قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن مجتبى خامنئي ابن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بدأ بهدوء الاستحواذ على سلطات الرئيس في إيران بعد وفاة إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الأحد الماضي.
وذكرت الصحيفة في تقرير، الأربعاء، أن مجتبى خامنئي، الذي يعد أحد أكثر الشخصيات نفوذا في إيران على الرغم من عدم توليه أي منصب رسمي، يمثل لغزا بالنسبة لمعظم الإيرانيين.
لا يشغل خامنئي الابن أي منصب عام، ونادرا ما يظهر في العلن أو يلقي خطابات، لكن مع علاقاته الجيدة منذ عقود مع شخصيات رئيسية في المؤسسة الاستخباراتية والأمنية الإيرانية، ازدادت قوته خلف الكواليس، لا سيما في عهد رئيسي.
وكان يُنظر لرئيسي على أنه الخليفة المرجح لعلي خامنئي، الذي يعاني من مشاكل صحية ويبلغ من العمر 85 عاما.
وكرئيس للبلاد، تقول الصحيفة إن إبراهيم رئيسي كان بمثابة حلقة مهمة للأفراد والشبكات الأكثر قوة لممارسة النفوذ من وراء الكواليس.
وأثارت وفاة رئيسي تكهنات بشأن الخليفة المحتمل لخامنئي، وما إذا كان الرئيس القادم سيكون مطيعا، مثل رئيسي، للاعبين خلف الكواليس، بما في ذلك أولئك المحيطين بنجل خامنئي والحرس الثوري.
في السنوات الماضية، تكهن الكثيرون بأن مجتبى خامنئي يمكن أن يكون المرشح الأوفر حظا لخلافة والده، لكن مراقبين للشأن الإيراني ومحللين يقولون إن ذلك غير مرجح ويرون أنه بدلا من ذلك سيكون أكثر قوة خارج دائرة الضوء.
يشير حميد رضا عزيزي، الزميل الزائر والخبير في الشؤون الإيرانية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إلى أن “مجتبى والشبكة المحيطة به كانوا يديرون الأمور على مدى العقدين الماضيين”.
ويضيف “الآن، وبالتأكيد بالنسبة لخامنئي نفسه، فإن التحدي الرئيسي هو العثور على شخص يتمتع بالخصائص الدقيقة التي كان يتمتع بها رئيسي”.
ويتابع عزيزي أن القيام بذلك “من شأنه أن يمهد الطريق أمام مجتبى للحفاظ على سلطته بل وتوسيعها مع الحفاظ على دوره في الظل، بعيدا عن المساءلة العامة”.
ومع ذلك تقول الصحيفة إنه في كلتا الحالتين، سيلعب مجتبى خامنئي، البالغ من العمر 54 عاما، دورا محوريا في مسألة تحديد خليفة والده وإعادة تشكيل المشهده السياسي في إيران قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أواخر يونيو المقبل.
أدت وفاة رئيسي، على الأقل على المدى القصير، إلى زيادة احتمالات وصول شخصية موالية لمجتبى خامنئي لمنصب الرئاسة.
اختار المرشد الإيراني علي خامنئي محمد مخبر، لتولى منصب الرئيس بالنيابة حتى الانتخابات وقد يترشح للمنصب.
وسبق أن ترأس مخبر صندوق استثمار مرتبط بخامنئي معروف باسم ستاد وتبلغ قيمته مليار دولار.
ويتمتع مجتبى أيضا بنفوذ واسع في مكتب المرشد الأعلى وفي إمبراطورية الأعمال التي يسيطر عليها، بحسب الصحيفة.
ولد مجتبى في عام 1969 في مدينة مشهد، وحينها كان والده شخصية بارزة في الحركة الثورية ضد نظام حكم الشاه محمد رضا بهلوي.
في أعقاب انتصار “الثورة الإسلامية” في إيران عام 1979، انتقلت عائلة خامنئي إلى طهران، حيث التحق مجتبى بمدرسة ثانوية لأبناء الطلائع الثورية، وسرعان ما ارتقى والده في صفوف الحكومة ليصبح رئيسا عام 1981.
شارك مجتبى مثل العديد من الشباب الإيراني، في الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وهناك تمكن من إقامة علاقات مع رجال أصبحوا فيما بعد شخصيات بارزة في جهاز الأمن الإيراني، بما في ذلك حسين طائب وحسين نجاة.
وشغل طائب عدة مناصب مهمة فيما بعد أبرزها رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، فيما تولى نجاة رئاسة وحدة تابعة للحرس الثوري مكلفة بسحق الاحتجاجات في طهران.
ارتفعت شهرة خامنئي الابن في التسعينيات ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما اتهمه الإصلاحيون بهندسة انتصارات الانتخابات الرئاسية لعامي 2005 و2009 لصالح المتشدد محمود أحمدي نجاد.
وفي عام 2009، كان مؤثرا من خلال دعمه لطائب، الذي كان حينها قائدا لميليشيا الباسيج شبه العسكرية، في حملة القمع العنيفة ضد متظاهري الحركة الخضراء في إيران.
جذبت أنشطة مجتبى خامنئي الاهتمام في الخارج، حيث فرضت واشنطن عقوبات عليه في عام 2019، واتهمته بالعمل بشكل وثيق، نيابة عن والده، مع الحرس الثوري والباسيج “لتعزيز طموحات والده الإقليمية المزعزعة للاستقرار وكذلك في القمع المحلي”.
في عام 2022، وبعد الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد على خلفية مقتل مهسا أميني، سرعان ما أصبح نجل المرشد الأعلى هدفا لهتافات المحتجين.
وفي تلك الفترة، دعا مير حسين موسوي، المرشح الرئاسي السابق الذي يخضع للإقامة الجبرية، خامنئي إلى دحض الشائعات حول خلافة ابنه له، لكن خامنئي لم يرد.
وأدى صعود نجم مجتبى إلى تغذية التكهنات بأنه في وضع يسمح له بخلافة والده، لكن المحلل الإيراني مهدي خالجي يعتقد أن هذا السيناريو غير وارد.
وبحسب الصحيفة فإن مجتبى يفتقر إلى العديد من الصفات المطلوبة رسميا في منصب المرشد الأعلى، بما في ذلك المؤهلات الدينية اللازمة أو الخبرة التنفيذية.
وتضيف الصحيفة إن علي خامنئي وسلفه آية الله روح الله الخميني، الذي أسس الجمهورية الإسلامية، كانا قد رفضا فكرة نقل السلطة إلى أبنائهما باعتباره فكرة غير إسلامية وتعيد للأذهان نظام الحكم الملكي.
يقول سعيد جولكار، الخبير في شؤون الأجهزة الأمنية الإيرانية الاستاذ في جامعة تينيس، إنه “مع عقود من الخبرة في أروقة السلطة، فإن شبكة مجتبى خامنئي داخل النظام لا مثيل لها، لكن تعيينه يمكن أن يعرض إرث خامنئي للخطر من خلال إعادة النظام الملكي”.
ويرى خبراء أن سلطة مجتبى خامنئي قد تكون مهددة بمجرد وفاة والده، وأنه قد يكون أفضل حالا إذا بقي في الظل.
قبل وفاة الخميني في عام 1989، كان ابنه أحمد، الذي تولى في حينها منصب رئيس ديوان المرشد الأعلى وأقوى من مجتبى خامنئي اليوم، يدير شؤون البلاد إلى جانب علي خامنئي والرئيس آنذاك أكبر هاشمي رفسنجاني.
لكن أحمد الخميني اختلف معهما بعد وفاة والده، قبل أن يتوفى هو الآخر في عام 1995، عن عمر يناهز 49 عاما، بسبب سكتة قلبية.