تتزايد المخاوف من تراجع معدلات الخصوبة في العالم مع ما يحمله ذلك من تبعات اقتصادية واجتماعية “وخيمة” على السكان، وفق تقرير لمجلة إيكونوميست.
وتقول المجلة إن معدلات الخصوبة “انهارت”، وتتوقع أنه قبل نهاية هذا القرن، سينخفض عدد سكان كوكبنا، لأول مرة منذ انتشار الطاعون الأسود في أوروبا في القرن الـ14.
والسبب في ذلك ليس ارتفاع عدد الوفيات، بل انخفاض معدل الخصوبة، وهو متوسط عدد المواليد لكل امرأة.
وفي عام 2000، كان معدل الخصوبة في العالم 2.7، وهو أعلى من معدل الخصوبة الكلي اللازم للحفاظ على مستويات السكان الحالية، الذي يطلق عليه “معدل الإحلال”، ويبلغ 2.1.
واليوم، يبلغ معدل الخصوبة 2.3 وهو في حالة تراجع.
وأكبر 15 دولة بالعالم، حسب الناتج المحلي الإجمالي، لديها معدل خصوبة أقل من “معدل الإحلال”. وهذا يشمل الولايات المتحدة والصين والهند، والأخيرتان تمثلان معا أكثر من ثلث سكان العالم.
والنتيجة لهذا الانخفاض زيادة عدد سكان الفئة الأكبر عمرا وقلة عدد المواليد.
وبحلول عام 2030، يتوقع التقرير أن يكون أكثر من نصف عدد سكان شرق وجنوب شرق آسيا بعمر 40 عاما وأكبر، مع وفاة المسنين وعدم استبدالهم بالكامل.
كانت وزارة الصحة اليابانية، قد قالت الجمعة الماضية إن معدل المواليد انخفض للعام السابع على التوالي في 2022 إلى مستوى قياسي، الأمر الذي يلقي الضوء على أزمة ديمغرافية مع تقلص عدد السكان وارتفاع سريع في نسبة المسنين. وبلغ معدل الخصوبة حسب الوزارة 1.2565 منخفضا من مستوى سابق بلغ 1.2601 في 2005.
وأشارت الأمم المتحدة في تقرير نشر، قبل نحو أسبوعين، إلى أن التغيير الديمغرافي “يعد أحد أهم الاتجاهات الكبرى التي تؤثر على عالمنا وحياة ورفاهية العائلات في جميع أنحاء العالم”.
وأكدت أن انخفاض معدلات الوفيات والخصوبة أدى إلى شيخوخة سريعة، إذ تشير التوقعات السكانية في العالم إلى أنه بحلول عام 2050 سيصل متوسط العمر، على مستوى العالم، إلى نحو 77.2 سنة.
وتقول إيكونوميست أنه مع وفاة المسنين وعدم استبدالهم بالكامل، يتقلص عدد السكان.
وخارج أفريقيا، من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى ذروته في خمسينيات هذا القرن وينتهي القرن بعدد سكان أقل مما هو عليه اليوم.
وعن التداعيات لهذه المشكلة، تشير إيكونوميست إلى انخفاض نسبة العاملين إلى المتقاعدين، مما يبرز واحدة من أهم التحديات وهي دعم المتقاعدين الذين يحتاجون إلى الفئات الأصغر عمرا.
والآثار المترتبة على ذلك ربما ارتفاع الضرائب لدعم المتقاعدين، وتأخير سن التقاعد، وحدوث أزمات في الميزانيات الحكومية.
والمشكلة تكمن أيضا في أن الشباب أكثر حماسا للابتكار، والكبار أقل ميلا إلى المغامرة، كما أن الناخبين الكبار أقل ميلا لدعم السياسات الداعمة للنمو، وهو ما يؤثر على المجتمعات.
ويحذر التقرير أيضا من أن تراجع الخصوبة قد يؤدي، بحلول منتصف القرن، إلى ندرة في العمال الشباب المتعلمين.
لكن التقرير يشير أيضا إلى أن تراجع الخصوبة موضع ترحيب أيضا.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن انخفاض معدل الخصوبة يحمل بعض الإيجابيات إذ يؤدي “إلى فوائد للأسر لأنها تصبح أكثر قدرة على الاستثمار في صحة أطفالها وتعليمهم، مما يساعد بدوره في الحد من الفقر وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.
وتشير الأبحاث، حسب الأمم المتحدة، إلى أن انخفاض معدل الخصوبة يرتبط أيضا بزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة.
وتقول إيكونوميست إن إطلاق العنان لإمكانات فقراء العالم من شأنه أن يخفف من النقص في العمال الشباب المتعلمين دون المزيد من الولادات.
وقد يجد الاقتصاد المتشبع بالذكاء الاصطناعي أنه من السهل دعم عدد أكبر من المتقاعدين. وإلى جانب الروبوتات، قد يجعل الذكاء الاصطناعي أيضا رعاية كبار السن أكثر سهولة.