دراسة تكشف متى تحدث “الشيخوخة”

في سعيهم لفهم تعقيدات الشيخوخة، حاول العلماء منذ فترة طويلة إيجاد طرق موثوقة لقياس العمر البيولوجي للأفراد. وقد أدت التطورات الحديثة في هذا المجال إلى تطوير ساعات شيخوخة قادرة على قياس العمر البيولوجي بدقة ملحوظة، مما يعد أمرًا بالغ الأهمية لأنه يمكن أن ينحرف عن العمر الزمني للفرد، متأثرًا بعوامل بيئية مختلفة مثل التدخين أو العادات الغذائية.

وبحسب تقرير نشره موقع “Science Daily”، تعمقت دراسة، بقيادة مجموعة من العلماء المتخصصين باستجابات الإجهاد الخلوي في الأمراض المرتبطة بالشيخوخة بجامعة كولونيا الالمانية، في الآليات التي تقف وراء ساعات الشيخوخة هذه، مبينين العمليات الأساسية التي تحكم الشيخوخة البيولوجية.

وأوضحت الدراسة أن الشيخوخة تظهر عندما تتعرض المكونات الخلوية للضرر، وهو ما يحدث غالبًا بشكل عشوائي. وقد دمجت الدراسة دقة ساعات الشيخوخة مع تراكم التغيرات العشوائية داخل الخلايا.

مع تقدم الأفراد في العمر، يصبح تنظيم العمليات الخلوية أقل كفاءة، مما يؤدي إلى زيادة في النتائج العشوائية. وتُلاحظ هذه الظاهرة بشكل بارز في تراكم التغيرات العشوائية في التثبيط الكيميائي للحمض النووي، وهي عملية حاسمة لتنظيم الجينات. وفي حين أنه يتم التحكم بعملية التثبيط الكيميائي للحمض النووي بشكل صارم، فإن مسار الحياة يتعرض لتغييرات عشوائية في أنماط التثبيط، لتكون بمثابة علامة موثوقة لعمر الشخص.

علاوة على ذلك، تكشف الدراسة أن تصاعد الاختلافات العشوائية يمتد إلى ما هو أبعد من التثبيط الكيميائي للحمض النووي إلى نشاط الجينات. ويؤكد الباحثون أن هناك إمكانية لتعميم هذه الفكرة، واستغلال التقلبات العشوائية في أي عملية خلوية لتوقع العمر.

ومن الأهمية بمكان لهذا البحث استكشاف التدخلات القادرة على إبطاء أو تسريع عملية الشيخوخة، إذ يشير تحليل مجموعات البيانات المتاحة إلى أن عوامل مثل التدخين تؤدي إلى تصعيد التغيرات العشوائية، في حين أن التدخلات مثل تقييد السعرات الحرارية تخفف من اختلافات نمط التثبيط الكيميائي للحمض النووي، مما يشير إلى فوائد محتملة لمكافحة الشيخوخة.

علاوة على ذلك، تكشف الدراسة عن الانعكاس الملحوظ للضوضاء العشوائية من خلال إعادة البرمجة الخلوية. فمن خلال تحويل الخلايا الليفية البشرية إلى خلايا جذعية متجددة، لاحظ الباحثون انخفاضًا كبيرًا في التباين العشوائي، على غرار ما يحدث في الخلايا الجذعية الشابة.

وتؤكد هذه النتائج على أهمية معرفة ساعات الشيخوخة لتقييم فاعلية التدخلات المضادة وتحديد العوامل التي تؤدي إلى تفاقمها. ومع تقدم الأبحاث في هذا المجال، تمتد الآثار المترتبة على ذلك إلى إمكانية إطلاق استراتيجيات جديدة لتعزيز الشيخوخة الصحية وإطالة العمر.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى