لتغيير صورة بلاده من “مملكة النفط والدين” إلى “السعودية الرائعة”، يتبنى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نهجما تمتزج فيه الإصلاحات الحقيقية مع الدعاية والخيال والتباهي، بحسب ستيفن كوك من مركز إيني إنريكو ماتي لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي (the Council on Foreign Relations).
كوك تابع، في مقال بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية (Foreign Policy) أنه يبدو أن السعودية ستواصل الاستثمار بكثافة في الرياضات الدولية لـ”غسل صورتها العامة، وهي ممارسة تُعرف باسم الغسل الرياضي”.
ولفت إلى إعلان صندوق الاستثمارات العاصمة (مملوك للدولة) عن الاستحواذ على حصة بقيمة 100 مليون دولار في رابطة المقاتلين المحترفين للفنون القتالية المختلطة (MMA) .
وأردف: “على الرغم من أنه من غير المرجح أن يثير هذا الاستحواذ القدر نفسه من الضجة مثل الإعلان عن شراكة (جولة) “ليف جولف” (LIV Golf) المملوكة للسعودية مع رابطة محترفي الجولف ، إلا أن هذه الخطوة تشير إلى أن الرياض لن تتراجع عن توسيع محفظتها الرياضية”.
و”بالإضافة إلى دخولها في لعبة الجولف والآن الفنون القتالية المختلطة، يمتلك الصندوق السيادي فريق نيوكاسل يونايتد الذي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز (لكرة القدم)، وهناك حديث أيضا عن استثمار كبير في التنس”، كما زاد كوك.
واستطرد: “كما تصدر السعوديون عناوين الأخبار بالتعاقد مع بعض أكبر الأسماء في كرة القدم الدولية للعب في دوري المحترفين في المملكة، وبصرف النظر عن رونالدو ونيمار وبنزيما، الذين وقعوا عقودا تبلغ قيمتها مجتمعة حوالي 600 مليون دولار، يوجد ما لا يقل عن عشرين لاعبا آخرين تركوا بطولات الدوري المرموقة للعب في المملكة”.
انتقادات حقوقية
و”عرّض استثمار السعودية في الرياضة الدولية قيادة المملكة لاتهامات من جميع أنواع النشطاء والصحفيين والمحللين والسياسيين الأمريكيين بأن السعوديين يستخدمون الجولف وكرة القدم والفنون القتالية المختلطة لإخفاء سجلاتهم في مجال حقوق الإنسان”، بحسب كوك.
واستدرك: لكن إذا كان هذا هو الهدف، فإنه لم ينجح، فمع كل استثمار سعودي، تتكرر الانتقادات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، مثل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي (في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018).
ولفت إلى “الاعتداءات الأخيرة، مثل القتل الجماعي المزعوم للمهاجرين الإثيوبيين على الحدود السعودية اليمنية (نفته الرياض)، والحكم بالإعدام على مدرس متقاعد (54 عاما) يُدعى محمد الغامدي لإعادته نشر انتقادات لولي العهد على (منصة) إكس”.
و”الهدف الأكبر للقيادة السعودية هو إقناع العالم بأن المملكة ليست فقط أكبر محطة وقود، ولكنها أيضا لاعب مهم في مجالات أخرى عديدة، بينها التمويل والتكنولوجيا المتقدمة والجغرافيا السياسية والفنون والترفيه والرياضة”، كما تابع كوك.
وأردف أن الاستثمارات السعودية “تتوافق مع رؤية 2030، وهي خريطة طريق ومنصة تسويقية لمشروع محمد بن سلمان الطموح للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وتلزم المملكة بالاستثمار في السياحة والتكنولوجيا وغيرها، ويهدف الكثير من هذا إلى تغيير السرد حول المملكة من دولة يهيمن عليها النفط والدين إلى دولة حديثة وتقدمية ومتطورة: “الجزيرة العربية الرائعة”.
إصلاحات ودعاية
سيكون من الخداع، وفقا لكوك، اعتبار أن كل ما فعله السعوديون خلال الجزء الأكبر من نصف العقد الماضي كان فقط لأغراض العلاقات العامة، إذ أشرف ولي العهد على إصلاحات حقيقية يحبها الكثير من السعوديين، بينها فتح الأماكن الثقافية وحضور مباريات الفنون القتالية المختلطة والاستمتاع برقص الباليه.
واستدرك: “لكن الطفرة المفاجئة في النشاط والاستثمار في العديد من القطاعات تبدو خيالية، ومثل (مدينة) نيوم (المستقبلية) والقمة حول أوكرانيا والاستثمارات في الرياضة والثقافة والترفيه، فهي محاولة متباهية لإقناع العالم بأن هذا يتناقض مع إمبراطورية أعمام محمد بن سلمان”.
و”يعلم الجميع أن السعودية قادرة على تحريك أسواق الطاقة، ولكن إذا أردنا أن نأخذ السعوديين على محمل الجد، فسيحتاجون إلى القيام بما هو أكثر بكثير من مجرد توزيع مبالغ ضخمة من المال على نجوم كرة القدم”، كما ختم كوك.
متابعات