رغم أن معظم دول الخليج تعمل على تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز، فإن مبيعات الطاقة لا تزال تمثل أكثر من 90 بالمئة من إيرادات الكويت.
وعلى مدى عقد من الزمن على الأقل، “أصيبت الكويت بالشلل بسبب لعبة شد الحبل السياسي بين القادة الذين يضغطون من أجل فتح الاقتصاد، وأولئك الذين يفضلون الحفاظ على دولة ريعية نفطية تخضع لرقابة مشددة”، حسب تقرير لمجلة “غلوبال فاينانس” الأميركية، الذي أشار في الوقت نفسه، إلى أن “الجمود” في الكويت “يبدو أنه انكسر”.
والشهر الماضي، قدم رئيس الوزراء الكويتي الجديد، الشيخ محمد صباح السالم، خطة عمل حكومته إلى البرلمان، بما في ذلك حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية.
وقال محمد السالم إنه “من المستحيل استدامة دولة الرفاه في ظل استمرار الاعتماد على ثروة طبيعية ناضبة”، مضيفا: “هدفنا تحويل الثروة الناضبة إلى ثروة متجددة وحيوية”.
وتشمل الإجراءات التي لا تزال قيد المناقشة، السماح للكويت بالاقتراض في الأسواق الدولية، والسماح للبنوك التجارية بالدخول إلى سوق القروض العقارية، وإنهاء الاحتكار الذي تمتع به بنك الائتمان الكويتي لفترة طويلة، وتوسيع القاعدة الضريبية بفرض ضرائب جديدة على الشركات المحلية.
ومع ذلك، فإن أي تهديد لأسلوب حياة الكويتيين المترف إلى حد ما، لا بد أن يثير الجدل، لا سيما داخل قبة البرلمان الذي يتمتع بصلاحيات رقابية واسعة.
ويتعرض اقتصاد البلاد لصدمات النفط، باعتبار أن الكويت تعتمد على الذهب الأسود كمصدر أساسي للدخل.
وعندما كانت أسعار النفط مرتفعة في عام 2022، سجل الناتج المحلي الإجمالي زيادة بنسبة 8.9 بالمئة، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. وفي العام الماضي، وسط تخفيضات إنتاج تحالف “أوبك بلس”، بالكاد وصلت النسبة إلى 0.1 بالمئة.
لكن احتياطيات النفط والغاز في الكويت كانت تاريخيا بمثابة شبكة أمان قوية، ولديها الكثير من الأموال لمواجهة تقلبات أسواق الطاقة.
وقال علي خليل، الرئيس التنفيذي للمركز المالي الكويتي (المركز)، وهي شركة لإدارة الأصول والخدمات المصرفية الاستثمارية: “يعد القطاع المصرفي حجر الزاوية في الاقتصاد”.
وتابع: “هذه القوة المالية لا تحمي البنوك من تقلبات السوق فحسب، بل تؤهلها أيضا للاستفادة من فرص النمو”.
كما تملك الدولة الخليجية “قوة هائلة” تتمثل في الهيئة الكويتية العامة للاستثمار، وهي واحدة من أكبر الصناديق السيادية بالعالم، بأصول تبلغ 800 مليار دولار، تقدر بـ 470 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
واستنادا إلى “الرقابة الاحترازية القوية من قبل البنك المركزي”، يشير صندوق النقد الدولي، في أحدث بيان لمهمة المادة الرابعة (Staff Concluding Statement of the 2024 IMF Article IV Mission)، إلى أن “تأثير اضطراب القطاع المصرفي العالمي على البنوك الكويتية كان ضعيفا”.
وقال صلاح الفليج، الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني، أقدم بنك في البلاد بأصول تزيد عن 120 مليار دولار: “إن المؤسسات المالية الكويتية لا تبرز فقط باعتبارها من أكبر المؤسسات وأكثرها مرونة في المنطقة، بل باعتبارها من بين أكثر المؤسسات ربحية أيضا”.
وأضاف أن قانون الدين الجديد الذي طال انتظاره، والذي يسمح للكويت بالوصول إلى أسواق الدين الدولية، “من شأنه أن يوفر نهجا منظما لإدارة المالية العامة ويضمن عمليات مالية حكيمة، وهي القضايا التي أبرزتها وكالات التصنيف بانتظام، باعتبارها نقطة ضعف في تقييمها للتصنيفات السيادية للكويت”.
وتتوافق إعادة هيكلة السوق المالية للحكومة الجديدة، مع الجهود التي يعود تاريخها إلى عدة سنوات، لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال تحويل الكويت إلى مركز تجاري يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، على غرار مدينة دبي الإماراتية المجاورة.
وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس إدارة الأصول في البنك الأهلي الكويتي كابيتال، طلال العثمان: “مع استمرار الكويت في تطوير وتنويع اقتصادها، ينجذب المستثمرون إلى الفرص التي توفرها هذه السوق الديناميكية والواعدة”.