ميرنا مكرزل: دراما المنصات تُنافس الأفلام

تؤدي الممثلة اللبنانية ميرنا مكرزل أدوارها التمثيلية بمقدار عال من الاحترافية، لدرجة أنها تتماثل مع كل دور جديد وتصنع منه حالة تستحق التنويه، وربما كان نهمها في القراءة هو السبب الرئيسي الأكبر في فهمها ودراستها الشخصيات التي تؤديها، والتي تختارها بعناية فائقة، لأنها تبحث عن النوعية بالدرجة الأولى وليس مساحة الأدوار أو عددها.. بالنسبة لها، لا الشهرة ولا المال مسوغان لخوض مجال التمثيل والاستمرار فيه، إذا لم ينبع من متعة الأداء وعشق المهنة.. في الدراما التلفزيونية لها عشرات الأعمال البارزة التي استطاعت من خلالها أن تثبت مكانتها على الساحة التمثيلية، مثل «دعوة إلى المجهول» و«العائدة» و«بالغلط» و«لوما التقينا».. إلخ، وفي السينما كان آخر أعمالها فيلم «كل الطرق تؤدي إلى روما» الذي بدأنا لقاؤنا معها بالحديث عنه:

* عدت أخيراً من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، بعد مشاركتك من خلال فيلم «كل الطرق تؤدي إلى روما»، ماذا تقولين في هذه المشاركة؟

– مشاركتنا بالفيلم في المهرجان كانت قبل انطلاقته رسمياً في الصالات اللبنانية، ولاقى نجاحاً لافتاً في المهرجان المصنف ضمن فئة «الروائع العربية»، وقد أثنت الصحافة العربية على الفيلم، ومن الكلام الجميل الذي سمعته عنه هناك أن الفيلم أعاد إلى الأذهان جمال لبنان الطبيعي.

* الفيلم نخبوي أكثر منه تجارياً؟

– هو يجمع الناحيتين، فهو لا يغرق في «حك الرأس»، ولا يصل إلى المرحلة التجارية البحتة، باختصار هو فيلم عالمي بامتياز، ببساطته، قصة يهرب فيها البطل النرجسي من ضوضاء المدينة إلى مكان يطلب فيه الهدوء والسكينة، ضمن أحداث بسيطة، غير متكلفة، فيرى نفسه بطريقة أخرى مختلفة، ويقع في حب غير متوقع يُمكن أن يحصل في أي زمان أو مكان.

* هذا يعني أن الصناعة السينمائية اللبنانية بخير برأيك؟

– هي ليست بخير نظراً للظروف الصعبة الراهنة التي نعيشها على كل المستويات، ولكني دائماً أقول إن قدرنا ألا نستسلم، وكلما كان لدينا القدرة على العمل فهذا يعني أننا نستحق النجاح، ولا تنسي أن تصوير فيلم «كل الطرق تؤدي إلى روما» تم تصويره في عز أزمة «كورونا»، وكان بالنسبة لي بما يحمله من مخاوف وتحديات متنفساً للخروج من بين أربعة جدران، وقد اصطحبت معي ولديَّ الاثنين أثناء التصوير إلى منطقة الأرز، حيث تابعا دراستهما عبر الإنترنت من هناك، ويجب على صناع السينما اليوم التفكير من منطلق الفن وليس من المنظور التجاري لكي يستمر وجودنا الفني.

الأيام الصعبة

* أنت من أنصار العمل في الفن من أجل الفن في هذه الأيام الصعبة؟

بالتأكيد، فأنا لم أدرس في الجامعة من أجل شهرة أو عمل لمدة 10 سنوات فقط، بل لأتعامل مع الفن كمهنة، لا أُجيد غيرها.

* كيف عملت لتطوير نفسك؟

– أنا قارئة نهمة، فالقراءة بالنسبة لي وجبة يومية أهم من الأكل، وكل قراءاتي تملأ ذاكرتي بشخصيات وملامح معينة، فعندما نقرأ نَمُرُّ بمراحل معينة، ولا يُمكن أن نتصور مدى الغنى الذي تعطيه القراءة للممثل من أفكار، واختبار لأجناس البشر، واستفدت منها في تركيب كل الأدوار والشخصيات التي قدمتها.

* وهل تقرئين كل ما يقع تحت يدك؟

– أختار القصص التي تعتمد على كاراكترات معينة، إما من طبقات مختلفة، أو من زمن مختلف سابق، أو لاحق خيالي، أقرأ أيضاً سيراً ذاتية، وأموراً مُتعلقة بعلم النفس، كل شيء تقريباً..

* هل تحاولين ترجمة الأفكار، التي تختمر في رأسك نتيجة القراءة كتابياً؟

– في فترة الحجر الصحي، قمت بتجربة فكتبت، وتعبت في الكتابة لكثرة ما أعدت قراءتي، لأتأكد أني لم أزح عن الخط في أي شخصية من شخصياتي، لأن الممثل حين يكتب يختلف في كتابته عن الكاتب العادي، وبعد 26 حلقة توقفت عن الكتابة، وقررت أن أعيد القراءة لتجويدها أكثر، ولكني لم أعرض العمل على أحد بعد.

الطريقة الخاصة

* هل التمثيل متعب؟

– هو ليس قراءة ورق وتسميعه أمام الكاميرا بالنسبة لي، ولم أعمل بهذه الطريقة، بل غالباً ما كنت أطلب من الكاتب أن أُعطي من ذاتي نفس المعنى والمضمون ولكن بطريقتي الخاصة وكلماتي، لأنني لا أستطيع تقديم الشخصية على ورق كربون.

* هناك حركة مسرحية لافتة اليوم، علماً أننا نعيش زمن الدراما، كيف تنظرين إليها؟

– سعيدة جداً بها، لأنني عاشقة للخشبة ولعالم أتواصل فيه مباشرة مع الجمهور في إحساس لا مثيل له، وأنتظر عودتي إليه بفارغ الصبر، بعدما يصبح بإمكاني ترك ولديَّ وحدهما، لأني لست من النوع الذي يعهد بمسؤولية أولاده لأحد مهما كان من أمر، ولا أريد لحياتي المهنية أن تؤثر عليهما، فهما الأولوية في حياتي، ولهذا رافقاني إلى افتتاح الفيلم لأول مرة.

* كيف تنظرين إلى الحركة الدرامية اللبنانية، وهل تعتقدين أن التلفزيون في خطر بمواجهة المنصات؟

– لو سُئلت هذا السؤال من قبل، في العام 2015 مثلاً، لقلت إن التلفزيون في خطر، ولكن اليوم أصبح هناك موجة عالمية لعمل مسلسلات لمن لا يرغب في الذهاب إلى السينما، وأصبحت «نتفلكس» وجهة كثيرين من هواة النوع لمشاهدة مسلسلات تكاد تُنافس الأفلام، وتتضمن كل مقومات السينما، مما أعاد للتلفزيون مكانته في الفترة الأخيرة.

* أنت مع فكرة الاقتباس؟

– لست ضدها، لكن بشرط أن تشبه مجتمعنا وواقعنا، أنا مع الاقتباس وليس النسخ، وهذا موجود في كل دول العالم.

* هل نضبت الأفكار في لبنان؟

– الأفكار هي نفسها في كل زمان ومكان من 200 عام إلى اليوم، كلها استعملت، والكاتب الماهر هو الذي يعرف كيف يعالج الموضوع والأفكار بطريقة ذكية لتبدو جديدة، ولكن المشكلة في عالمنا العربي أننا نكتب لأشخاص.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى