لكل شخص يدٌ مهيمنةٌ يُفضّلها بطبيعته عند القيام بمهام أساسية كالكتابة أو الأكل أو سحب الأشياء.
بالنسبة للأغلبية، اليد اليمنى؛ وللآخرين، اليسرى، أو في بعض الحالات كلاهما.
ومن المثير للاهتمام أن هذا التفضيل البسيط والطبيعي لليد المهيمنة يُمكن أن يُقدّم رؤى جوهريةً حول الصحة النفسية، بل وقد يرتبط ببعض الحالات النفسية السريرية.
وكشفت دراسة نشرت في مجلة النشرة النفسية، أن الأشخاص الذين لا يستخدمون اليد اليمنى، أي الذين يستخدمون اليد اليسرى أو المختلطة، مثل الذين يستخدمون كلتا اليدين اليمنى واليسرى، هم أكثر عرضة لإظهار ظروف صحية عقلية أو عصبية نمائية .
وفحصت الدراسة بيانات الأشخاص، ونظرت إلى صحتهم العقلية واضطرابات النمو العصبي لديهم، إلى جانب تفضيلاتهم لليد المهيمنة، سواء كانوا يستخدمون اليد اليمنى أم اليسرى أم الاثنتين.
وأثبتت نتائج الدراسة وجود صلة، فالأشخاص المصابون بحالات مثل التوحد، والفصام، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والإعاقة الذهنية، كانوا أكثر عرضة بمقدار مرة ونصف لعدم استخدام اليد اليمنى.
علاوة على ذلك، لا يقتصر الأمر على استخدام اليد اليسرى فحسب.
في الواقع، أظهر الأشخاص الذين يستخدمون كلتا اليدين خطرًا أكبر للإصابة بهذا النوع من اضطرابات الصحة العقلية والنمو العصبي.
لماذا يحدث هذا؟
أظهرت الدراسة كيف ترتبط اليد المسيطرة ارتباطًا جوهريًا بكيفية تنظيم الدماغ، وينطبق هذا بشكل خاص على مناطق الدماغ التي تُنظّم المهارات الحركية واللغوية.
وتعتمد معظم الحالات النفسية في المقام الأول على كيفية عمل مناطق الدماغ، وبشكل عام، على كيفية توصيل الدماغ.
حيث يمكن لليد المسيطرة (أو اليدين، في حالة الأشخاص الذين يستخدمون كلتا يديهم) أن تكشف الكثير عن هذا الأمر.
وأوضحت الدراسة كيف أن هذا الارتباط أقوى في الحالات النفسية التي تبدأ في مرحلة مبكرة من الحياة، مثل عُسر القراءة، والتوحد، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وهذا منطقي لأن الطفولة هي المرحلة التي يطور فيها الشخص عادةً يدًا مهيمنة، وهناك تشابه بين كيفية اختيار الشخص ليده المهيمنة وكيفية تأثير هذه الحالات على نمو الدماغ، ما يشير إلى أن نمو الدماغ في ظل هذه الاضطرابات يؤثر أيضًا على اليد التي يستخدمها الشخص في أنشطته اليومية.
لكن هذا ليس مدعاةً للقلق، فكون الشخص لا يستخدم يده اليمنى لا يعني بالضرورة إصابته باضطراب نفسي.
في الواقع، هو مؤشر بسيط يُظهر كيفية تطور الدماغ، وتفضيل اليد ليس إلا مؤشرًا، وليس تشخيصًا.
متابعات