مجلس حضرموت الوطني: تيار جنوبي ثالث أم منافس للمجلس الانتقالي

مخاوف من تسلل الإخوان إلى المكون الحضرمي وتحويله إلى واجهة جنوبية.

أعلن في العاصمة السعودية الرياض عن تأسيس مجلس حضرموت الوطني بموجب الوثيقة السياسية والحقوقية الصادرة في ختام المشاورات بين القوى الحضرمية التي استضافتها الحكومة السعودية في الفترة من 20 مايو حتى 19 يونيو، بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية في المحافظة.

ويأتي هذا المجلس ليثير الكثير من التساؤلات حول دوره، هل هو تيار جنوبي ثالث أم منافس للمجلس الانتقالي الجنوبي؟ وما هي الجهة التي تقف وراءه وسط مخاوف من تسلل الإخوان إليه وجعله واجهة جنوبية لهم؟

وتكشف الوثيقة، التي تم إعلانها بحضور محافظ محافظة حضرموت مبخوت بن ماضي والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، عن الرؤية الحضرمية للعديد من التفاعلات التي يشهدها الملف اليمني، في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي والثقافي والتنموي.

وأشارت الوثيقة النهائية الصادرة عن المشاورات الحضرمية إلى أنها تأتي “استجابة للدعوة الكريمة من حكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومساعيها المخلصة في دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والشعب اليمني على توحيد الصف، وتغليب نهج الحوار لحل كافة الخلافات والتفرّغ للإصلاحات الاقتصادية والخدمية، وحشد الجهود لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني”، و”حرصا من القوى والمكونات الحضرمية على النأي بحضرموت عن أيّ توترات أو خلافات بينيّة”.

عمر باجردانه: مجلس حضرموت قد يكون واجهة لقوى خارج المعادلة الجنوبيةعمر باجردانه: مجلس حضرموت قد يكون واجهة لقوى خارج المعادلة الجنوبية

وتضمنت الوثيقة إشارة إلى أن المشاورات ومخرجاتها جاءت نتيجة إدراك القوى والمكونات الحضرمية المشاركة “خطورة تحويل حضرموت إلى مسرح للصراع وتداعيات ذلك على السكينة العامة والسّلم الاجتماعي في حضرموت ومصالح مواطنيها، وأمن المناطق المحررة واستقرارها، ودول الجوار، وخطوط الملاحة العالمية”.

ووفقا للوثيقة الصادرة عن المشاورات، تُشكّل هيئة تأسيسية لمجلس حضرموت الوطني، تعمل بالتنسيق مع محافظ حضرموت، تتولى التحضير لتشكيل المجلس وإعداد التصور الكامل لهياكله ونظامه الأساسي ولوائحه الداخلية، وذلك في مدة لا تتجاوز شهرين من هذا الإعلان. كما تُوقع القوى والمكونات الحضرمية على ميثاق شرفٍ بأن تعمل معاً على تشكيل مجلس حضرموت (الوطني) وفقاً للالتزامات والمبادئ المتفق عليها.

ويرى مراقبون أن إعلان تشكيل المكون الحضرمي الجديد، جاء في سياق مؤشرات على انتقال الصراع الداخلي اليمني إلى حضرموت، وسعي العديد من القوى المحلية والإقليمية لتعزيز رؤيتها في هذا النطاق الجيوسياسي اليمني الذي ظل في منأى عن التداعيات المباشرة للحرب اليمنية.

ويمكن اعتبار تشكيل مجلس حضرموت الوطني بداية مرحلة جديدة في طبيعة الصراع السياسي الصامت الذي شهدته المحافظة اليمنية الأكبر مساحة والأغنى موارد خلال الشهور الماضية والتي أنذرت بحدوث مواجهة عسكرية في وادي حضرموت بين القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المنطقة العسكرية الأولى التي تدين بالولاء لقيادات في حزب الإصلاح.

وما يزال الوقت مبكرا على الحكم على المجلس الحضرمي وعلاقته بالمجلس الانتقالي الجنوبي وقدرته على تمثيل مختلف القوى والمكونات الحضرمية الفاعلة، مع عدم مشاركة العديد من القوى الحضرمية المحسوبة على الانتقالي في مشاورات الرياض.

ويعتقد مراقبون أن المجلس قد يشكل تيارا ثالثا في الساحة الجنوبية بين حلفاء الانتقالي والمحسوبين على الإخوان، في ظل وجود رغبة لدى الكثير من القوى الحضرمية في تشكيل حالة حضرمية فريدة متحررة من الاصطفافات السياسية الحادة التي عرفها المشهد اليمني خلال سنوات الحرب.

ويبدي خبراء قلقهم من تسلل عناصر الإخوان إلى المكون الحضرمي الجديد ومحاولة تحويله إلى واجهة جنوبية لمواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، ونقطة اجتذاب لكل أعداء الانتقالي وتشجيع قوى أخرى على إنشاء مجالس مشابهة في أبين وشبوة والمهرة.

تشكيل مجلس حضرموت الوطني بداية مرحلة جديدة في طبيعة الصراع السياسي الصامت الذي شهدته المحافظة اليمنية الأكبر مساحة والأغنى موارد

وفيما يبدو كرد غير مباشر على إعلان مجلس حضرموت الوطني، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي نائب رئيس المجلس الانتقالي ومحافظ عدن السابق فرج سالمين البحسني “إن من لا يدرك شيئاً سيظل كما هو ولن يقدم شيئا لحضرموت سوى المزيد من التشرذم”.

وأشار البحسني إلى” أن تعدد المشاريع والرؤى والإقصاء وغيرها من المشاريع الأخرى، لن يزيد حضرموت إلا تفككاً، وحضرموت ليست في حاجة إلى ذلك”.

وعلى صعيد ردود الفعل المتوقعة حيال إعلان المجلس الحضرمي، لفت مدير مركز سوث 24 للدراسات والأخبار في عدن يعقوب السفياني إلى أن هناك تحفظا واضحا لدى المجلس الانتقالي الجنوبي من “مجلس حضرموت الوطني” الذي أعلن عنه الثلاثاء في الرياض. وأضاف “يأتي هذا المكون السياسي في وقت يحاول فيه المجلس الانتقالي تعزيز حضوره داخل حضرموت الغنية بالنفط”.

وتابع السفياني في تصريح لـ”العرب”، “لم يسارع الانتقالي إلى تحديد موقف من هذا المكون الجديد لعدة أسباب أولها علاقة السعودية بإنشاء هذا المجلس، وهو أمر مشابه تماماً لقوات درع الوطن الجديدة التي لم يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي موقفاً رسمياً منها على الرغم من أنها تشكل منافسا حقيقياً لقواته في الوقت الراهن، بالإضافة إلى ذلك أن القوى الحضرمية نفسها داخل المجلس الانتقالي الجنوبي تجمعها علاقات ببعض الشخصيات والأطراف التي شاركت ضمن الوفد الحضرمي بالسعودية وتشكل اليوم جزءا من مجلس حضرموت الوطني”.

ويعتقد السفياني أن “حضارم الانتقالي حريصون على مد جسور تواصل مع المكون الجديد خصوصاً أنه قام على قواعد عامة فضفاضة لا تتعارض بالضرورة مع المجلس الانتقالي الجنوبي وأهدافه”.

واعتبر عمر باجردانه رئيس مركز المعرفة للدراسات والأبحاث الإستراتيجية – حضرموت، أن الإعلان عن المجلس الوطني الحضرمي يأتي كردة فعل على ما شهدته محافظة حضرموت مؤخرا من انعقاد الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي وتواجد قيادات الصف الأول من قيادات المجلس الانتقالي في حضرموت وما سبقه من لقاء تشاوري جنوبي جمع كل القوى الجنوبية والإعلان عن الميثاق الوطني الجنوبي.

ولفت باجردانه في تصريح لـ”العرب” إلى أن هناك قوى فقدت مصالحها في خضم تطورات المشهد الجنوبي في الفترة الماضية ورأت أنها الخاسر الوحيد من خلال صعود مشروع المجلس الانتقالي ومشروع القضية الجنوبية، وبالتالي فقد ذهبت تتمترس حول حضرموت.

يعقوب السفياني: المجلس الحضرمي مشابه لقوات درع الوطن المدعومة سعوديايعقوب السفياني: المجلس الحضرمي مشابه لقوات درع الوطن المدعومة سعوديا

ولم يستبعد أن يكون “مجلس حضرموت الوطني إعادة تفعيل لبعض هذه القوى التي وجدت نفسها خارج المعادلة السياسية خلال المرحلة السابقة لنفاجأ اليوم بعودتها إلى السطح تحت مسمى مجلس حضرموت الوطني”.

وحذر باجردانه من أنه إذا لم نرسم خارطة طريق وأهدافا محددة لهذا المجلس، وإن لم تكن هناك إعادة قراءة للمشهد في حضرموت من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي وإصلاح بعض الاختلالات داخله وتطوير آلياته وأساليبه السياسية في التعامل مع كافة القوى الجنوبية، فإن القوى التي تمت إعادة تفعيلها تحت عنوان مجلس حضرموت يمكن أن تعود إلى الحياة وتسيطر على المشهد في حضرموت وهو ما سيضعف المشروع الجنوبي ويجهض كل الإنجازات التي تحققت حتى هذه اللحظة.

واحتوت الوثيقة التأسيسية للمجلس الحضرمي الجديد على ثمانية مبادئ والتزامات عامة، في مقدمتها التأكيد على “وحدةَ حضرموت وحق أبنائها في إدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والأمنية”، و”الإقرار بالتعددية السياسية والاجتماعية في حضرموت، وحق جميع مكوناتها في ممارسة نشاطها السياسي بطريقةٍ ديمقراطية”، و”الالتزام بالأهداف المشتركة مع تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة”، وإعلان نقل السلطة، وحيادية رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وهيئاته المساندة وقيادات السلطة العليا، وعدم توظيف أو استخدام مهامهم الدستورية لتحقيق مكاسب سياسية.

كما تضمنت الوثيقة تعهد المكونات الحضرمية بتحييد مؤسسات الدولة الخدمية والأمنية والعسكرية عن أيّ خلافات بينية من شأنها الإضرار بالمصالح العامة ومفاقمة الأزمة الإنسانية في حضرموت والمشاركة في صياغة إعلان مبادئ على نطاق واسع يضمن تماسك الجبهة الداخلية، وردع أي تهديدات تستهدف حضرموت والمناطق المحررة، ودول الجوار والأمن والسلم الدوليين، ويضمن وضع البلدِ على طريق السلام، والاستقرار والتنمية.

وفي بند الترتيبات الضامنة التي جاءت في الوثيقة تم الإعلان عن تشكيل “مجلس حضرموت الوطني”، باعتباره “حاملاً سياسيًا معبرًا عن طموحات المجتمع الحضرمي”.

ويضم المجلس في عضويته أعضاء الوفد الحضرمي المشاركين في مشاورات الرياض 2023، والوزراء الحضارم في الحكومة اليمنية والمحافظ والوكلاء والوكلاء المساعدين بحضرموت وأعضاء مجلسي النواب والشورى ونواب الوزراء والقادة العسكريين والأمنيين الحضارم ورؤساء المكونات الحضرمية، إلى جانب المكونات الاجتماعية الفاعلة الأخرى.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى