الكويت تلغي شرط الوكيل المحلي لعمل الشركات الأجنبية لاستقطاب الاستثمارات

أقرّ برلمان الكويت تعديلا تشريعيا يسمح من خلاله للشركات الأجنبية بفتح فرع لها والعمل في الكويت دون اشتراط أن يكون لها وكيل محلي، كما سمح للشركات غير الكويتية بالمنافسة في المناقصات العامة، في خطوة نحو تعبيد الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية الراغبة في دخول السوق وتنويع الاقتصاد.

جاءت الموافقة في جلسة أمس الثلاثاء بتأييد 57 صوتا واعتراض صوت واحد، وفقا لموقع مجلس الأمة. وكان القانون السابق الذي أقر في 1980 يشترط أن تعمل أي شركة أجنبية في الكويت من خلال وكيل محلي، كما كان يحظر على غير الكويتيين العمل بالتجارة إلا بوجود شريك كويتي لا تقل حصته عن 51 بالمئة.

كما عدل البرلمان قانون المناقصات العامة بحيث يسمح لغير الكويتيين بالمنافسة في هذه المناقصات، وألغى سلطة الجهات الحكومية في قصر المنافسة في المناقصات العامة على الكويتيين.

وخلال السنوات القليلة الماضية، تصاعدت الانتقادات في الكويت لشرط الوكيل المحلي، لا سيما بين نواب المعارضة الذين يعدّونه سببا في تردي الخدمات، وتحقيق بعض الوكلاء المحليين أرباحا غير مستحقة.

ويشكل إلغاء هذا الشرط إفادة للاقتصاد الكويتي من خلال تنويع مصادر الدخل وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري مع شركاء دوليين، والإسهام في تطوير قطاعات حيوية مثل التقنية والصناعة والخدمات.

وتخلت غالبية دول الخليج عن الوكيل المحلي كشرط لعمل الشركات الأجنبية، وهو ما سمح بنشاط كبير لهذه الشركات في اقتصادات الإمارات والسعودية وقطر.

ويمثل اشتراط الوكيل المحلي تكلفة إضافية على أي شركة أجنبية، تضاف إلى تكاليف إنشاء الفرع والتسجيل، ما يعني ارتفاعا في إجمالي التكلفة، وهو ما لا يخدم تنافسية الكويت من الناحية الاستثمارية.

وتسعى الكويت، عضو منظمة أوبك، التي يأتي أكثر من 90 بالمئة من إيراداتها العامة من النفط، لتحرير اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، وزيادة إلحاق المواطنين بالقطاع الخاص.

وسمحت الكويت سابقا لبعض الشركات الأجنبية بالعمل دون وكيل محلي، بشروط معينة، تحت مظلة هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، لكن التعديلات الجديدة وسعت من فرص عمل الشركات الأجنبية بالبلاد.

وتوقع فهد الشريعان وزير التجارة الأسبق أن يساهم القانون الجديد في زيادة المنافسة بين الشركات المحلية والأجنبية وهو ما سينعكس على الجودة والأسعار.

وقال الشريعان لوكالة رويترز “بهذا القانون فتحت السوق وفتحت المنافسة أكثر. دائما وجود أكثر من اختيار يسمح بمنافسة أعلى (في الأسعار) وجودة أعلى في المنتج”.

وعارضت البرلمانية جنان بوشهري تعديل قانون التجارة وقالت عبر حسابه على منصة “إكس” إنها “صوتت برفض تقرير اللجنة المالية البرلمانية بتعديل قانون التجارة، لأنه يؤكد وجود الوكيل المحلي ولا يُلغيه”.

وأضافت “بل أن التعديل يتيح للشركات الأجنبية الالتفاف على قانون هيئة تشجيع الاستثمار المباشر – التي تسمح بالعمل دون وكيل محلي – وفتح أفرع بعيدا عن رقابتها وتنظيمها مما يشكل خطرا على الاقتصاد الوطني وحقوق المواطنين ويصنع فوضى البيئة الاقتصادية في غنى عنها”.

وقالت لجنة الشؤون المالية البرلمانية التي أعدت القانون في تقريرها “لن تتأثر المراكز القانونية للوكلاء المحليين (الحاليين) بهذه التعديلات، حيث ستظل عقود الوكالة سارية… (القانون) لا ينطبق بأثر رجعي”.

وقالت المذكرة التفسيرية للقانون الجديد إن التعديل سيؤدي إلى “فتح السوق أمام الجميع والتنافس على تقديم أفضل المنتجات والخدمات للمستهلكين بأقل الأسعار، وذلك سينعكس بشكل إيجابي على تحسين المنتجات والخدمات المقدمة وخفض الأسعار في السلع والخدمات”.

وأشار الشريعان إلى أن الوكيل المحلي كان يتعرض لانتقادات لتداخل الأمور الفنية مع الأمور الاجتماعية “والترضيات” لكن القانون الجديد سيجعل التركيز أكثر على “الأمور الفنية”.

وأكد الشريعان أن “التاجر الكويتي ينبغي ألا يعتبر هذا القانون عائقا. الآن لما تفتح الأمور ويكون هناك خط خارجي … يستطيع التجار الكبار والتجار الممتازون والتجار أصحاب السمعة الطيبة والتاريخ الطيب تجاوز مثل هذا القانون وجلب وكالات عالمية جديدة”.

وتعمل الكويت جاهدة منذ عقد من الزمن لجذب الاستثمار الأجنبي وتحديدا منذ إنشاء هيئة تشجيع الاستثمار المباشر التي تأسست في 2013 لتقوم بمهام تشجيع وجذب رؤوس الأموال ذات القيمة المضافة، والترويج للبلد كموطن للاستثمار الواعد.

ومن مهام الهيئة التي أُنشئت كجزء من رؤية 2035 العمل على تحسين بيئة الأعمال وتعزيز تنافسية البلد في الاقتصاد العالمي بما من شأنه أن يدعم هدف تنويع مصادر الدخل ودعم ريادة القطاع الخاص في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وتتيح الهيئة على منصتها الإلكترونية العديد من الفرص الاستثمارية في البنية التحتية والرعاية الصحية والمشاريع السكنية وقطاع الطاقة والخدمات المصرفية والتأمين وخدمات التخزين واللوجستيات والتكنولوجيا والسياحة وغيرها.

ولا توجد إحصائيات رسمية حول التدفقات التي دخلت السوق الكويتية خلال النصف الأول من العام الحالي، لكن خبراء يرجحون أنها قد تسير ببطء كما هو الحال في السنوات الماضية.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) مطلع يوليو الجاري فقد جذبت الكويت 758 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2022 بنمو بلغ 34 في المئة، مقارنة مع 567 مليون دولار قبل عام.

واعتبر اقتصاديون وخبراء في المجال المصرفي والصناعي والاستثماري أن هذا التشريع خطوة لدعم التنمية الاقتصادية في البلاد، كما أنه يمهد الطريق لدخول الخبرات إلى السوق المحلية، وبالتالي توفر فرص عمل أوسع للكويتيين في القطاع الخاص.

لكنهم شددوا في الوقت ذاته على أهمية تعديل قانون الضرائب الحالي، الذي اعتبروه من العقبات الرئيسية أمام المستثمرين الأجانب لضخ رؤوس أموالهم في السوق الكويتية.

كما طالبوا بإزالة المعوقات الإدارية وتعقيداتها بسرعة، داعين إلى ضرورة اكتمال البنية التشريعية لكي يصبح القانون متكاملا ويبعث الطمأنينة لدى المستثمرين الأجانب.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى