لماذا نخفي مشاعرنا أحياناً؟

هذا السلوك شائع جداً ويعرف في علم النفس باسم «قمع المشاعر»، وهو شكل من أشكال التنظيم العاطفي الذي نستخدمه لحماية أنفسنا من الإحراج، أو للحفاظ على الانسجام الاجتماعي، أو لتجنب التصعيد في مواقف معينة. وقد يبدو هذا مفيداً في لحظته، لكنه ليس بلا ثمن.

لكن، لماذا نفعل ذلك رغم علمنا بالضرر؟ في كثير من الأحيان، يرتبط إخفاء المشاعر بتجارب سابقة تعلمنا فيها أن التعبير عن الذات قد يُفهم بشكل خاطئ، أو يقابل بالرفض أو السخرية. بعضنا نشأ في بيئات تقدر الهدوء والانضباط وتقلل من قيمة التعبير العاطفي، بينما البعض الآخر تعرض لخذلان بعد أن أفصح عما بداخله، فتعلم أن الصمت أكثر أماناً.

من جانب آخر، هناك من يخفي مشاعره بدافع الحماية، حماية للآخرين من القلق، أو لأنهم لا يريدون أن يُشعروا من حولهم بالثقل أو الضغط. وفي بعض الأحيان، نفعل ذلك بدافع الحفاظ على الصورة التي يرسمها الناس عنا: القوي، المتماسك، العقلاني، لكن الحقيقة أن إخفاء المشاعر لا يجعلها تختفي، بل يؤجل مواجهتها فقط.

هذا لا يعني أن التعبير عن المشاعر يجب أن يكون عشوائياً أو في كل وقت، بل أن نمنح أنفسنا الحق في الاعتراف بما نشعر، أولاً أمام أنفسنا، أن نسمح لمشاعرنا بالمرور والظهور، دون خجل، أو خوف، فالمشاعر ليست ضعفاً، بل دليل على أننا بشر نحاول التعامل مع الحياة بطريقتنا الخاصة.

التعبير لا يعني الانفجار، بل التفاهم مع الذات. والصمت لا يعني القوة دائماً، بل أحياناً هو صرخة مكتومة. وما بين هذا وذاك، علينا أن نتعلم التوازن، وأن ندرك أن أكبر راحة نفسية تأتي حين نتوقف عن خيانة ما نشعر به، ونمنحه مكاناً آمناً للتواجد، حتى لو كان ذلك المكان هو نحن فقط.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى