مع اشتداد الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعتمد السعودية بقوة على إيران لمنع الجماعات الموالية لها من تصعيد الصراع في أماكن أخرى من منطقة الخليج، وذلك عبر عرض حوافز اقتصادية مغرية على طهران.
ذلك ما خلص إليه فؤاد شهبازوف، في تحليل بـ”منتدى الخليج الدولي” (Gulf International Forum) مضيفا أنه “رغم أن أجواء التقارب تبدو مواتية للطرفين، إلا أن المصالحة الدبلوماسية قد تتعرض للتهديد بسبب اندلاع الحرب في غزة”.
وبموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت نحو 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ الإقليمي أجج صراعات عديدة.
وأضاف شهبازوف أن “إيران والسعودية وجدتا نفسيهما على جانبين مختلفين من صراع إقليمي آخر (الحرب على غزة) أثار المشاعر في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يؤدي إلى جولة جديدة من العنف بين طهران والرياض”.
وحتى أمس الأحد، خلّفت الحرب على غزة 21 ألفا و822 شهيدا، و56 ألفا و451 جريحا، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
و”من المرجح في السعودية أن تستمر إيران في تطلعات الهيمنة، عبر ما يسمى “محور المقاومة” في منطقة الشرق الأوسط”، بحسب شهبازوف.
وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لطهران، بينها “حزب الله” في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن، وسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.
معالجة دبلوماسية
وهذه المرة، وفقا لشهبازوف، “حاولت السعودية معالجة القضية بطريقة أكثر دبلوماسية دون إشعال الوضع، ففي أعقاب هجوم حماس (على قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر الماضي) والانتقام الإسرائيلي في غزة، زعمت مصادر إعلامية أن السعودية اقترحت التعاون والاستثمار في إيران إذا منعت ميليشياتها من بدء حرب إقليمية أوسع”.
وتابع أنه “بعد وقت قصير من التوقيع على اتفاق تطبيع العلاقات، في مارس الماضي، قالت الرياض إنها ستبدأ الاستثمار مباشرة في الاقتصاد الإيراني، لكن اندلاع الحرب في غزة يؤكد أهمية التعاون الاقتصادي الثنائي كوسيلة لتجنب المزيد من التصعيد”.
وأردف أنه “من وجهة نظر الرياض، فإن الموقف التعاوني تجاه إيران يبدو عقلانيا، فالحفاظ على المكاسب الاقتصادية للاستثمار الثنائي يتطلب الحفاظ على السلام المستدام والاستقرار الإقليمي”.
ويحتاج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لاستقرار داخلي وسلام إقليمي للمضى قدما في تنفيذ رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى تنويع وتوسيع اقتصاد السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات؛ في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة النظيفة غير الملوثة للبيئة.
عقوبات دولية
ومن اليمن جار السعودية، استهدف الحوثيون سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، وذلك تضامنا مع غزة.
و”لا ينبغي النظر إلى قرار الرياض تقديم المساعدة الاقتصادية لمنافستها على أنه صدقة، بل جهد محسوب لتحييد الطموحات الإيرانية في الشرق الأوسط، لكن حتى مع تجدد الحوار بين الرياض وطهران، فإن الشراكة الكبيرة طويلة الأمد بينهما لا تلوح في الأفق”، كما أردف شبهازوف.
وزاد بأن “إيران لم تبعث الثقة في السعودية، واستفادت من الصراع في غزة لتعزيز العلاقات مع وكلائها في لبنان والضفة الغربية والعراق وسوريا واليمن. ولمزيد من التحوط ضد المخططات الإيرانية، تعاونت السعودية مع شركائها الدوليين، وبالتحديد الولايات المتحدة”.
وأضاف شهبازوف أن “الولايات المتحدة أبدت عزمها على منع التصعيد الإقليمي، وأرسلت مجموعتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة، على أمل أن يؤدي استعراض القوة إلى إقناع حلفاء إيران بالبقاء خارج الصراع”.
ومضى قائلا إن “الرياض تسعى، من خلال الشراكة مع إيران، إلى تهميش تهديد الحوثيين، وتقليل تهريب الأسلحة في الخليج العربي، وإقامة شراكة عملية تقلل من الحاجة إلى الإنفاق على دفاعها”.
واستدرك: “لكن لا يزال من غير الواضح كيف تخطط السعودية للاستثمار في الاقتصاد الإيراني دون انتهاك العقوبات الدولية، وحتى الآن، لم تضغط الرياض على شركائها الغربيين لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهرن”.
متابعات