هل تتشارك الحكومه اليمنيه والحوثيون الارتياح لحالة اللاّحرب واللاّسلم في اليمن

جاءت أحدث إحاطة أدلى بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في البلد، متشائمة بشأن مسار السلام الذي تعمل الأمم المتحدة بالتعاون مع قوى إقليمية على إطلاقه، لكنّها لم تثبت في المقابل وجود نوايا حقيقية لدى طرفي الصراع الأساسيين، جماعة الحوثي من جهة والسلطة الشرعية من جهة مقابلة، لتوسيع نطاق الصراع الداخلي إلى مدى أبعد مما هو قائم الآن والمتمثّل في حالة من اللاّحرب واللاّسلم التي يبدو أن الطرفين مرتاحان إليها مرحليا إذ تضمن لكل منهما القيام بالدور الذي يرغب بأدائه في الوقت الحالي.

وقال غروندبرغ في إحاطته إنّ “الوضع الأمني داخل اليمن ظل على طول الخطوط الأمامية في نطاق الاحتواء خلال الشهر الماضي”، إلا أنّه عبّر عن قلقه إزاء استمرار الأنشطة العسكرية في محافظات الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز، ومن تهديدات الأطراف بالعودة إلى الحرب، بما في ذلك تصريحات جماعة الحوثي وتصرفاتها في ما يخص مأرب.

وعلى الرغم من التزايد المسجّل في النشاط الحربي في عدد من الجبهات، إلاّ أنّ متابعين للشأن اليمني يشككون في قدرة الحوثيين ورغبتهم في الدفع بالتصعيد إلى مديات أبعد تصل حدّ محاولتهم اقتحام مناطق تابعة للشرعية، خصوصا وقد سبق لهم أن سخّروا مقدرات كبيرة في محاولتهم السيطرة على محافظة مأرب النفطية شرقي العاصمة صنعاء وفشلوا في ذلك. كما أنّهم منخرطون حاليا في استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر ويخوضون بسبب ذلك مواجهة متقطّعة مع تحالف تقوده الولايات المتحدة ضدّهم.

وعلى الطرف المقابل لا تبدو السلطة المعترف بها دوليا بقيادة رشاد العليمي في وارد الدفع بالصراع العسكري ضدّ الحوثيين حدّ إشعال حرب تحرير لمختلف مناطق اليمن الخاضعة لسيطرتهم، نظرا إلى كونها لا تمتلك الوسائل الضرورية لذلك، ولا تؤمّن وحدة جميع القوى المنتمية لمعسكرها خلف هذا الهدف بالغ الطُموح، كما أنها تواجه أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة في مناطقها تبدو ذات أولوية في الوقت الحالي.

أما أبرز أسباب استبعاد لجوء الشرعية إلى تصعيد الحرب فيتمثّل في التزامها بالنهج الجديد للمملكة العربية السعودية في التعاطي مع الملف اليمني عبر التهدئة والدفع نحو إيجاد حل سياسي ومخرج سلمي للصراع. ولم يخل الخطاب السياسي للشرعية من تلويح لجماعة الحوثي بالحرب، لكنّه لم يخل أيضا من تأكيد على الالتزام بجهود السلام. وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في تصريحات صحفية سابقة إنّ “مواجهة الحوثي واستعادة الدولة هدف الجيش الوطني والتشكيلات الأخرى”، مضيفا “نحتاج إلى دعم عسكري لاستعادة المناطق التي تحت سيطرة الحوثي”.

لكنّ الموقف الرسمي للشرعية أبقى على التزامه بجهود السلام وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية شائع الزنداني في كلمته أمام مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي الأخيرة في العاصمة الغامبية بانجول، حيث جدّد “دعم الحكومة الشرعية للجهود والمساعي التي تهدف إلى تحقيق سلام عادل مبني على المرجعيات الأساسية المتفق عليها عربيا وإقليميا ودوليا”، معتبرا أنّ “من مرتكزات السلام الدائم وجود شريك حقيقي يقدم مصلحة الشعب ويؤمن بالشراكة السياسية والحقوق المتساوية للجميع ويتخلّى عن خيارات الحرب والعنف”، مؤكّدا أنّ “أيّ مشروع للتسوية السياسية في اليمن، لا بد أن يتضمن هذه الأسس حتى لا تصبح التسوية عاملا لدورات جديدة من عدم الاستقرار والحروب الداخلية”.

ويكفي السلطة اليمنية في الوقت الراهن الحفاظ قدر الإمكان على الوضع القائم لتؤمّن لها وظيفة مناسبة تتمثّل في جمع شتات القوى المضادة لجماعة الحوثي تحت مظلّتها رغم تنافر تلك القوى في الكثير من الأهداف والتوجّهات، وضمان حدّ أدنى من حضور الدولة في المناطق الخارجة عن سيطرة الجماعة، وذلك في انتظار تحقيق الهدف الذي تعمل السعودية عليه والمتمثّل في إيجاد صيغة لحل سياسي للصراع في اليمن.

ولا يبدو الحوثيون أقل ارتياحا لوضع اللاّسلم واللاّحرب الذي يبقي على سيطرتهم على الجزء الهام الذي استولوا عليه من الأراضي اليمنية ومواصلة التحكّم في المقدّرات التي يحتوي عليها، ويتيح لهم السيطرة على سكان تلك المناطق تحت يافطة أن لا صوت يعلو على سوط المعركة وخصوصا جزأها الذي يربطونه بالحرب في غزّة.

كما أنّ الحوثيين الذين لم تخل التهدئة النسبية التي دخلوا فيها والتواصل المباشر مع السعودية من تسليم ضمني بمكاسبهم على الأرض وسلطة الأمر الواقع التي يقيمونها عليها، يستفيدون في الوقت الراهن من استكمال بناء ترسانتهم العسكرية التي تضمن لهم الحضور مستقبلا كطرف فاعل في المعادلة اليمنية وحتى الإقليمية.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى