مونديال قطر ينقلب إلى مونديال حقوق العمال

مساع حثيثة للتقليل من حجم الانتقادات وحصر المطالبات بمقاطعة مونديال قطر في بعض الدول.

لم تفلح حملة العلاقات العامة القوية التي قامت بها قطر خلال السنوات الماضية في تأمين مونديال يكون عنوانه فقط كرة القدم. ومع تقدم الوقت تبدو هذه الأولوية في تراجع، حيث غلبت أخبار حقوق العمال والنساء والمخاوف من القوانين الاجتماعية الصارمة على التوقعات بشأن نجاح التظاهرة الأكبر في العالم.

ويشعر القطريون بضغوط كبيرة خاصة أن الانتقادات الموجهة إلى سجل بلادهم في مجال حقوق الإنسان آخذة في التوسع لتشمل دولا ومنظمات حقوقية وخاصة لاعبين حاليين بعضهم قادة منتخبات معروفة، ولاعبين قدامى مازال تأثيرهم كبيرا لدى جمهور الكرة.

وسعى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى التقليل من حجم هذه الانتقادات حين قال إن الأشخاص الذين يطالبون بمقاطعة مونديال قطر لا ينتمون سوى إلى قلة من الدول.

وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن في تصريحات لصحيفة “لو موند” الفرنسية إن “الأسباب التي تساق لمقاطعة كأس العالم لا تمت إلى المنطق بصلة. هذا الهجوم ينطوي على الكثير من النفاق ويتجاهل كل ما حققناه”.

440 مليون دولار قيمة التعويضات للعمالة الوافدة التي تطالب بها منظمات حقوقية وتوازي جائزة الفوز بكأس العالم

وأضاف “هذه (الادعاءات) يتم تسويقها من قبل عدد قليل جدا من الناس في 10 دول على الأكثر وهم لا يمثلون بتاتا بقية العالم. إنه أمر مؤسف بصدق”، وأن “الحقيقة هي أن العالم يتطلع إلى هذا الاحتفال. وجرى بيع أكثر من 97 في المئة بالفعل من التذاكر”.

وعبرت أخبار تنشرها وكالة الأنباء القطرية عن حالة من القلق الرسمي من أن تواجه الدوحة أزمة كبيرة تستبق أو تتزامن مع المونديال.

وكتبت الوكالة عنوانا لأحد تقاريرها الصُّحفية يقول “تواصل حملات التأييد لاستضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022″، مستنجدة بآراء شخصيات غربية هامشية وبعيدة عن مجال الكرة، مما يعكس الوضع القلق داخل الأوساط الحكومية القطرية من أن يخرج المونديال عمّا تخطط له الدوحة.

وسلطت العديد من الفرق المشاركة مثل إنجلترا وأستراليا والدنمارك وهولندا الضوء على محنة العمال المهاجرين في قطر.

وتدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في هذا الجدل وحث المنتخبات المشاركة في المونديال على التركيز على كرة القدم وعدم السماح بجر هذه الرياضة إلى “معارك” أيديولوجية أو سياسية.

وذكرت قناة “سكاي نيوز” نقلا عن جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم وأمينته العامة فاطمة سامورا في الرسالة الموجهة إلى 32 دولة مشاركة في بطولة كأس العالم لكرة القدم “من فضلكم، دعونا الآن نركّز على كرة القدم”.

وأضافا في الرسالة “نحن نعلم أن كرة القدم لا تعيش في فراغ ونحن ندرك بنفس القدر أن هناك العديد من التحديات والصعوبات ذات الطبيعة السياسية في جميع أنحاء العالم، لكن من فضلكم لا تسمحوا لكرة القدم بالانجرار إلى كل معركة أيديولوجية أو سياسية موجودة”.

لكن هذه الدعوة التي بدت منحازة لموقف قطر، قوبلت بدورها بانتقادات، حيث قال ستيف كوكبيرن رئيس برنامج العدالة الاقتصادية والاجتماعية في منظمة العفو الدولية في بيان “إذا كان جياني إنفانتينو يريد من العالم ’التركيز على كرة القدم’ فهناك حل بسيط: يمكن للفيفا أخيرا أن يبدأ في معالجة مشكلات حقوق الإنسان الجدية بدلا من تجاهلها”.

وقادت العفو الدولية وجماعات أخرى معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان مطالبات للفيفا بتعويض العمالة الوافدة في قطر عمّا تعرضت له من انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال تخصيص 440 مليون دولار توازي جائزة الفوز بكأس العالم.

وقال كوكبيرن “أول خطوة تكون الالتزام علنا بتأسيس صندوق لتعويض العمالة الوافدة قبل بدء البطولة وضمان عدم تعرض مجتمع الميم لتفرقة أو مضايقات”.

وتابع قائلا “من المدهش أنهم لم يفعلوا ذلك بعد. إن جياني إنفانتينو محق في قوله إن ’كرة القدم لا تعيش في فراغ’… مئات الآلاف من العمال تعرضوا لانتهاكات لتصبح تلك البطولة ممكنة ولا يمكن نسيان حقوقهم أو تجاهلها. يستحقون العدالة والتعويض وليس الكلمات الفارغة، والوقت ينفد”.

وانتقد المنتخب الأسترالي في الأسبوع الماضي سجل قطر في مجال حقوق الإنسان والعلاقات الجنسية المثلية.

كما صرح الاتحاد الدنماركي لكرة القدم لوسائل إعلام محلية الشهر الماضي بأن لاعبي الدنمارك سيسافرون إلى كأس العالم دون عائلاتهم احتجاجا على سجل حقوق الإنسان في البلاد.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى