“ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يأمل أن لا يلاحظ أحد أن غزوته الأولى في السياسة الخارجية كانت فاشلة تماما”.. هكذا وصف الكاتب الصحفي، بوبي جوش، حصاد الحرب التي شنتها السعودية في اليمن عبر قيادة تحالف عسكري ضد الحوثيين، المدعومين من إيران، مشيرا إلى أن اعتراف المملكة بالواقع استغرق 8 سنوات وأكثر من 200 ألف قتيل.
وذكر جوش، في مقال نشرته “بلومبرج” أن بن سلمان يحاول تركيز الاهتمام الإعلامي حول مكانته المتصاعدة كلاعب في الشؤون الدولية، بينما يسعى إلى اتفاق سلام مع جماعة الحوثي في اليمن، جاء بمثابة هزيمة له.
مسؤولية بن سلمان
يرى جوش يرى أن بن سلمان مسؤول عن إضعاف العلاقات التي ربطت الرياض وواشنطن على مدى 8 عقود.
فمنذ صعوده إلى السلطة، والذي بدأ مع تولي والده العرش عام 2015، أظهر الأمير الشاب نفسه مرارًا وتكرارًا على أنه “زعيم غير حكيم وشريك غير موثوق به”، حسب تعبير جوش، مشيرا إلى سلوك ولي العهد “المتهور”، مثل معاملته الوحشية لخصومه في الداخل واحتجازه رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، في الرياض، وقتله كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي، وصراعه، الذي لا داعي له مع قطر، وهي حليف مهم للولايات المتحدة، ومؤخراً: تلاعبه بأسعار النفط ضد المصالح الاقتصادية الأمريكية.
وأكد جوش على أن “الموقف الذي يجد بن سلمان نفسه فيه اليوم هو من صنعه إلى حد كبير”، واصفا مآل الصراع في اليمن بأنه “إذلال” لولي العهد السعودي.
وأشار إلى أن بن سلمان كان وزيرا للدفاع يبلغ من العمر 30 عامًا فقط عندما اختار التدخل في الحرب الأهلية (اليمنية)، وكان هدفه منع قيام حكومة حوثية عبر الحدود الجنوبية للمملكة، باعتبار أن الجماعه الحوثيه لها صلات بإيران، العدو التاريخي للمملكة، وبقيادة تحالف عربي، كان يأمل في تعزيز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وكان واثقًا من إمكانية تحقيق أهدافه في غضون أشهر، وبقليل جدًا من الجنود على الأرض، عبر عزل الحوثيين بحصارهم بحريا وقصفهم جويا.
“كان الهدف الأكبر لبن سلمان هو افتتاح حقبة من السياسة الخارجية السعودية القوية، الموجهة بشكل أساسي إلى إيران، إذ رأى أن أسلافه كانوا حذرين للغاية، لدرجة الجبن، في تعاملهم مع العدو القديم” بحسب جوش.
وأشار إلى أن بن سلمان أراد أن يظهر للثيوقراطيين في طهران أن تهديداتهم بالوكالة ستقابل رداً قوياً، لكن لم يسر على هذا النحو، وفي غضون عامين، أصبح من الواضح أن القوة الجوية لن تهزم الحوثيين.
ومع استمرار الحرب، أصبح اليمن ما أطلق عليه برنامج الغذاء العالمي “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، حيث قتل مئات الآلاف من المدنيين وشرد الملايين.
وبدلاً من ردع إيران، أدى الصراع إلى تعميق نفوذ طهران، بفضل إمدادات الصواريخ والطائرات المسيرة من طهران، وطور الحوثيون تهديدًا جويًا خاصًا بهم، قادرًا على ضرب عمق الأراضي السعودية وإلحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية.
تعزيز الحوثيين
وأصبح الحوثيون الآن تحت رعاية إيران بقوة، ولم يكونوا مستعدين للتراجع، ووافقوا فقط على وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، العام الماضي.
وبحلول ذلك الوقت، كان بن سلمان يسعى، بوساطة عراقية، لمحادثات مع الإيرانيين، بهدف إنهاء القطيعة الدبلوماسية التي استمرت 7 سنوات.
وفي الشهر الماضي، أعلن الجانبان عن اتفاق لتطبيع العلاقات، وهو الاتفاق الذي فاجأ إدارة بايدن، حسبما أورد تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.
ولذا يصف جوش صفقة استعادة العلاقات الدبلوماسية بأنها “انتصار كبير لإيران، وبالتالي وكيلها اليمني”، في إشارة إلى الحوثيين.
لكن ما الذي يمكن أن يأمل السعوديون في الحصول عليه باليمن؟ يجيب جوش بأن هدف بن سلمان المتمثل في إعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أصبح “حلما شبه منسي”، وبدلاً من ذلك، تتصدر قائمة الطلبات السعودية منطقة عازلة بين البلدين.
لكن حتى هذا المطلب السعودي “ليس أكثر من ورقة تين”، بالنظر إلى ترسانة الحوثيين المتزايدة من الصواريخ والطائرات المسيرة، حسبما يرى جوش.
ويخلص الكاتب الصحفي إلى أن مآل ما جرى في اليمن يعد “إذلالا لبن سلمان” بغض النظر عن الطريقة التي تغلف بها الرياض روايتها للأحداث، مؤكدا أن “الأمير لا يلومن إلا نفسه”.
متابعات