الاندفاع العاطفي لدى الشباب وكيفية التعامل معه

تُعَد سمة الاندفاع لدى الشباب مشكلة شائعة؛ فالشباب يمتلئ بالطاقة والحيوية ويتفجّر بالحياة والسرعة والاندفاع، وقد يكون لهذا الاندفاع والتهور عواقب سلبية تؤثّر على جوانب مختلفة من حياة الشاب، كاتخاذ قرارات متسرّعة، أو الدخول السريع في علاقات عاطفية غير سليمة، أو الجنوح لسلوكيات متهوّرة قد يندم عليها فيما بعد. بالسياق التالي التقت خبيرة التنمية البشرية نجوان عبدالفتاح لتعرّفكِ إلى معنى الاندفاع العاطفي لدى الشباب، وكيفية التعامل معه.

ما هو الاندفاع؟

الاندفاع العاطفي

الاندفاع العاطفي في المشاعر على الرغم من أنه قد يكون محبباً إلا أن له وجوهاً سلبية عديدة

تقول خبيرة التنمية البشرية نجوان عبدالفتاح: الاندفاع هو مصطلح يُستخدم لوصف ميل الشخص إلى التصرُّف فجأة ومن دون تفكير في العواقب طويلة المدى للأفعال. ويتميّز بعدم السيطرة على العواطف والسلوكيات، ويمكن أن يظهر في مجالات مختلفة من حياة الشخص وبطرق مختلفة. إلا أنه يظهر بقوة عند التعامل مع الآخرين، بينما لا يتحكّم البعض الآخر فيما يقولونه أو ما يفعلونه؛ حيث يتميز أصحاب الشخصيات المندفعة بـ:

  • اتخاذ قرارات متسرّعة.

  • البحث عن مشاعر قوية.

  • نقص التخطيط.

  • صعوبة التحكُّم في الدوافع.

  • عدم التريُّث في اتخاذ القرار.

  • الاندفاع في العلاقات الشخصية كالصداقة أو الحب من بين أمور أخرى.

الاندفاع العاطفي

تقول نجوان: كاستجابة محسوسة لموقف معين، تلعب المشاعر دوراً رئيسياً في ردود أفعالك. عندما تكون متناغماً معها، تكون لديك إمكانية الوصول إلى المعرفة المهمة التي تساعد في اتخاذ القرار، وإنجاح العلاقة، وفي التفاعلات اليومية، وفي رعاية الذات. في حين أن التعبير عن المشاعر يمكن أن يلعب دوراً مفيداً في حياتك اليومية، إلا أنه يمكن أن يؤثر أيضاً على صحتك العاطفية وعلاقاتك الشخصية عندما تبدأ في الشعور بأنها خارجة عن السيطرة. وهو كما قلنا ما يمثل الاندفاع في المشاعر أو الاندفاع العاطفي، وهو أحد أنماط الاندفاع الشخصي، وهو يتعلق بالعلاقات الإنسانية، ويعني عدم قدرة الشخص على التحكُّم بمشاعره تجاه الشريك العاطفي؛ فيكون سلوك الشخص مرتبطاً ومتوقفاً على أساس شعور أو عاطفة من دون تدبُّر أو تفكير أو مداولة أو احتكام للعقل والمنطق. وتكمن خطورة هذا الأمر في أن الشاب المندفع عاطفياً، قد يفقد كيانه وشخصيته، ويصبح عبارة عن كائن رخْو تتحكم به مشاعر وعواطف مرهونة برضا الشريك الآخر؛ فيصبح اهتمامه أو رضاه هو مؤشر القبول النفسي. وحيث يَزيد تعلُّقه بالشريك في حالة الرفض؛ لتصبح العلاقة أشبه بالطوق الذي يطوّق عنق الشاب ولا يجد منه فكاكاً.
تؤكد نجوان أنه على الرغم من أن مزاجنا قد يكون عاملاً سببياً في ظهور سلوك الاندفاع العاطفي، إلا أننا يجب أن نتأمل فيما شعرنا به قبل أن نقرر تنفيذه، وحيث يمكن أن تجعل المشاعر حياتنا مثيرة وفريدة من نوعها وحيوية، قد تؤدي المشاعر التي تخرج عن السيطرة بانتظام إلى:

  • صراع في العلاقات أو الصداقة.

  • صعوبة في التعامل مع الآخرين.

  • مشاكل في العمل أو المدرسة.

  • الانفجارات الجسدية أو العاطفية.

أسباب الاندفاع العاطفي

تقول نجوان: قد يكون الاندفاع العاطفي سِمة شخصية فطرية، ولكنه قد يكون أيضاً نتيجة لعوامل بيئية وتجارب حياتية. على أيّة حال، يمكن أن يمثّل مشكلة كبيرة للشباب؛ لأنه يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات محفوفة بالمخاطر، ومن المحتمل أن تكون خطيرة، مع عواقب قصيرة أو متوسطة أو طويلة المدى.

تستكمل: أحد الأسباب الرئيسية لظهور الاندفاع العاطفي لدى الشباب، يرجع إلى نقص النضج؛ حيث يستمر الدماغ البشري في التطوُّر بشكل جيد حتى مرحلة البلوغ. وخلال فترة المراهقة، لا يصل الفص الجبهي، المسؤول عن التحكُّم في الدوافع واتخاذ القرار، إلى مرحلة النضج الكامل بعدُ، وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن الضغوط الاجتماعية والرغبة في أن يتم قبول الشاب من قِبل الفتاة والعكس، يمكن أن يساهم أيضاً في ظهور الاندفاع العاطفي؛

حيث يشعر الشباب بالضغط لاتخاذ قرارات متهوّرة لإظهار شجاعته أو ذكائه أو تمرُّده أمام حبيبته. وفي بعض الحالات، يمكن أن يلعب تأثير الأصدقاء أو العائلة أيضاً دوراً مهماً في ظهور الاندفاع العاطفي لدى الشباب. وهناك أسباب أخرى قد تَزيد من خطر الإصابة بالاندفاع. على سبيل المثال: إذا كان الشاب قد تعرّض للإيذاء الجسدي أو العاطفي خلال نشأته؛ فقد يجد صعوبة في التحكُّم في غضبه، ويجد نفسه يتفاعل بشكل متهوّر في المواقف المماثلة.

هل يمكن التغلُّب على الاندفاع العاطفي لدى الشباب؟

                                        التأمُّل الذهني هو أحد أكثر الطرق فعالية للتحكُّم في الانفعال العاطفي

تقول نجوان: هل تعلم أن اندفاعك العاطفي قد يُكسبك مشاعر أنت بحاجة إليها لتشعر بالرضا، لكن هذا الرضا لن يدوم إلا قليلاً؛ لأنه بعد تنفيذ السلوك سيأتي الندم، و”لماذا فعلت ذلك؟”. ووضع ذلك في الاعتبار أثناء قيامك بالسلوك المتهوّر، قد يعني تجنُّبه تماماً. وقد تتمكن من تنظيم مشاعرك من دون قمعها أو السيطرة عليها. ويمكن أن يفيد هذا علاقاتك وحالتك المزاجية واتخاذ القرار. وعامة هذه بعض الإستراتيجيات التي تمكّنك من التغلُّب على الاندفاع العاطفي أو حتى تحجيمه.

ألقِ نظرة على تأثير مشاعرك

المشاعر الشديدة ليست كلُّها سيئة؛ فمن الطبيعي أن تشعر ببعض الإرهاق العاطفي في بعض الأحيان- عندما يحدث شيء رائع، عندما يحدث شيء فظيع، عندما تشعر وكأنك فاتتك فرصة. ولذلك ابحث عن بعض الوقت لتقييم مدى تأثير مشاعرك غير المنضبطة على حياتك اليومية. هذا سيجعل من الأسهل تحديد مناطق المشكلة (وتتبع نجاحك).

اعمد إلى تنظيم مشاعرك وليس قمعها

لا يمكنك التحكّم في عواطفك بضغطة زِر، لكن يمكنك إدارة العواطف بهذه الطريقة؛ فأنت لن ترغب في تركها تعمل بأقصى طاقتها طوال الوقت. ولن ترغب في إخفائها، لا بد من الموازنة، وعند تعلُّم كيفية إدارة مشاعرك، تأكّد من أنك لا تتجاهلها.

حدد ما تشعر به وما تريده بوضوح

إن أخْذ لحظة للتوقُّف والتحقق من حالتك المزاجية، يمكن أن يساعدك في استعادة السيطرة. واسأل نفسك: هل هناك طريقة أفضل للتعامل مع هذه المشاعر؟ واعرف هل يمكنك أن تخبر الآخرين بما تشعر به؟ من خلال النظر في البدائل الممكنة؛ فأنت تعيد صياغة أفكارك؛ مما قد يساعدك في تعديل رد فعلك الانفعالي. وعلى الرغم من أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، إلا أن هذه الاستجابة ستصبح عادة مع الممارسة.

ابحث عن مصدر إلهاء

العالم مليء بجميع أنواع المحفّزات، التي يمكن أن تساعدنا على تجنُّب القيام بسلوك لا نرغب في القيام به بشكل عقلاني؛ فعندما تجد نفسك في طور الاندفاع العاطفي، حاول الانشغال بأمرٍ ما، مثل: العد لعشرة، أو مشاهدة التلفاز، أو قراءة كتاب، أو رسم صورة. إنها أنشطة تساعدك على عزل نفسك عن العالم، والانفصال عنه لبعض الوقت. لاحقاً، عندما تصبح أكثر هدوءاً، يمكنك التفكير بشكل أكثر عقلانية.

التأمل واليوغا

التأمُّل الذهني هو أحد أشهر التأملات وأكثرها فعالية للتحكُّم في الانفعال العاطفي، كذلك اليوغا مفيدة أيضاً؛ لأنها كنشاط بدني لا تقدّم فوائد على المستوى الجسدي فحسب؛ بل أيضاً على المستوى العقلي؛ مما يسمح لنا بالحصول على رؤية أكثر هدوءاً وعقلانية لرغباتنا اللحظية.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى