“أحبكم، لكنكم لستم جادين”.. كلمات قالها قطب الإعلام، لوجان روي، في حديثه لأبنائه المتنازعين بالمسلسل التلفزيوني “الخلافة”، وهي ذاتها الكلمات التي تدور في عقول العديد من رجال الأعمال في دول الخليج العربية وهم يكافحون لترتيب تسليم متناغم لأملاكهم إلى الجيل القادم.
ففي كثير من الأحيان، تكون القوانين إما غير موجودة أو غير كافية للتعامل مع هياكل الأعمال المعقدة عند وفاة رجل الأعمال بالخليج، ولذا تظهر الكثير من الأزمات بالشركات العائلية بعد وفاتهم، الأمر الذي دفع بعض حكومات الخليج إلى إصدار قوانين لتسوية مثل هذه القضايا، حسبما أورد تقرير نشرته “الإيكونوميست” وترجمه “الخليج الجديد”.
وضربت المجلة البريطانية مثالا بالأخوين الكويتيين، بسام وقتيبة الغانم، إذ تورطا في نزاع حول خلافة والدهما في مجموعة شركات هائلة.
في البداية، سعى الأخوان إلى تقسيم الأعمال بصورة ودية، لكن الاتهامات المتبادلة بينهما تلاحقت، ما أدى إلى توتر العلاقات داخل عائلتيهما، حتى تدخل حكام الكويت لمحاولة حل المشكلة.
وهنا يشير التقرير إلى أن مثل هذه النزاعات العائلية أكثر شيوعا في الخليج، وغالبًا ما تتأثر به سمعة الشركات، ويمكن أن يعطل عملية صنع القرار فيها، وفي بعض الأحيان يمكن أن تنهار الأعمال تمامًا.
وتؤثر مثل هذه القضية بشكل خاص على الميراث في العائلة الواسعة لملاك المجموعات الاقتصادية الكبيرة، إذ يملك بعض العرب الأثرياء عددًا كبيرًا من الزوجات والأبناء، وبالتالي، قد يكون هناك عدد كبير من المساهمين في الشركات العائلية.
وما لم يتم التخطيط بعناية، فإن القوانين تجعل ترتيب التوريث للأكثر قدرة أو الأكثر جدارة من الأحفاد أمرا صعبا.
وإزاء ذلك، يمكن للمالكين الأصليين أن ينقلوا ممتلكاتهم إلى من يرونه جديرا بإدارتها خلال حياتهم، لكن الكثير منهم لا يفعلون ذلك.
ونظرًا لعدم وجود ضريبة على الميراث في أي من دول مجلس التعاون الخليجي، فلا يوجد حافز كبير للقيام بعمليات التوريث المبكرة، وكثير من المالكين يكرهون التنحي عن إدارة كياناتهم الاقتصادية في وقت مبكر، بحسب المجلة البريطانية.
ويؤكد التقرير أن المحاكم في الخليج لم تكن مجهزة بشكل جيد للتعامل مع مثل هذه القضايا، غير أن الحكومات بدأت في تحسين القوانين الخاصة بتوريث الملكية والإدارة بالشركات العائلية.
فعندما توفي ماجد الفطيم، مؤسس إمبراطورية تجارية مقرها دبي تزيد قيمتها عن 16 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2021، عينت قيادة دبي “لجنة قضائية خاصة” للمساعدة في حل النزاعات التي نشأت بين 10 ورثة له: 3 زوجات وابن و6 بنات.
وفي يناير/كانون الثاني، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قانونًا للشركات العائلية يوضح أساليب التحكيم حال وقوع نزاع بين الورثة، لكن تطبيق هذا القانون يظل “اختياريا” حتى الآن.
تنقل المجلة البريطانية عن وليد شنيارة، مؤلف كتاب “التخطيط الأسري”، الذي يقدم المشورة للعائلات السعودية، إن المزيد من عملائه يرون الحاجة إلى العجلة في توريث الملكية والإدارة، قائلا: “أسمعهم يقولون إنهم رأوا أصدقاء لهم يتشاجرون، ولا يريدون أن يحدث هذا لعائلاتهم”.
وخلص تقرير الإيكونوميست إلى أن كثير من العائلات المالكة لمجموعات اقتصادية في الخليج بحاجة إلى قوانين الإرث الحديثة، التي تمكن أصحاب الأملاك من نقلها مع إدارتها إلى من يرونه أكثر كفاءة وجدارة في حياتهم.
متابعات