البرلمان الأوروبي يجرد كايلي من منصبها بعد “فضيحة الفساد” المرتبطة بقطر.

صوت البرلمان الأوروبي، الثلاثاء، لصالح تجريد، نائبة رئيسته، إيفا كايلي، من منصبها بعد اتهامها لها وآخرين بتلقي أموال من قطر مقابل منح الدولة الخليجية تأثيرا على القرارات السياسية في بروكسل.

ونفت كايلي على لسان محاميها، ارتكاب أي خطأ وذلك في أول تعليق من النائبة اليونانية على قضية الفساد المرتبطة بدولة خليجية.

يواجه الاتحاد الأوروبي مزاعم بأن قطر التي تستضيف حاليا كأس العالم لكرة القدم، قدمت رشوة لمسؤولين حاليين وسابقين في برلمان الكتلة القارية.

وكانت كايلي، وهي إحدى نواب رئيس البرلمان الأوروبي الأربعة عشر، من بين أربعة أشخاص اعتقلتهم السلطات البلجيكية ووجهت إليهم اتهامات في مطلع الأسبوع بأن قطر أغدقت عليهم بالمال والهدايا مقابل التأثير على صنع القرار.

وأثارت الفضيحة غضبا في بروكسل ومخاوف بين نواب البرلمان الأوروبي والزعماء السياسيين من أن تزيد من اهتزاز صورة الاتحاد الأوروبي في الداخل والخارج، مما دفع البرلمان إلى أن ينأى بنفسه سريعا عن كايلي.

ويعتبر البرلمان الأوروبي نفسه بوصلة أخلاقية في بروكسل، إذ يصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم وتحمل حكومات الاتحاد الأوروبي المسؤولية.

بعد ما لا يقل عن 20 مداهمة تفتيشية في أنحاء بروكسل منذ صباح، الجمعة، بما في ذلك داخل مكاتب البرلمان الأوروبي، صادرت السلطات البلجيكية أكثر من مليون دولار نقدا وجمدت الوصول إلى الحسابات الإلكترونية لعشرة مسؤولين برلمانيين للحفاظ على بيانات التحقيق واحتجزت ستة أشخاص قيد الاستجواب، بحسب “واشنطن بوست”.

والأحد، وجه قاض بلجيكي اتهامات لأربعة أعضاء البرلمان الأوروبي، قائلا إن يشتبه بهم بغسيل الأموال والفساد والمشاركة في منظمة إجرامية نيابة عن “دولة خليجية”.

لم تؤكد السلطات الأوروبية بعد الدولة المتورطة، لكن وسائل الإعلام البلجيكية حددت الدولة على أنها قطر وذكرت أن المتهمين من بينهم نائبة رئيس البرلمان الأوروبي وشريكها المساعد البرلماني، فرانشيسكو جيورجي، بالإضافة إلى العضو السابق في البرلمان الأوروبي، بيير أنطونيو بانزيري.

وبحسب ما ورد تم القبض على آخرين في التحقيق، من بينهم رئيس نقابة مقرها بروكسل ومواطن إيطالي لم يتم ذكر اسمه وفق صحيفة “واشنطن بوست”. في المقابل، نفت قطر ارتكاب أي مخالفات.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” إن أي صلة لهذه التحقيقات بكأس العالم مسألة لا تزال غير واضح.

وأكد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس أن كايلي (44 عاماً) وثلاثة أشخاص آخرين سجنوا بقرار من قاضٍ في بروكسل بعد يومين على توقيفهم في إطار تحقيق بشأن مبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر للتأثير في قرارات داخل هذه المؤسسة الأوروبية الرئيسية لتنظيم مونديال 2022.

من هي إيفا كايلي؟

والسبت، أوقفت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، كايلي من “سلطاتها وواجباتها ومهامها” كنائبة للرئيس.

وقبل توجيه الاتهام إليها في هذه القضية وتجريدها من مناصبها الرسمية، كانت اليونانية، إيفا كايلي، 44 عامًا، عضوًا في البرلمان الأوروبي.

وتعرف اليونانيون إلى، إيفا كيالي، عبر شاشات التلفزيون عندما بدأت تقدم نشرة الأخبار على محطة ميغا المحلية بين العامين 2004 و2007.

في تلك السنة، انتخبت عضوا في البرلمان اليوناني في سن التاسعة والعشرين. وكانت يومها أصغر نائبة في حزب باسوك.

وفي العام 2014 انتخبت إلى عضوية البرلمان الأوروبي في مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين واحتفظت بها بنتيجة الانتخابات الأوروبية في 2019. وفي يناير 2022 انتخبت نائبة لرئيسة البرلمان الأوروبي منذ الدورة الأولى.

وأوضح المصدر القضائي لوكالة فرانس برس أن كايلي لا تستطيع الإفادة من حصانتها البرلمانية لأنها أوقفت “في حالة تلبّس”.

وأكد هذا المصدر العثور على “أكياس مليئة بالأوراق النقدية” في شقة النائبة الاشتراكية الأوروبية. وفقا لصحيفة “ليكو” البلجيكية، تمت مصادرة بعض هذه الأموال خلال مداهمة منزل كايلي، الجمعة.

ما هو الدور القطري المزعوم؟

يشتبه المدعون البلجيكيون في أن “الأطراف الثالثة في المناصب السياسية والاستراتيجية داخل البرلمان الأوروبي قد دفعت مبالغ كبيرة من المال أو قدمت هدايا كبيرة للتأثير على قرار البرلمان”.

وأفادت وسائل الإعلام البلجيكية على نطاق واسع أن “الدولة الخليجية” المشتبه في كونها وراء المخطط هي قطر، على الرغم من أن سلطات الاتحاد الأوروبي لم تسمها.

وذكرت صحيفة “بلوبتبكو” أن كايلي سافرت مؤخرا إلى قطر، حيث التقت بوزير العمل، علي بن سميخ المري، على الرغم من تأجيل رحلة سابقة نظمت لوفد من البرلمان الأوروبي من قبل المسؤولين القطريين دون إشعار مسبق يذكر.

وفقا لصحيفة “بولبتبكو”، شهدت كايلي تصويتا للجنة العدل والشؤون الداخلية بالبرلمان الأوروبي – التي ليست عضوًا فيها – لدعم اقتراح للسماح للقطريين والكويتيين بالسفر بدون تأشيرة داخل منطقة شنغن في الاتحاد الأوروبي.

كما وصفت البلاد بأنها “في طليعة مجال حقوق العمال” بمناظرة جرت في 21 نوفمبر حول انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة أثناء تشييد البنية التحتية لكأس العالم.

في ختام تلك المناقشة، أدان البرلمان الأوروبي مقتل آلاف العمال المهاجرين أثناء بناء ثمانية ملاعب وتوسيع مطار وتشييد مترو جديد، والعديد من الفنادق والطرق الجديدة. وانتقدت الهيئة الأوروبية كلا من قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”.

في المقابل، نفت الحكومة القطرية أي تورط لها في مخطط الفساد المزعوم قبل أيام على نهاية كأس العالم لكرة القدم بالدوحة.

وقالت البعثة القطرية لدى الاتحاد الأوروبي في تغريدة، الأحد، إن “دولة قطر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لربطها باتهامات بسوء السلوك”.

وأضافت أن “أي ارتباط للحكومة القطرية بالادعاءات المبلغ عنها لا أساس له من الصحة ومضلل بشكل خطير”.

ماذا يعني هذا بالنسبة للسياسة الأوروبية؟

تثير التهم أسئلة جديدة حول الفساد واستغلال النفوذ في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مما يضع المسؤولين الحاليين والسابقين تحت المراقبة ومن المحتمل أن يؤدي إلى دعوات لإصلاح الرقابة المؤسسية.

علقت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الاثنين، على فضيحة تشكيل مجموعة ضغط داخل البرلمان الأوروبي، تورط فيها مسؤولون من قطر، بحسب مزاعم.

وقالت فون دير لاين للصحفيين: “إننا نراجع على موقعنا، سجل الشفافية لدينا، حيث يتم نشر جميع اجتماعات الدول الأعضاء وأعضاء حكوماتهم، مع ممثلي الجهات المشاركة”.

في بروكسل، كانت هناك صدمة بعد هذه الأنباء، لكنها لم تكن مفاجئة، حيث أشار مراقبو وخبراء الاتحاد الأوروبي إلى المخاوف القديمة بشأن مؤسسات الكتلة، ولا سيما البرلمان الأوروبي.

وكتب أستاذ قانون الاتحاد الأوروبي في مقال رأي بصحيفة “بوليتيكو أوروبا” إن “المال يشتري النفوذ في الاتحاد الأوروبي”.

وقال أليمانو إنه “مهما كانت النتيجة النهائية، كشفت فضيحة “الفساد” القطرية النقاب عن حقيقة غير مريحة بالنسبة لمعظم الأوروبيين”.

من جهته، قال مدير منظمة الشفافية الدولية بالاتحاد الأوروبي، ميشيل فان هولتن، في بيان: “في حين أن هذه قد تكون أفظع قضية فساد مزعوم شهدها البرلمان الأوروبي منذ سنوات عديدة، إلا أنها ليست حادثة منعزلة”.

قال فان هولتن إن البرلمان الأوروبي “سمح بتطور ثقافة الإفلات من العقاب” بفضل القواعد المالية المتراخية وغياب الرقابة الأخلاقية المستقلة، مضيفا أن أعضاء البرلمان الأوروبي أوقفوا محاولات تغيير ذلك.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى