رجحت أوساط ليبية أن يلقى الإعلان عن إنشاء إدارة ذاتية لإقليم فزان (الجنوب) دعما من الداخل والخارج نظرا لما يمثله من إكمال لنصاب التقسيم الفيدرالي وفق دستور 1951؛ حيث يتم استحداث سلطة إقليمية في فزان إلى جانب سلطتين أخريين في طرابلس وبرقة.
وأشارت الأوساط الليبية إلى أن “هناك مخططا يجري تداوله على أكثر من صعيد ويتعلق بالعودة إلى دستور دولة الاستقلال وتقسيم السلطات المركزية في ليبيا إلى رئيس للدولة من برقة ورئيس للحكومة من طرابلس ورئيس للبرلمان من فزان”.
وبحسب الأوساط ذاتها فإن إدارة ذاتية لفزان يمكن أن تحدث توازنا مطلوبا مع طرابلس وبرقة، وأن تخرج المنطقة الجنوبية من حالة التهميش والنسيان التي تمر بها منذ مدّة طويلة.
إدارة ذاتية لفزان يمكن أن تحدث توازنا مطلوبا مع طرابلس وبرقة، وأن تخرج المنطقة الجنوبية من حالة التهميش والنسيان التي تمر بها منذ مدّة طويلة
واستمر النظام الفيدرالي في ليبيا خلال السنوات الأولى بعد الاستقلال، من 1951 إلى 1963، عقب ظهور إقليم برقة ككيان مستقل ودولة منفصلة في عام 1949، بقيادة الملك إدريس السنوسي، إثر نزاعات مع قيادات طرابلسية رفضت توليه الحكم كملك للبلاد لكنها رضخت لاحقا.
ومع اكتشاف النفط تحولت الدولة من النظام الفيدرالي إلى نظام الدولة الموحدة في عام 1963.
ومنذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي يدور الجدل حول العودة إلى الفيدرالية التي يرفضها البعض ويعتبرها خطوة نحو التقسيم.
وأعلن ملتقى نخب وفعاليات فزان السياسية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني عن إنشاء الإدارة الذاتية للجنوب الليبي، مؤكدا أن “الإدارة الذاتية للجنوب ستكون وسيلة للوحدة والبناء، ولن تكون بديلا عن المؤسسات السيادية في الدولة”.
وأضاف الملتقى في بيان تمت تلاوته خلال وقفة احتجاجية الثلاثاء، أمام المسرح الشعبي في مدينة سبها، أنه سيتم بناء سلطة فزان المحلية والتي ستكون معبرة عن تطلعات أبناء الجنوب في إدارة شؤونهم بأنفسهم.
وأكد الملتقى أن الإدارة الذاتية لن تكون سبيلا للتوجهات الانفصالية أو عنوانا للتعدي على سيادة البلاد ووحدة أراضيها، منوّها بأنها ستعمل على إنفاذ القانون العام، ولن تسمح بتحول الجنوب إلى ساحة للنفوذ الأجنبي أو مركز للإرهاب.
وتابع “هدفنا الحفاظ على موارد الجنوب وحسن إدارتها، بما سينعكس إيجابًا على رفع مستوى المعيشة للمواطنين، والجنوب الليبي أصبح رهينة للانقسام والتهميش وعرضة للتعديات التي هددت استقراره وسلمه الاجتماعي”.
جاء هذا الموقف في ظل استمرار حالة الاحتقان الاجتماعي بإقليم فزان الجنوبي نتيجة ما يعانيه من تهميش وحرمان وفقدان أبسط شروط الحياة مقارنة ببقية مناطق البلاد. وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أعلنت الأحد حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي الذي ينتج 300 ألف برميل يوميا بسبب احتجاجات.
ومنذ الثاني من يناير الجاري أغلق محتجون محليّون من إقليم فزان حقل الشرارة النفطي الواقع جنوب غربي ليبيا، احتجاجا على انقطاع الوقود والغاز وضعف الخدمات العامة والأساسية، وتزايد عمليات التهريب، مهدّدين بالتصعيد وإغلاق حقل الفيل في حال عدم تحقيق مطالبهم.
وبيّن المحتجون في بيان أن إغلاق حقل الشرارة جاء بعد انتهاء مهلة الاستجابة لمطالبهم المتمثلة خاصة في تحسين الخدمات وتوفير الوقود والغاز، محملين المؤسسة الوطنية للنفط والحكومات المسؤولية الكاملة في حال عدم تحقيق مطالبهم.
وفي الأسبوع الماضي أعلن المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان دعمه للمحتجين في حقل الشرارة، وطالبهم بتشكيل لجنة حوار للتواصل مع الجهات ذات العلاقة، وأوضح في بيان أنه يجب إفراز لجنة قادرة على الحوار والتواصل مع الجهات ذات العلاقة لتحقيق مطالب وحقوق أهل فزان، مشددا على “ضرورة إضافة وتضمين مطالب وحقوق فزان كلها، التي ناضلت من أجلها النخب السياسية والاجتماعية والشبابية والمرأة جميعهم، عبر زيارات الحكومات والملتقيات”.
وطالب المجلس بتضمين مطالب وحقوق فزان في مسببات الاعتصام، والتي من بينها دعم جهاز تنمية وتطوير المنطقة الجنوبية وإنشاء محفظة استثمارية خاصة بالجنوب وفق ما جاء في بيان مؤتمر “نداء فزان من أجل ليبيا” وتخصيص مبلغ عشرة مليارات دينار (2.09 مليار دولار) للإيفاء بكافة احتياجات منطقة فزان الضرورية والخدمية والتنموية.
ويشير مراقبون إلى أن الجنوب المنسي قادر على استعادة حقوقه في حال توصلت مكوناته الاجتماعية والثقافية، من العرب والطوارق والتبو، إلى توافق حول سلطة محلية قادرة على التعبير عن تطلعات السكان المحليين والدخول في مفاوضات جدية مع الأطراف الفاعلة داخليا وإقليميا ودوليا.
وتبلغ مساحة فزان 551.170 كيلومتر مربع، ولا يتجاوز عدد السكان 500 ألف نسمة، بحيث لا تكاد الكثافة السكانية تصل إلى 0.80 ساكن في الكيلومتر المربع، بينما تختزن أراضيه ثروات طائلة من النفط والغاز والماء والذهب والحديد والفوسفات واليورانيوم.
متابعات