النشاط البدني يساعد في تعزيز القدرة على تحمل الألم

المشي لمدة أربع ساعات في الأسبوع يحسن التعامل مع الصداع وآلام الظهر.

أفادت دراسة حديثة بأن المشي لمدة أربع ساعات في الأسبوع يمكن أن يحسن قدرة الأفراد على تحمل الألم.

ويأمل الباحثون أن يعني هذا تقليل الحاجة إلى المسكنات للتعامل مع المشكلات الصحية اليومية مثل الصداع وآلام الظهر.

ودرس الباحثون أكثر من 10700 شخص، طُلب منهم اختيار واحدة من أربع فئات لمتوسط نشاطهم البدني في العام الماضي. وإذا قاموا بالتدريب أو المنافسات الرياضية عدة مرات في الأسبوع، فيمكنهم اختيار فئة النشاط القوي، أو يمكنهم اختيار فئة النشاط المعتدل إذا قاموا بأنشطة مثل التنس أو البستنة لمدة أربع ساعات على الأقل في الأسبوع.

وإذا كانوا يمشون أو يركبون الدراجة أو يمارسون تمرينا مشابها لمدة أربع ساعات على الأقل في الأسبوع، فإنهم يختارون فئة التمارين الخفيفة، وإذا كانوا ممّن يفضلون الجلوس، فإنهم يندرجون ضمن المجموعة المستقرة.

وطُلب من المشاركين وضع أيديهم في الماء البارد بقدر ما يستطيعون التحمل لاختبار قدرتهم على تحمل الألم.

ويمكن للأشخاص النشطين، في فئة “النشاط النشط”، إبقاء أيديهم في الماء لمدة تزيد على 16 ثانية أكثر من الأشخاص في المجموعة المستقرة (6.7 ثانية)، في حين أن أولئك الذين مارسوا تمرينا معتدلا يمكنهم تحمل الماء البارد لمدة تصل إلى 14 ثانية.

الرياضة تقلل الآلام عن طريق الحفاظ على ليونة المفاصل، والأشخاص الأكثر لياقة يشعرون بالألم بشكل أقل حدة

وكانت هذه النتائج متطابقة حتى بعد أن أخذ مؤلفو الدراسة في الحسبان العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على تحمل الألم، مثل العمر أو الظروف الصحية.

ومن المعروف أن التمارين الرياضية تقلل الآلام والوخزات اليومية عن طريق الحفاظ على ليونة المفاصل. لكن النتائج تشير إلى أن الأشخاص الأكثر لياقة قد يشعرون بأي ألم يعانون منه بشكل أقل حدة.

وقال أندرس أرنيس الذي قاد الدراسة من مستشفى جامعة شمال النرويج “قد يكون للتمرين تأثير على نفس المسارات في الدماغ مثل مسكنات الألم مثل المورفين، وإن كان بدرجة أقل بكثير. وتشير نتائجنا إلى أن النشاط البدني المنتظم يمكن أن يساعد في تحسين تحمل الألم، تماما مثل ما يسمى بنشوة العدائين التي نحصل عليها بعد الركض يمكن أن تجعل الألم يبدو أقل إيلاما”.

وتابع “هناك دراسات تشير إلى أن الأشخاص الأكثر نشاطا يستخدمون المسكنات بمعدل أقل، ونتساءل عما إذا كانت هذه التأثيرات الناتجة عن النشاط يمكن أن تجعل أشياء مثل الولادة أقل إيلاما، على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإثبات ذلك”.

وأشارت دراسات سابقة إلى أن الرياضيين لديهم قدرة أعلى على تحمل الألم مقارنة بالآخرين.

وخلص مؤلفو الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة “بلاس وان” إلى أن “ممارسة النشاط البدني أو الاستمرار فيه بمرور الوقت يمكن أن يفيد في تحمل الألم”.

كما تساعد التمارين الرياضية على التخفيف من آلام الظهر.

قد يعتقد البعض أن التدريب الرياضي يُفاقم ألم المفاصل والتيبُّس، إلا أن ذلك غير صحيح

وبينما يعتقد البعض بوجوب إراحة الظهر، فإن النشاط يساعد في تخفيف الألم ويحمي من الإصابة مستقبلا، لأن العمود الفقري مصمم للحركة والانحناء والرفع، مما يحافظ على قوة ونضارة العظام والأنسجة الرخوة.

وتساعد التمارين المنتظمة في تحسين القوة والتحمل والمرونة واستعادتها، كما تساعد على التعافي من نوبة آلام أسفل الظهر الحادة. وهذا هو السبب في أن الحفاظ على النشاط البدني هو أفضل الطرق الموصى بها للتحكم في آلام أسفل الظهر.

ورغم أن النشاط البدني موصى به على نطاق واسع لمن يعانون من الألم، لا يزال الباحثون يدرسون كيفية عمله والجرعة الأفضل لتخفيف الآلام.

وركزت النظرة التقليدية على تأثير التمرين على الهياكل المحيطة بالعمود الفقري وزيادة قوة العضلات في العمود الفقري والبطن، إلا أنها لم تشرح بشكل كامل لماذا تخفف التمارين من آلام الظهر.

وهناك أدلة متزايدة تشير إلى أن التمارين تؤدي إلى تغييرات مفيدة في وظائف الجهاز العصبي، بما في ذلك الدماغ.

ويشرح الخبراء كيف تؤثر التمارين الرياضية على شعور الأشخاص بالألم، وذلك من خلال تقليل حساسيتهم للمنبهات التي قد تكون ضارة، في ظاهرة تُعرف بنقص التألم الناتج عن ممارسة الرياضة.

هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن التمارين تؤدي إلى تغييرات مفيدة في وظائف الجهاز العصبي، بما في ذلك الدماغ

وفي أبحاث أجريت على بالغين لا يعانون من الألم، يمكن أن تؤدي نوبة واحدة من التمارين الهوائية عالية الكثافة، مثل ركوب الدراجات أو الجري لمدة 15 دقيقة، إلى تخفيف الآلام لمدة 30 دقيقة.

وهناك آلية رئيسية أخرى يُعتقد أنها مشاركة في نقص التألم الناتج عن التمرين، وتتضمن تكوين روابط جديدة ومفيدة داخل الجهاز العصبي، في عملية تسمى المرونة العصبية.

وتعمل هذه التغييرات الهيكلية في الجهاز العصبي على نطاقات زمنية أبطأ من التغييرات الكيميائية التي تحدث نتيجة نقص التألم الناتج عن التمرين، ولكن يُعتقد أنها تؤدي إلى انخفاض الألم المرتبط بالحركة بمرور الوقت.

كما تعد ممارسة التمارين الرياضية مهمة للأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل. فالرياضة تزيد من القوة والمرونة وتُقلل من ألم المفاصل وتفيد في التغلب على التعب. وفي حال كانت المفاصل المتيبّسة والمؤلمة تزعج المتدرب، فقد تبدو فكرة المشي حول البيت أو السباحة لبضعة دورات منهكة بالنسبة إليه.

ويشير الخبراء إلى أن المتدرب في هذه الحالة ليس بحاجة إلى أن يركض كعداء الماراثون أو يسبح بسرعة المتنافس الأولمبي لتقليل أعراض التهاب المفاصل، حيث يمكن أن تخفف ممارسة تمارين معتدلة الألم، وتفيد أيضاً في المحافظة على وزن صحي.

وتخفف تمارين نطاق الحركة من التيبّس وتزيد من قدرة المتدرب على تحريك المفاصل عبر نطاق كامل من الحركة. وتتضمن تمارين نطاق الحركة تحريك المفاصل عبر نطاق الحركة العادية، مثل رفع الذراعين فوق الرأس أو دفع الكتفين إلى الأمام والخلف. ويمكن القيام بتلك التمارين يوميًا أو يوم بعد يوم على الأقل.

وقد يعتقد البعض أن التدريب الرياضي يُفاقم ألم المفاصل والتيبُّس، إلا أن ذلك غير صحيح. ويُمكن أن يؤدي عدم القيام بالتمارين الرياضية في الواقع إلى زيادة الألم والتيبُّس في المفاصل.

وتعد المحافظة على قوة العضلات والأنسجة المحيطة بها أمرا في غاية الأهمية بالنسبة إلى توفير الدعم للعظام. كما أن عدم القيام بالتدريب الرياضي يؤدي إلى إضعاف العضلات الداعمة ما يُسلط المزيد من الإجهاد على المفاصل.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى