«الفضيلة» والوحش

إيمان الهاشمي
في قصة (الجميلة والفحش) أقصد (الوحش)، تبدأ الأسطورة في إحدى القرى، حيث تعيش «الجميلة» ووالدها الذي ضلّ طريقه في الغابة، فلجأ إلى قلعة مهجورة مسحورة، وبات أسيراً هناك، فتهرع بطلتنا لإنقاذ أبيها بمفردها! والذي وافق ببساطة مقرفة أن تدفع ابنته ثمن اقتحامه لقصر «الوحش» بغير قصد، فجعل من ضناه أسيرة عوضاً عنه، من دون أن يضمن إن كان سيأكلها الغول على طبق العشاء، ثم رحل عنها بحزنٍ يثير الغثيان، آملاً أن تدبر أمورها لوحدها مع «البعبع»، من دون علمٍ منه، بأنه سيتحول إلى «الأمير الوسيم»! فهل هذا معقول؟! أعتقد أن «الوحش» هنا هو الجبن، وعدم شجاعة الأب للموت دفاعاً عن شرفه ومبادئه، وأيضاً لتخلّف البطلة التي لم تطلب النجدة من أهل القرية قبل ذهابها للبحث عن أبيها في غابةٍ موحشة! وبرغم أن مغزى القصة يكمن في أن الجمال الحقيقي يسكن الروح لا الجسد، فإن راويها قد نسي (الفضيلة) ومدى بشاعة التخلّي ودمامة الخذلان وقبح الأنانية وهمجية الغباء.
جنسيته روسية، ونشأته سويسرية، وروحه فرنسية، وهويته أمريكية، وحده (إيجور سترافينسكي)، الروسي والسويسري والفرنسي والأمريكي، صاحب الأعمال البديعة، والتناقضات الواسعة، حيث جمع بين الرومانسية الرقيقة، وبين الإيقاعات العنيفة، لتختلط الأحلام مع الحقيقة، ولتتوارى الوقائع المخيفة، فقد تعلّق قلبه بالفرنسية (كوكو شانيل) مصممة الأزياء الشهيرة، كما اشتهرت قصة حبهما بالعلاقة الغامضة المثيرة، وكأنهما اتفقا على مغادرة الحياة، ليتشاركا معاً أسباب الوفاة! الإصابة بأحد أمراض القلب، ربما بنية الشفاء من الحب، ليرحلا في نفس العام 1971، وليصمت شر كل لسان وكل عين، والجدير بالذكر أن فرنسا أنتجت فيلماً سينمائياً سنة 2009، تحت عنوان يحمل اسميهما ويحكي قصتهما الموجعة.

إيجور سترافينسكي