بعد رفع دول أوروبية ميزانيات دفاعها.. هل تدشن الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة من الأبحاث العسكرية؟

عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، تزايد اهتمام الدول الغربية خاصة بتطوير ترسانتها العسكرية ورفع حجم ميزانياتها المخصصة للدفاع، ولذلك، يرجح خبراء عسكريون أن تشهد السنوات القادمة توظيف أساليب جديدة مثل استعمال الطاقة الشمسية لتشغيل المركبات فوق ساحات المعارك، على ارتفاع 20 كيلومترًا. في الوقت الراهن، لا يزال استعمال الطائرات المسيّرة آليًا دون طيار على تلك الارتفاعات، أو ما يُطلق عليه “الأقمار الصناعية الزائفة”، قيد البحث والتجريب.

تعد التكنولوجيا العسكرية والتقنيات المتطورة التي تمتلكها بعض الدول حاليا نتاجا لمجهود متواصل لعدد من المراكز البحثية ومشاريع أبحاث متقدمة مسؤولة عن تطوير تكنولوجيات حديثة جديدة للاستخدام من قبل الجيوش والتي من المتوقع أن تصل إلى الاعتماد على الربوتات والمركبات المستقلة في النزاعات المستقبلية.

وكانت الدول الأوروبية قد أعلنت، بعد مرور ثلاثة شهور على اندلاع الحرب في أوكرانيا، عن زيادة ميزانياتها العسكرية بما يقارب 200 مليار يورو، في الوقت الذي كشف فيه أيضًا قادة دول الاتحاد الأوروبي عن حزمة من الاستراتيجيات الرامية إلى تعزيز القدرة العسكرية لدول الاتحاد مجتمعة. ورغم أن كلتا هاتين الخطوتين ركزتا في المقام الأول على استجلاب أسلحة ومعدات وغيرهما من مستلزمات الحرب، إلا أنه تدخل فيهما تعهدات بزيادة الإنفاق في مجالات البحث والتطوير التي قد تؤمن العتاد العسكري الذي يحتاجه الجيل القادم بهذه الدول، بدءًا من الطائرات المسيّرة آليًا دون طيار، وصولًا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ترى الباحثة في بالتيمور بولاية ماريلاند الأمريكية آن فينكباينر أن الطائرات المسيرة المستقبلية تعد من بين عشرات المشروعات المدعومة من قبل «صندوق الدفاع الأوروبي» European Defence Fund  التابع للاتحاد الأوروبي (EDF) في مجال البحث والتطوير (R&D).

يُمثل الصندوق المذكور أول حملة كبرى أطلقها الاتحاد الأوروبي لتمويل الأبحاث العسكرية المشتركة بين الدول الأعضاء به. وقد خُطط لتأسيسه لعدة سنوات، لكن اليوم تأتي أولى المنح التي يقدمها في توقيت مناسب. إذ لفت غزو روسيا لأوكرانيا في شهر فبراير من العام الماضي الدول الأوروبية إلى أهمية ضخ المزيد من الاستثمارات في تمويل الأبحاث العسكرية، بعد عقود من سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على مجال الابتكارات الحربية.

من الواضح أن الهجوم الروسي على أوكرانيا حث أوروبا على إعادة النظر في حساباتها. فبعده بأسبوعين، التقى قادة دول الاتحاد الأوروبي في قصر فرساي بفرنسا. وانبثق عن الاجتماع إعلان فرساي، الذي نص على زيادة الإنفاق العسكري “زيادة كبيرة” بين دول الاتحاد، و”دعم التضافر” بينها في الأبحاث المدنية والعسكرية، و”تمويل مبادرات التكنولوجيا والابتكار الحيوية والناشئة في المجالات الأمنية والعسكرية”، مشددًا على أهمية السياسات التي كانت بالفعل قيد التنفيذ وقت صدوره. تعقيبًا على ذلك، يقول فيوت: “شاع في أوروبا عندئذ هذا المنظور الذي يتمثل في أن الابتكار يؤتي الثمار المرجوة منه، كما يحد من تبعيتنا لدول قد لا نثق فيها”.

ورغم أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه قدرة كبيرة على زيادة الإنفاق العسكري زيادة هائلة، إلا أن كل من الدول الأوروبية قادر على ضخ الأموال السائلة سريعًا لهذا الغرض. فبعد غزو أوكرانيا، ارتفعت الميزانيات العسكرية في بعض الدول ارتفاعًا حادُا. ومن أوضح الأمثلة على ذلك، ارتفاع ميزانية ألمانيا الدفاعية بمقدار 100 مليار دولار أمريكي (رُصدت لأجل غير محدد). وتذهب معظم هذه الزيادات في المبالغ المرصودة للميزانيات الدفاعية إلى الصناعات العسكرية ومنظمات الأبحاث والتكنولوجيا، وينصب هدفها على توفير العتاد الحربي خلال الحروب الطارئة، وليس توفير ميزانيات للأبحاث. فضلًا عن ذلك، أضافت ألمانيا أكثر من 400 مليون يورو للمبالغ المخصصة للإنفاق على البحث والتطوير في المجالات العسكرية.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى