مع تعليق الرئيس دونالد ترامب للمساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، بدأت الدول الأوروبية مرة أخرى في التفكير بكيفية استخدام حوالي 300 مليار دولار من الأصول الروسية التي جمدتها مجموعة الدول السبع بعد غزو موسكو لأوكرانيا عام 2022.
ووافقت مجموعة السبع في يونيو 2024 على توفير 50 مليار دولار لأوكرانيا عبر سلسلة من القروض الثنائية التي يمكن لكييف سدادها باستخدام الأرباح غير المتوقعة من الأصول الروسية المجمدة.
ويقدر أن نحو 221.5 مليار دولار من أصل حوالي 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة محتفظ بها في بلدان الاتحاد الأوروبي، على شكل سندات حكومية خزنها البنك المركزي الروسي كاحتياطيات.
قامت يوروكلير (شركة متخصصة في خدمات التسوية والحفظ المركزي للأوراق المالية ) ومقرها في بلجيكا حيث يتم الاحتفاظ بمعظم هذه السندات، بإعداد ترتيبات العام الماضي لتحويل 4 مليارات يورو من أرباح الفوائد إلى صندوق مخصص لأوكرانيا.
ودفعت أول دفعة بقيمة 1.55 مليار يورو للنصف الأول من عام 2024 إلى الصندوق في يوليو الماضي، ومن المتوقع دفع دفعة أخرى تقدر بحوالي 2 مليار يورو لتغطية النصف الثاني من عام 2024 هذا الشهر.
مطالبات أوروبية باستمرار هذه المدفوعات لعدة سنوات
قال الاتحاد الأوروبي إنه يتوقع أن تحقق الأصول الروسية حوالي 16 إلى 22 مليار دولار من الفوائد المكتسبة بحلول عام 2027، على الرغم من أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو سيقلل تدريجياً من المبالغ، كما قالت يوروكلير.
والتزمت الولايات المتحدة بتوفير 20 مليار دولار من إجمالي 50 مليار دولار من قروض الدعم من مجموعة السبع.
لكن خطوة ترامب لتعليق المساعدات العسكرية لبلاده إلى أوكرانيا تجعل من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستلتزم بالخطة.
وتضم مجموعة السبع كلا من الولايات المتحدة وكندا واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
الاستيلاء الكامل
أعاد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي مؤخراً تأكيد الموقف طويل الأمد للمملكة المتحدة بأن أوروبا يجب أن تنتقل من مجرد تجميد الأصول الروسية إلى مصادرتها.
ومع ذلك، تظل دول أوروبية أخرى، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، أكثر حذرا بشأن فكرة المصادرة.
البنك المركزي الأوروبي أيضًا من بين المشككين، إذ يخشى أن تؤثر مصادرة الأصول الروسية على الثقة في عملة اليورو وتضر بالاستقرار المالي.
ويريد البنك المركزي الأوروبي التأكد من أن اليورو ليس العملة الوحيدة المتأثرة إذا بدأت دول أخرى مثل الصين أو السعودية في إعادة احتياطياتها من الولايات القضائية الأوروبية كإجراء احترازي ضد احتمال تجميدها.
ورقة ضغط لوقف إطلاق النار
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع شهر مارس، إن الأصول الروسية المجمدة قد تكون جزءًا من المفاوضات مع روسيا لإنهاء الحرب.
وفقًا لتقرير نشرته فاينانشيال تايمز هذا الأسبوع، ناقش المسؤولون الفرنسيون اقتراحًا بأن تقوم العواصم الأوروبية بمصادرة الأصول إذا انتهكت موسكو اتفاق وقف إطلاق النار في المستقبل.
ويقول بعض المحاميين البارزين إن قانونيًا، هناك القليل من الفارق بين تحويل الفوائد المكتسبة من السندات ومصادرة جميع الأصول الروسية المقدرة بـ 300 مليار دولار.
ويشيرون إلى أن الخيار الأخير يمكن أن يتم بموجب مبدأ في القانون الدولي يعرف باسم “الإجراءات المضادة”، يسمح ببيع الأصول أو رهنها وتحويل العائدات إلى أوكرانيا أو إلى صندوق إعادة الإعمار المخصص لها.
كانت هناك أمثلة سابقة على مثل هذه الإجراءات، مثل مصادرة أصول العراق بعد غزو الكويت عام 1990، وأصول ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، والتي حدثت بعد انتهاء تلك الحروب وليس أثناء استمرارها، كما هو الحال مع غزو روسيا لأوكرانيا.
الاقتراح الروسي
قالت مصادر لوكالة رويترز الشهر الماضي إن روسيا قد توافق على استخدام 300 مليار دولار من الأموال المجمدة لإعادة الإعمار في أوكرانيا، لكنها ستصر على أن يتم إنفاق جزء من تلك الأموال في الأجزاء التي تسيطر عليها قوات موسكو الآن.
ولم تتمكن وكالة رويترز من التأكد مما إذا كانت فكرة استخدام الأموال المجمدة قد تم مناقشتها عندما عقد المسؤولون الروس والأميركيون أول محادثات مباشرة لهم في الرياض شهر فبراير بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقالت محافظ البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيؤلينا، إن البنك لم يكن جزءًا من أي محادثات بشأن رفع العقوبات أو تجميد احتياطيات روسيا.
وذكرت موسكو سابقًا إن خطط الغرب لاستخدام الأموال المجمدة لأوكرانيا تعتبر سرقة، وأنها قد تنتقم بمصادرة الأصول الغربية على أراضيها.
متابعات