفز على المصالحة السابقة لإفشالها”.

وقال إن الفلسطينيين عليهم “فهم الواقع السياسي الجديد جيدا واستيعاب المتغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم … ففي 2007 كانت ظروف المصالحة مختلفة عن الآن حيث هناك مستجدات مختلفة”.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى